خلف ظهور «سولار إمبالس»، الطائرة التي تعمل بالطاقة الشمسية، لدى بعض وزراء الحكومة شعورا شبيها ب»ظهور» محمد الخامس في «الكمرة»! مع العلم بأن السلطان محمد الخامس لم يظهر يوما في القمر وإنما شبه للمغاربة بعد أن نقل حزب الاستقلال تجربة «رورشاخ» الشهيرة لاختبارها على المغاربة، فيما الطائرة التي تعمل بالطاقة الشمسية ظهرت وحلقت في سماء المغرب قبل أن تحط على أرضية مطار سلا-الرباط بأمن وأمان. وقد نزلت «سولار إمبالس» في ظرفية اندلع فيها حريق أسعار المحروقات في جيوب المغاربة، فيما قطعت الطائرة المسافة الرابطة بين إسبانيا، مضيق جبل طارق، والمغرب بدون استهلاك ولو «كطرة وحدة ديال ليسانس أو المازوت»! فما هو رأي رئيس الحكومة في هذا الإنجاز العلمي الذي أخرج بعض الوزراء وكذا طاقم «الوكالة المغربية للطاقة الشمسية» (ماصين) من مكاتبهم المكيفة لاستقبال الطائرة وأخذ صور إلى جانب الطيار بيكارد؟ وقد أقلعت الطائرة البارحة في اتجاه ورزازات حيث من المقرر أن تدشن أول محطة للطاقة الشمسية الحرارية بقدرة إنتاجية قد تصل في أفق عام 2020 إلى 2000 ميغاوات. وسينجز هذا المشروع في إطار شراكة بين «ماصين» وشريك خاص سيتم الكشف عن هويته في الأيام القادمة؛ وبذلك قد يرفع المغرب من حصته في الطاقة المتجددة من 25 في المائة إلى 42 في المائة. تكمن أهمية الحدث، إذن، في كونه مشروعا بيئيا وطاقيا كفيلا بتغيير أنماط استهلاك الطاقة والحد من التلوث، وذلك باستعمال الطاقة الشمسية. وفي غياب العثور على البترول والغاز، على الرغم من حديث البعض مؤخرا عن اكتشاف آبار في عرض بحر الجديدة من طرف شركة أسترالية، وعلى الرغم من غياب السياح الذين نبيعهم الشمسَ «فابور»، فإن المغرب وجد اليوم في الطاقة الشمسية حصان الرهان لإدخال «الدوفيز» إلى الخزينة. وفي انتظار أن تمتلئ «الشكارة» بحول الله، طلب رئيس الحكومة من المغاربة تأدية الثمن دسما وساخنا. لكن المشكلة ليست في رفع أسعار المحروقات وحسب بل أيضا في الطريقة التي برر بها بنكيران هذه «النغزة». في الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحرجة وفي حالة الزيادة في المواد الأساسية، يستعين رؤساء الحكومات بخبرة علماء الاقتصاد والمال وبمدراء الأبناك للتداول في الموضوع مع دراسة التبعات السيكولوجية والاقتصادية على المواطنين، وذلك قبل أن يتقدموا أمام الإعلام في جلسة تفسير وإقناع. أما عبد الإله بنكيران، ويبدو أنه لا يتوفر على «كوتش صحيح» في الميدان الإعلامي وفي المجال الاقتصادي، فدخل ب«سباطه» وسط «الحلقة» للقيام ب«وان مان شو» رديء، ارتد عليه سلبا؛ فمن بين ما ورد في خطابه لتبرير الزيادة في أسعار المحروقات أنها «تخدم مصلحة الشعب... ومن أجل أن يبقى وجه الدولة نقيا في الخارج!». إنه منطق شعبوي بل ديماغوجي يقوم على «التحاجية والخُبِّير»، لا على العقل الإحصائي والاقتصادي. لربما نسي رئيس الحكومة أن النيران اشتعلت في بعض البلدان، بسبب «كوميرة». من سوء حظ بنكيران أنه جاء في زمن الأنترنيت والمواقع الإلكترونية (من فايسبوك، تويتر، ومدونات اجتماعية) والتي ساهمت في انبثاق «المواطن العضوي» بصفته ضميرا نقديا. وتشكل السخرية في نشاطه الفايسبوكي سلاحا فتاكا. وقد تحول بنكيران في تعليقات نشطاء الفايسبوك والتويتر والمدونات الاجتماعية إلى كرة مطاطية «يخبط عليها» بسخاء هؤلاء النشطاء. ثمة تخوف من خطر أن يدخل المغرب مع حكومة بنكيران في سلك التقوى والقدر، أي معالجة الآفات والأزمات بحلول أخلاقية وغيبية. أن نرد مثلا على إنجاز طائرة «سولار إمبالس» بالقولة المأثورة: «ما تمشي غير فين مشاك الله» أو نبرر الزيادات في الأسعار بالفكرة الرائجة المتمثلة في أن المغاربة «صبارة»! واش فهمتو ولا لا؟