عاش سجن عكاشة بالدار البيضاء حالة طوارئ ورجة غير مسبوقة بعد التقرير الأخير للجنة البرلمانية الذي تضمن حقائق صادمة تشير إلى تورط أسماء كبيرة من إدارة السجن والمندوبية العامة لإدارة السجون في المتاجرة في الحشيش وقطع السجائر وتعبئة الهواتف. وذكر مصدر مطلع أن مندوبية السجون تعيش بدورها حالة استنفار قصوى تعكسها الاجتماعات الماراثونية، التي يترأسها عبد الحفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون، والتي يعقدها مع كبار مساعديه (حلمي، بنعمرو، عبيد الله، بشرى تومورو، وكذا رئيس قسم التفتيش) داخل وخارج ساعات العمل لإيجاد صيغة ملائمة يتضمنها رد بنهاشم، الذي من المرتقب أن يلقيه أمام لجنة العدل والتشريع يوم الأربعاء المقبل بالبرلمان. ومنذ صدور تقرير اللجنة البرلمانية حول واقع سجن عكاشة لوحظ اختفاء علب السجائر المهربة من نوع «ليجون» الحمراء من السجن. كما أوقفت الشبكة، التي كانت تدير تجارة المخدرات داخل السجن، نشاطها الاعتيادي، وهو ما تسبب في ارتفاع سعر مخدر الشيرا، الذي تضاعف سعره ثلاث مرات مقابل سعره العادي. فيما أصبح تداول الهاتف المحمول أمرا مستعصيا، بعدما كثفت الدورية الأمنية المكونة من موظفي السجن عمليات التفتيش. كما صدرت تعليمات لسجناء حي «أبو ظبي»، الذي يضم سجناء ميسورين، ليتخلصوا من المعدات وتجهيزات الرفاهية التي بحوزتهم (مواقد كهربائية، أواني طبخ كهربائية، مراوح، جهاز بلاك بيري، دي في دي، هواتف المحمولة). وأكد بنهاشم ل«المساء» أنه يثمن عمل اللجنة، مضيفا «أحترم التقرير وعمل اللجنة، غير أنه يجب افتحاص كل ما تضمنه التقرير على أرض المؤسسة السجنية، وآنذاك سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة في حق كل من ثبت تورطه. وإن اقتضى الحال سيتم عرض الملف على المحاكم المختصة». وقد لوّح بنهاشم، حسب مصادر مطلعة، في بعض الاجتماعات التي ترأسها بالاستقالة.إذ قال: «أنا خادم هذا الوطن، وخادم صاحب الجلالة، ولن أتخلى عن مسؤوليتي ما حييت. لكن إذا أرغمت على تقبل وضع غير مقبول فلا أرى بدا من الرحيل». غير أنه نفى ذلك في اتصال ب«المساء»، وأكد بأنه «خادم الوطن وخادم صاحب الجلالة»، لكن «لا جهة يمكن أن ترغمه على الرحيل». وأضافت مصادر «المساء» أن هناك مساعي حثيثة لتحديد لائحة بأسماء السجناء الذين زودوا أعضاء اللجنة ببعض البيانات. كما أن هناك مساعي لتحديد هوية موظفين تحدثوا إلى أعضاء اللجنة البرلمانية، التي حبل تقريرها بمعطيات تقنية يستعصي على السجناء معرفتها. ويخشى الموظفون، حسب مصادر «المساء»، من إجراءات عقابية أسوة بما شهده سجن بولمهارز بمراكش حين كشف مديره الحالي شبكة تنشط في المخدرات، حيث تم توقيف 10 موظفين منذ أزيد من سنة لا يزالون يعرضون على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش، فيما أعفي كبار المسؤولين من المساءلة، غير أن مديرا سابقا لسجن بولمهارز أوقف هو الآخر فترة محدودة تمكن من نيل ترقية استثنائية وعُيّن مندوبا جهويا.ومن المرتقب أن يستند رد بنهاشم أمام اللجنة البرلمانية على إحصائيات رسمية تهم في جانب منها تقليص نشاط سوق المخدرات داخل السجون منذ إحداث المندوبية العامة، أي على امتداد أربع سنوات، وكذا الإحصائيات الرقمية بخصوص عملية الضبط التي عرفها سجن عكاشة والقضايا المحالة على النيابة العامة والإجراءات التأديبية في حق بعض الموظفين المخالفين لضوابط القانون. كما سيسعى إلى إبراز الطرق الملتوية التي تلجأ إليها الأسر لتسريب المخدرات، فضلا عن نتائج تقرير لجنة التفتيش التي تباشر عملها منذ تلقي بنهاشم صفعة تقرير اللجنة البرلمانية. الرجة التي أحدثها التقرير البرلماني لا تعود فقط إلى خطورة المعلومات المتضمنة به، والتي تعتبر من باب تحصيل حاصل باعتبارها حقيقة ملموسة لأن وضعية السجون سبق أن عكستها تقارير جمعيات حقوقية وطنية ودولية، لكن الخطورة تكمن في الجهة التي صاغت التقرير والقوة التي باتت تتمتع بها في ظل التنزيل الجديد للدستور.كما أن الخطورة تتمثل في كون التقرير أشار إلى «أخطبوط « الفساد الذي ظل يستفيد من المتاجرة في المخدرات والهواتف النقالة داخل عكاشة.