كما أن هذه الوثيقة (المنشور الذي قامت وزارة الاقتصاد والمالية المغربية بإصداره والذي يعدد إجراءات القيام بعملية تحويل جزء من الديون إلى استثمارات) بينت الطريقة التي تتم بها عملية شراء الديون، حيث إنه من خلال الفصل 3، وانطلاقا من النموذج الفرنسي (الشراء لدى الخزينة الفرنسية) مثلا، يلاحظ أن كل مستثمر، وبعد حصوله على الموافقة الكتابية من طرف السلطات المغربية -وزارة المالية- في إطار آلية تحويل الدين إلى استثمارات، يتقدم بطلب إعادة الشراء إلى الوزارة الفرنسية للاقتصاد والمالية والصناعة، وذلك حسب المسطرة التي تحددها هذه الأخيرة في هذا الشأن. ويمكن للمستثمر، في أجل لا يتعدى 120 يوما من تاريخ تبليغه بالموافقة، أن يقوم بإعادة شراء الديون لدى الخزينة الفرنسية (حيث إن المستثمر الذي يجري مناقصة يؤدي لدى الخزينة الفرنسية المبلغ المتفق عليه في التاريخ المحدد، هذه الأخيرة تُعلم الخزينة المغربية في نفس اليوم بالأداء من طرف المستثمر)، وتعتبر عملية تحويل الدين إذا لم تنفذ بعد هذا الأجل ملغاة. أما عن كيفية تحويل الدين، فحسب الفصل 4 من المنشور المتعلق بآلية تحويل الدين إلى استثمارات، تقوم الخزينة المغربية، في أجل لا يتعدى 15 يوما بعد التوصل بإشعار من السلطات الفرنسية بأداء المبلغ من طرف المستثمر، بأداء المبلغ بالدرهم المغربي في حساب بنكي بالمغرب يختاره المستثمر، ويمثل هذا المبلغ مقابل القيمة الإسمية للدين بالفرنك الفرنسي مضروبا في سعر الشراء للدين المتفق عليه. وبخصوص معدل الفرق، يؤخذ بعين الاعتبار سعر الشراء المحدد من طرف بنك المغرب في تاريخ شراء الدين لدى الخزينة الفرنسية من طرف المستثمر. وللإشارة، فإن آلية وإجراءات تحويل الديون، من حيث إطارها التنظيمي وشروطها، تطبق بشكل موحد على كل الديون الخارجية التي يتفق بشأن تحويلها إلى استثمارات، سواء في ما يخص ديون فرنسا أو إسبانيا أو إيطاليا... ومن حيث حصيلة عملية تحويل الديون الخارجية إلى استثمارات بشكل مختصر: - حصيلة عملية تحويل الديون الفرنسية إلى استثمارات: تتمثل هذه الحصيلة في مجموع الاتفاقيات الموقعة بين المغرب وفرنسا. وهذه التجربة انطلقت مع فرنسا التي قررت سنة 1996 تحويل 600 مليون فرنك فرنسي إلى استثمارات وإلغاء دين بمبلغ 400 مليون فرنك فرنسي ستخصص وتوجه إلى تنمية أقاليم الشمال. وحسب هذا الاتفاق، فإن تحويل الدين إلى استثمارات قد اقتصر استثناء على الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الفرنسيين، وأيضا المغاربة المقيمين في فرنسا. والاستثمارات المعنية والمقبولة هي استثمارات رأس المال المخصصة والموجهة إلى تمويل مشروع جديد أو توسيع مشروع موجود أو المساهمة في المقاولات المغربية. ولم يتوقف مسلسل التحويل هنا فقط، ففي سنة 1997 أبرمت فرنسا مع المغرب اتفاقا جديدا لتحويل الديون إلى استثمارات بمبلغ 1.4 مليار فرنك فرنسي (ما يناهز 2.268 مليار درهم)، أي ما يقارب 5.6 