لم يكن أشد المتفائلين من محبي المغرب التطواني، يعتقد أن هذا الفريق سينهي أول بطولة «احترافية» لكرة القدم وهو يلبس ثوب البطل. على امتداد موسم بكامله عاشت أول بطولة «احترافية» على وقع اتهامات للتحكيم والبرمجة وحديث عن مؤامرات تحاك ضد الفرق، وتهديد بالانسحاب. عندما أعلنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن إطلاق أول بطولة «احترافية»، وضعت لذلك مجموعة من الشروط وراهنت على الالتزام ببنود دفتر التحملات حتى تكون أول بطولة «احترافية» مختلفة عن سابقاتها. من بين أهم الشروط التي وضعتها الجامعة ضرورة توفر كل فريق على ميزانية 900 مليون سنتيم، دون احتساب منحة الجامعة. كان الهدف أن تنطلق البطولة «الاحترافية»، وجميع الفرق تتوفر على الحد الأدنى من الإمكانيات المالية، أي على ميزانية مليار و200 مليون سنتيم على الأقل، لكن الطريق إلى تنظيم أول بطولة «احترافية» لم يكن سهلا، فمجموعة من الفرق لم تتمكن من توفير هذا المبلغ المالي، لذلك اضطرت الجامعة للجوء للملاءمة، مكتفية بمطالبة الفرق بالحصول على ضمانات من المحتضنين والجماعات المحلية والمدعمين لتحصل على رخصة المشاركة في أول بطولة «احترافية». وافقت اللجنة الابتدائية على جميع الملفات، في ما رفضت منح فريق المغرب التطواني الرخصة بسبب عدم استجابته للشروط التي وضعتها الجامعة. لجأ المغرب التطواني إلى مرحلة الاستئناف، وأعد ملفه من جديد، ثم نال رخصة المشاركة في البطولة «الاحترافية» ليكون آخر فريق يحصل عليها، قبل أن يجد نفسه متوجا بلقبها. بطل جديد جاء تتويج المغرب التطواني بلقب أول بطولة «احترافية» مفاجئا، فعندما انطلقت منافسات البطولة لم يكن أي من المتتبعين يضعه في خانة المرشحين، بل إن رهان الفريق كان هو ضمان مكانة له في وسط الترتيب، خصوصا بعد الرحيل الجماعي لعدد من لاعبيه، لكن الفريق وهو يخوض المباراة تلو الأخرى، أكد أن بمقدوره أن يكون منافسا، وأن ينتزع أول لقب في تاريخه للبطولة. مع الحضور الجماهيري الكبير الذي كان يملأ جنبات ملعب سانية الرمل، وتحقيق الفريق لنتائج إيجابية، قرر المدرب عزيز العامري أن يكشف منذ الجولة 17 التي فاز فيها الفريق على النادي المكناسي بهدف لصفر عن نواياه في اللتويج باللقب، لذلك أعلن أن الفريق يراهن على البطولة، حتى يضع لاعبيه تحت ضغط النتائج. لم يخيب اللاعبون ظن مدربهم، ولا الجماهير الغفيرة التي كانت تحج إلى ملعب سانية الرمل، أو تلك التي كانت ترافقه في رحلاته خارج مدينة تطوان. نجح المغرب التطواني في قلب الطاولة على جميع الفرق، بل إنه أزاح الرجاء البيضاوي من سباق التنافس على اللقب منذ الجولة 26 عندما فاز عليه بقلب ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء بهدفين قاتلين أخرجا الفريق «الأخضر» من دائرة التنافس وعبدا الطريق أمام التطوانيين لتحقيق حلم طال انتظاره. رفع المغرب التطواني سرعته القصوى وحافظ على نسق نتائجه الإيجابية، ولما جاء موعد الحسم في الجولة الثلاثين والأخيرة أمام الفتح الرباطي، كان يكفي الفريق انتزاع التعادل من قلب مدينة الرباط ليتوج بطلا، لكن المغرب التطواني لم يرض بغير الفوز بديلا، وفاز بهدف تاريخي للاعبه عبد الكريم بنهنية، ليحسم صراع اللقب لصالحه ويحول وجهة اللقب إلى مدينة تطوان. استحق الفريق التطواني لقب البطولة، فالأرقام التي حققها في أول بطولة «احترافية» كانت هي الأفضل، فهو صاحب أقوة خط هجوم ب41 هدفا، وأقوى خط دفاع ب13 هدفا، كما أنه صاحب أقل عدد من الهزائم بثلاثة فقط، كما أن معدل أعمار لاعبيه هو الاصغر. نزول فريق الحسن الثاني