انتقد محمد أبيض، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، بشدة أداء حكومة عبد الإله بنكيران، وقال إنها تعمل دون أجندة مسطرة ومعلنة لسلم الأولويات وتشتغل وكأنّ بينها وبين الدستور الجديد مسافة طويلة لا تحاول، على الإطلاق، تقليصها أو تقريبها. وأوضح أبيض، في كلمة ألقاها في القنيطرة، عشية أول أمس، بمناسبة انعقاد اللجنة الإدارية للحزب، أن الحكومة الحالية ما تزال، حتى اليوم، تتخبط في الجزئيات التدبيرية والملاسنات البينية والقفشات الكلامية والنكث التمليحية»، دون أن تكترث بالأوضاع الاقتصادية والمالية الخطيرة التي تتربص بالمغرب وكذا بالإكراهات الزمنية والتشاركية التي يفرضها تنزيل القوانين التنظيمية التي يتوقف عليها تفعيل الدستور وتنزيله على أرض الواقع. واعتبر الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري أن الحكومة أخطأت المرامي الأساسية التي كان من المفروض أن تبدأ بها وتنطلق منها لطمأنة الشعب المغربي ولترجمة روح الدستور الجديد، ولوضع سكة العمل الحكومي في اتجاه خلق تعبئة وطنية من أجل تجسيد مضامين هذا الدستور الذي يشكل، في نظره، الخلاص الكبير للبلاد من كل ما علق بها من ما أسماه مخلفات سنوات التعثر والفساد وإهدار الأموال والمقدرات العامة، وتابع: «للأسف، هناك اختلالات كبرى، والملك وحده من يحرص، في جميع خطوات ومبادراته، على الاحترام الصارم لمقتضيات الدستور». وأبدى محمد أبيض، الذي كان مرفوقا بعدد من أعضاء المكتب السياسي لحزبه، تخوفه من أن تلجأ حكومة بنكيران إلى اعتماد سياسة التسريع وحرق المسافات لإنتاج قوانين لم تحظ بالنقاش الكافي والتحليل الوافي، وهو ما يُهدّد بإفراغ الدستور من محتواه، وقال: «من المؤسف جدا أن نصل اليوم إلى درجة من الخطورة تعيدنا إلى البداية الصعبة.. إن تفاقم العجز في المالية العمومية الذي استمر لأربع سنوات يهدد اليوم، وبشكل خطير، هذه التوازنات الاقتصادية، مما قد يعيننا إلى سنوات التقويم الهيكلي»، مشددا على ضرورة المعالجة العميقة والشاملة لصندوق المقاصة ولعجز الميزان التجاري والميزان الجاري بشكل خاص. واعتبر المسؤول الحزبي أن حكومة بنكيران أجهضت مبدأ محاربة اقتصاد الريع، بنزعتها وبغياب حس الاحترام في تعاطيها مع مثل هذه القضايا، وأضاف أنه رغم أن حزبه مع إصلاح ومراجعة مبدأ دعم المواد الأساسية بالنسبة إلى الفئات المحتاجة، فإنه يرفض في الوقت نفسه القيام بها في هذه الظرفية، كما أعرب عن أسفه لتعامل الحكومة مع ملف إصلاح القطب العمومي للإعلام بالأنانية السياسية وتغييب روح التشاور والتشارك حتى مع محيط الأغلبية ذاتها، حسب تعبيره. وتساءل محمد أبيض، باستغراب، عن مبررات تحاشي الأطراف المكونة للحكومة الظهور وأخذ المبادرات وتركها لفئة معينة من الوزراء ومن البرلمانيين مهمة التصريح والتشهير وخلط الأوراق، قائلا :لقد أصبحنا وكأننا أمام حكومتين: إحداهما مُبادِرة والثانية باردة.. لقد وجدنا أنفسنا لأول مرة أمام وزراء يهددون بالاستقالة عند أول صعوبة تلاقيهم، وكأن العفاريت والتماسيح تتربص بهم فعلا في كل مكان»، داعيا بنكيران إلى ضرورة الرجوع إلى «الرزانة والمسؤولية المشتركة والتفريق بين تدبير الحزب وتدبير شؤون الدولة ومصائر العباد».