في المائة من مجموع الدين العمومي تجاه فرنسا الذي وصل إلى 25 مليار فرنك فرنسي، والمبلغ المعادة هيكلته يمثل أقصى ما رخص به «نادي باريس». وخلال سنة 1998، اقترحت فرنسا مراجعة أو رفع مسطرة تحويل الدين المحدد في سقف 20 في المائة إلى استثمارات من طرف «نادي باريس»، ورفعه إلى 30 في المائة أو 50 في المائة بالنسبة إلى بعض الدول ذات المدخول المتوسط كالمغرب ومصر، وهذا يتأتى من الاهتمام الذي توليه فرنسا لهذه التقنية لتخفيف الدين من أجل الرفع من مستوى الاستثمار الخارجي في عدد من دول جنوب البحر المتوسط. وفي سنة 1999، نجحت فرنسا في الحصول من جانب شركائها في «نادي باريس» على رفع السقف القابل للتحويل إلى استثمارات إلى 30 في المائة. وبفعل هذا الإجراء، استفاد المغرب من دفعة ثالثة من تحويل الدين إلى استثمارات بمبلغ 700 مليون فرنك فرنسي، أي 1.1 مليار درهم، في 21 مارس 2000. وبموجب هذه الاتفاقيات، فإن الحصيلة الإجمالية من مبلغ الدين الفرنسي المحول بلغت 2.7 مليار فرنك فرنسي. ومن حيث نوعية الاستثمارات فإن مبلغ ال400 مليون فرنك فرنسي الذي ألغته فرنسا حُوِّل إلى مشاريع استثمارية عامة في أقاليم الشمال (اتفاق 1996). أما عملية التحويل إلى استثمارات خاصة فشملت مبلغ 600 مليون فرنك فرنسي من الديون التجارية (اتفاق 1996)، وكذلك مبلغ 1.4 مليون فرنك فرنسي (اتفاق 1997)، ومبلغ 700 مليون فرنك فرنسي (اتفاق 2000). - حصيلة عملية تحويل الدين الإسباني إلى استثمارات: كما هو الحال بالنسبة إلى فرنسا، فإن إسبانيا قد اختارت طريق تحويل الدين إلى استثمارات في علاقتها بالمغرب. وفي هذا الإطار، تم إبرام الاتفاقية الأولى في 3 دجنبر 1996، وقد تم بموجبها تحويل 6.25 ملايير بسيطة (6250 مليون بسيطة)، أي ما يعادل 50 مليون دولار؛ أما الاتفاقية الثانية فقد أبرمت في 11 دجنبر 1997، وتم بمقتضاها تحويل مبلغ 4625 مليون بسيطة، أي ما يعادل 37 مليون دولار. وحسب هاتين الاتفاقيتين فإن نسبة عملية تحويل الدين المطبقة بخصوص العمليتين كانت هي 56 في المائة. وفي شتنبر 2000، استفاد المغرب من دفعة ثالثة اشتملت على مبلغ 7.8 ملايير بسيطة، كذلك وإلى غاية 15 أكتوبر 2001 استفادت سبعة مشاريع من هذه الآلية بمبلغ ناهز 20 مليون دولار. وعرفت السنوات الأربع تسريعا لعمليات التحويل المبرمة سنتي 1996 و1997، وفي شتنبر 2000 أبرم في الرباط ثالث اتفاق ارتكز على تحويل ملف بمبلغ 40 مليون دولار. والمبلغ المحول خلال هذه الفترة رفع إلى 814 مليون درهم موزع كما يلي: - 193 مليون درهم بموجب اتفاق مع هذا البلد أبرم سنة 1996؛ - 399 مليون درهم، مجمل الغلاف المتفق عليه بموجب الاتفاق المبرم سنة 1997 (4625 مليون بسيطة)، أي ما يعادل 37 مليون دولار. - 222 مليون درهم، منها نصف الغلاف تقريبا المتفق عليه في الاتفاق الثالث الخاص بالتحويل، وإنجاز النصف الثاني تم توقعه في سنة 2002... كما أنه وفي إطار الاتفاق الموقع مع