تحولت المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير، صباح أمس الثلاثاء، إلى حلبة لمواجهات دامية بين سكان دوار الشقيفيين التابع لجماعة الزوادة القريبة من القصر الكبير، ومجموعة محسوبة على أحد كبار ملاكي الأراضي بالمنطقة، يتهمه سكان الدوار بالاستيلاء على أرض جماعية تابعة لهم، والاعتداء عليهم. وفوجئ المتقاضون والموظفون بحوالي 10 أشخاص يحملون السيوف والقنينات الزجاجية والحجارة، ترجلوا من سيارة توقفت أمام باب المحكمة، وشرعوا في ضرب وجرح خصومهم من سكان دوار الشقيفيين، وتحطيم وإتلاف مرافق المحكمة، وذلك لأزيد من نصف ساعة، قبل أن ينسحبوا مثلما جاؤوا، في غياب تام لقوات الأمن. وقد تسببت هذه المواجهات الدامية في سقوط حوالي 5 من سكان دوار الشقييفيين الذين كانوا، صباح أمس، في المحكمة أثناء تقديم اثنين من سكان الدوار يتهمهما مالك ومكتري الأرض باستقدام آلات حصاد وجرارات للتعرض على عملية الحصاد، كما كانت المحكمة بصدد استكمال التحقيق في الأرض المتنازع حولها. كما تسببت هذه المواجهات، التي لم تسلم منها مكاتب المحكمة، في رعب وسط موظفي المحكمة، بحيث أصيبت إحدى الموظفات بانهيار عصبي، كما أغمي على موظفتين حاملتين. وقد تم نقل المصابين إلى المستشفى المدني بالمدينة، حسب ما أفاد به «المساء» فخر الدين بنحدو، كاتب الضبط في نفس المحكمة. ويعود أصل هذا النزاع إلى سنوات بين ساكنة دوار الشقيفيين وأحد كبار ملاكي الأراضي بالمنطقة، المسمى «شكيب.ش» الذي تتهمه «الجماعة» بالاستيلاء على الأرض الجماعية، فيما يدلي هو للمحكمة بظهير يعود إلى سنة 1953، بمثابة عقد كراء من أجل التملك، استندت إليه المحكمة مؤخرا في إصدار حكمها بتمليك الأرض المتنازع عليها له، الشيء الذي جعله يقوم بكرائها «جملة» لأحد كبار الفلاحين، وهو ما اعترض عليه سكان الدوار، ليأخذ الصراع طابع مواجهات دموية متكررة بين الطرفين، انتهت أمس بالهجوم على المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير. وفي اتصال مع «المساء»، حمل فخر الدين بنحدو، كاتب الضبط بالمحكمة الابتدائية بالقصر الكبير، مسؤولية هذا الحادث إلى النيابة العامة بنفس المحكمة، وقال بنحدو، القيادي في النقابة الديمقراطية للعدل، إن معاناة موظفي المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير، أصبحت مشهدا مألوفا بفعل التساهل المفرط للنيابة العامة مع أحداث الشغب بالمحكمة والاعتداءات المتكررة على كرامة الموظفين، بحيث، يضيف بنحدو، إن «مجرد هاتف من وكيل الملك كان سيجعل الجيش، وليس الشرطة فحسب، يحظر على وجه السرعة، وليس كما حدث اليوم بحيث تجاوز وصولها نصف ساعة، كان المهاجمون قد استباحوا خلالها المحكمة والمتقاضين».