وجد ما يقرب من 45 مسافرا، دقائق قليلة قبل موعد إفطار يوم أول أمس الخميس، أنفسهم في قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي الغساني بمدينة فاس، بسبب إصابتهم بجروح متفاوتة الخطورة جراء حادث انقلاب القطار رقم 206 القادم من وجدة في اتجاه الدارالبيضاء. وتابع عدد من السياح الذين أقاموا في فندق يشرف على الغابة تفاصيل الحادث. وفضل عدد من المسافرين الانزواء بأمتعتهم تحت الأشجار لاستعادة الأنفاس بعد خروجهم من النوافذ والأبواب بدون إصابات، قبل أن يعمد رجال الأمن والوقاية المدنية إلى مساعدتهم في حمل أمتعتهم للوصول إلى حافلات النقل الحضري، والتي كلفت بإيصالهم إلى محطة القطار لمواصلة الرحلة عبر قطار آخر من قطارات الخليع المخيفة في اتجاه مدنهم. حالة من الرعب والهلع سادت في أوساط أكثر من 300 مسافر كانوا على متن الرحلة على بعد نصف كيلومتر عن محطة القطار لمدينة فاس، وهم يهرولون يمينا ويسارا ويبحثون عن أقرب المنافذ المؤدية إلى الخروج من مقطورات القطار التي انقلبت تقريبا رأسا على عقب، في غابة مجاورة لوسط المدينة تعتبر من البؤر السوداء التي يلجأ إليها المنحرفون للاختباء من مطاردات رجال الأمن في وسط المدينة. واستنفر الحادث ساكنة حي باب الغول المجاور للغابة، قبل أن تتدخل الوقاية المدنية بسيارات الإسعاف ورجال الأمن ورجال القوات المساعدة. فقد عمد رجال الإسعاف إلى البحث عن الجرحى داخل المقطورات الثلاث التي انقلبت رأسا على عقب، وتولى رجال الأمن عملية مراقبة أمتعة المسافرين، ولزم رجال القوات المساعدة جنبات الطريق، تخوفا من أن يسفر غضب المسافرين عن احتجاجات. وتم نقل المصابين إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي الغساني الذي استنفر بدوره أطقمه الطبية، ونقلت بعض الحالات الحرجة إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني لتلقي العلاجات في أقسامه التي تتوفر على تجهيزات طبية متطورة، عكس المستشفى الإقليمي الذي يرقد في سبات، ويكاد يتحول إلى بناية مهجورة. لكن ما أثار غضب المصابين في المستشفى الإقليمي تدخل إدارة المستشفى لإجبارهم على أداء ثمن العلاجات، وقالت المصادر إن مندوب الصحة تدخل لإطفاء هذا الغضب وأرجع المبالغ المالية لشخصين كانا قد أديا الثمن لمصلحة الحسابات، وقدمت العلاجات للمصابين بالمجان. وقرر والي الجهة الجديد، محمد الدردوي، رفقة عدد من مسؤولي السلطة المحلية، الإفطار في عين المكان، وأشرف على عمليات التدخل التي تم القيام بها. وحضر جل المسؤولين الأمنيين إلى مكان الحادث، وسجل غياب واضح للمسؤولين الجماعيين. وقالت المصادر متهكمة من هذا الغياب إن عددا منهم يغلقون هواتفهم النقالة تفاديا ل«إزعاج» المواطنين، ويغطسون في نوم ثقيل في شهر الصيام، دون أن يبالوا باحتمال وقوع حوادث مؤلمة مشابهة لما وقع في غابة «السلايكي». وأفاد المكتب الوطني للسكك الحديدية أن انحراف القطار عن السكة قد يكون نجم عن «عمل تخريبي ارتكبه مجهولون». موضحا أنه «وفقا للمعاينات الأولية فإن الأمر قد يتعلق بعمل تخريبي تم ارتكابه من قبل مجهولين قاموا بسرقة عدة مثبتات تستخدم لتثبيت قضبان السكة الحديدية مما تسبب في تفكك هذه القضبان، وبالتالي انحراف القطار». وفتحت السلطات القضائية تحقيقا في الموضوع. وشوهد عدد كبير من عناصر فريق أمني خاص تستجمع المعطيات بمكان الحادث، وهي العملية التي استمرت إلى وقت متأخر من الليل. ورفض مسؤول أمني الكشف عن التحريات الأولية حول أسباب هذا الحادث. وقالت جيهان الحدادي، إحدى المسافرات اللواتي عشن صدمة انقلاب القطار، إن القطار خرج عن سكته قبل أن تنقلب عرباته. وأوضحت أن القطار جاء بسرعة فائقة، بعدما سجل بعض التأخر في محطة تاوريرت. وأكد مسافر آخر، فضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن ميلان القطار كان مفاجئا. وتحدث بدوره عن السرعة غير العادية التي كان يسير بها القطار، قبل أن ينقلب في منعرج غابة «السلايكي» التي تحولت إلى مسرح لإفطار شبه جماعي بما تيسر من الحليب والتمر. وسارعت السلطات المحلية إلى الاستعانة بحافلات النقل الحضري لإيصال المسافرين إلى محطة القطار، ليتم نقلهم على متن قطارات أخرى إلى مدنهم. وقالت المصادر إن حركة القطارات المتوجهة إلى الجهة الشرقية ستعرف بعض الارتباك في انتظار اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإصلاح الأعطاب التي أصيبت بها السكة والتي تشير كل الفرضيات إلى أن وضعيتها الهشة كانت وراء الحادث الذي كاد يتحول إلى فاجعة.