إسبانيا في 9 دجنبر 2003 لتحويل ديون بمبلغ 50 مليون أورو وعلى مدى الفترة الممتدة بين سنتي 2004 و2008 بمبلغ 110 ملايين درهم كمستحقات برسم 2004 بخصوص قروض أو تسبيقات ICO تم دفعها إلى «الصندوق المغربي-الإسباني» من أجل تمويل مشاريع عمومية؛ فقد تم إلغاء مبلغ 5.5 ملايين أورو لكي تتحول إلى مساعدة لضحايا ومنكوبي الحسيمة. كما أنه من المتوقع، على مستوى آليات تحويل الديون إلى استثمارات خاصة، استعمال غلاف 40 مليون أورو المتوقعة في الاتفاق الذي أبرم في 9 دجنبر 2003 ما بين الحكومتين المغربية والإسبانية. وتم كذلك تحويل 272 مليون درهم من الديون تجاه إسبانيا، منها 152 مليون درهم تم دفعها إلى مستثمرين، والبقية -أي 120 مليون درهم- استفادت منها الخزينة في شكل إعفاء. وبذلك يكون المغرب قد استفاد من عملية التحويل بأداء جزء من ديونه نحو إسبانيا (مبلغ 87 مليون دولار) -بموجب الاتفاقين 1و-2 وذلك بالعملة المحلية، بالإضافة إلى إنشاء مشاريع استثمارية من قبل الأطراف التي أقدمت على شراء هذا الدين، إضافة إلى تقليص حجم الدين الإسباني نحو المغرب، فقد كانت لهذه المشاريع الاستثمارية انعكاسات على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب. - حصيلة عملية تحويل الديون الإيطالية على المغرب إلى استثمارات: لقد قبلت إيطاليا انطلاقا من سنة 1998 مبدأ تحويل ديونها تجاه المغرب بمعدل 20 في المائة إلى استثمارات، أي ما يعادل مبلغ 75 مليون دولار. كما أن هناك اتفاقية تم التوصل إليها في شهر أبريل 2000 تقوم على تحويل 100 مليون دولار. ويشار إلى أنه قد تم إلغاء 52 مليون دولار من هذا المبلغ على مدى سنة 2001، وقد مكن من تمويل عدة مشاريع عمومية ذات طبيعة اجتماعية، خصوصا في التعليم والصحة، وإنجاز البقية متوقع خلال سنة 2002. ومقارنة بإسبانياوفرنسا، فإن انطلاقة أو مسعى إيطاليا كان مختلفا بالنسبة إلى تحويل الدين، فقد اختارت في ما يخص الاستثمار العمومي مبدأ يقوم على إنجاز مشاريع من طرف المغرب، ثم إلغاء الدين بعد ذلك. والمبلغ الذي يحول يساوي ذلك المبلغ الخاص بالأداء بالنسبة إلى شراء السلع والخدمات المخصصة من طرف الحكومة المغربية لإنجاز مشاريع مضبوطة، فإلغاء الدين لا يدخل إلا بعد تحقق النفقات من طرف اللجنة التقنية للتدبير. وهذه الطريقة الخاصة بتحويل الدين إلى استثمارات هي نتائج وثمرة مفاوضات انطلقت مع إيطاليا. والاتفاق أعلاه المبرم في روما شهر أبريل 2000 تركز حول إلغاء 100 مليون دولار، والهدف هو إنجاز مشاريع تنمية سوسيو-اقتصادية وحماية البيئة، وتم انتقاؤها من طرف اللجنة التقنية للتدبير من خلال وثائق مقدمة من طرف الجانب المغربي.. وهذا الغلاف (100 مليون دولار) تم تحويله بالكامل على مدى الفترة الممتدة بين سنتي 2001 و2002، وتركز حول مبلغ 1.11 مليار MAD ومكن من تسهيل إنجاز مشاريع عمومية، خصوصا تلك التي استهدفت فك العزلة عن العالم القروي وتقليص الفوارق الجهوية.