أعلن الملك محمد السادس عن مشروع جديد لإصلاح نظام الجهوية في المغرب من خلال إطلاق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة، تشمل كل المناطق، وفي مقدمتها جهة الصحراء، و«تمكين كافة ساكنتها وأبنائها من التدبير الديمقراطي لشؤونهم المحلية ضمن مغرب موحد، سواء بإقامة جهوية واسعة وملائمة، أو من خلال الحكم الذاتي المقترح متى تم التوافق السياسي بشأنه واعتماده كحل نهائي، من طرف المنتظم الأممي». المنظور الملكي لإصلاح نظام الجهوية بالمغرب، الذي أعلن عنه في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء، لا يغفل كونه إصلاحا هيكليا عميقا يعتمد نجاحه على تقسيم ناجع يتوخى قيام مناطق متكاملة اقتصاديا وجغرافيا ومنسجمة اجتماعيا وثقافيا. ولبلوغ هذا الهدف قرر الملك «إقامة لجنة استشارية متعددة الاختصاصات، مكونة من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والخبرة الواسعة وبعد النظر سيعهد إليها اقتراح تصور عام للجهوية، في استشعار لكل أبعادها واستحضار لدور المؤسسات الدستورية المختصة في تفعيلها». ويرى عبد الواحد سهيل، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية الذي سبق له أن أعد وثيقة تقييمية لنظام الجهوية بالمغرب، أن مطلب إصلاح الجهوية بالمغرب بات ضروريا للقطع مع نظام تمركز السلط، وأن هناك حاجة كبيرة لإعادة انتشار السلط ما بين الدولة والجهات. وأوضح سهيل، في تصريح ل«المساء»، أن طبيعة النمو الذي عرفه المغرب باتت تتطلب أكثر من أي وقت مضى إعادة النظر في المنظومة الحالية من أجل ضبط تدبير الاختلاف الموجود، واصفا المجالس الجهوية الموجودة حاليا بالمحتشمة، لأن جميع الصلاحيات موجودة بيد الولاة، والدولة لا تمنحها أية صلاحيات طالما أنها تتشكل انطلاقا من اقتراع غير مباشر. وحول ما إذا كان الإعلان الملكي نحو إقرار جهوية جديدة يؤشر على توجه المغرب إلى تطبيق مقترح الحكم الذاتي دون انتظار موافقة جبهة «البوليساريو»، كما كانت تطالب بذلك أصوات من داخل «الكوركاس»، أوضح عبد المجيد بالغزال، الباحث في الشؤون الصحراوية وعضو «الكوركاس»، أن الخطاب الملكي كان واضحا عندما وضع مقترح الحكم الذاتي في إطار كونه موجها إلى حل توافقي، وأنه مرتبط بالأساس بالتزامات المغرب مع المنظومة الأممية والشرعية الدولية. وأشار بلغزال، في تصريح ل«المساء»، إلى أن الخطوة التي أعلن عنها الملك جاءت لتحصين الوحدة الوطنية من الدعوات التي بدأت تطلق مؤخرا من قبيل منح الريف استقلالا ذاتيا. وكشف بلغزال أن مقترح الحكم الذاتي في حالة تطبيقه، وفق المنظومة الجهوية الحالية، كان سيتسبب في تعميق النزوعات الانفصالية التي سارت تنضج شروطها في بعض جهات المغرب الأخرى.