منذ صعوده إلى القسم الأول في موسم 95/1996، وحمله اسم شباب المسيرة بدل القوات المساعدة لبن سليمان باقتراح من الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يهدف إلى أن يكون للأقاليم الصحراوية فريق بالقسم الأول، ظل شباب المسيرة صامدا، بل إنه كان في مجموعة من المواسم قريبا من النزول إلى القسم الثاني، لكنه كان يفلت من ذلك بأعجوبة في آخر لحظة. لكن هذا الموسم كان مختلفا، ففريق شباب المسيرة ظل يعاني على امتداد الموسم، وخصوصا في مرحلة الإياب، فكان نزوله إلى القسم الثاني محصلة لطبيعية لمواسم طويلة من التخبط. إضافة إلى شباب المسيرة، فإن فريق اتحاد الخميسات نزل بدوره إلى القسم الثاني، بعد موسم كارثي لم يتمكن خلاله من تحقيق نتائج إيجابية، فقد عاش على إيقاع تغييرات مدربيه، كما أن مشاكل التسيير وشد الحبل بين المكتب المسير الذي كان يقوده محمد الكرتيلي والسلطات المحلية ألقى بظلاله القاتمة على الفريق، لذلك تابعنا إضرابات للاعبين، ظل الرئيس السابق يصفها ب»المحبوكة» لإسقاطه، فلم يقوى الفريق على ضمان بقائه. ورغم أن فريقي اتحاد الخميسات وشباب المسيرة، عاشا على وقع مشاكل كثيرة، فإنه بخلاف الموسم الفارط، لم ييتم الحسم في هوية الفريقين النازلين إلا في الأمتار الأخيرة. لقد نزل اتحاد الخميسات رسميا في الجولة 29 وما قبل الأخيرة، إثر خسارته بملعب الشيخ لغضف أمام شباب المسيرة بهدفين لثلاثة، بينما لم يغادر الفريق الصحراوي القسم الأول إلا في الجولة الأخيرة، إثر خسارته أمام وداد فاس بهدفين لثلاثة. الرجاء والوداد خارج النص خرجا فريقا الرجاء والوداد خاويي الوفاض من بطولة هذا الموسم، فالأول لم يتمكن من المحافظة على لقبه والثاني سقط في الامتحان مبكرا. في الوقت الذي انطلق فيه الوداد بقوة وحقق خمس انتصارات متتالية في البطولة، ورأى كثيرون أنه المرشح الأول لإحراز اللقب، فإن الرجاء ظل يحصد الهزيمة تلو الأخرى بل إنه لم يحرز أول أهدافه إلا في الجولة الخامسة عندما تغلب على النادي المكناسي بهدف لصفر. دفع الوداد غاليا ثمن خسارته في نهائي عصبة الأبطال الإفريقية أمام الترجي التونسي، إذ لم يقو الفريق على الخروج من أحزان الخسارة، فتأثرت نتائجه في البطولة وواصل نزيف النقاط، قبل أن يجد نفسه خارج السباق مبكرا بعد خسارته في الجولة 22 أمام الدفاع الجديدي، علما أن الفريق عاش على وقع إيقاع تغيير مدربه السويسري ميشيل دوكاستيل بالإسباني بينيتو فلورو الذي قاد الفريق منذ مرحلة الإياب. أما الرجاء الذي تعاقب على تدريبه كل من الروماني إيلي بلاتشي وعبد اللطيف جريندو وبيرتران مارشان، فلم يتوفر على السرعة النهائية التي تخول له الفوز باللقب، فخسارته في الجولة 26 أمام المغرب التطواني بملعب محمد الخامس كانت بمثابة النقطة الفاصلة في طريقه نحو اللقب، إذ خرج عمليا من الحسابات، قبل أن تأتي الخسارة في «الديربي» أمام الغريم التقليدي الوداد بهدف لصفر في الجولة 27 لتخرجه حسابيا، ويتراجع الفريق وينهي الموسم في المركز الرابع خلف الوداد الذي حل ثالثا. تهديدات بالانسحاب لم تخل أول بطولة «احترافية» لكرة القدم من تهديدات بالانسحاب من منافساتها، لقد أعلن فريق وداد فاس الذي ضمن بقاءه في القسم الأول في آخر جولة إثر فوزه على شباب المسيرة بثلاثة أهداف لصفر، انسحابه من البطولة ست مرات، وكانت آخرها عقب مباراة الفريق أمام أولمبيك خريبكة التي انتهت متعادلة بهدف لمثله، واحتسب خلالها الحكم هدفا خياليا للفريق الخريبكي، لكن الفريق كان يتراجع عن قراره في آخر لحظة. شباب المسيرة سار بدوره على الإيقاع نفسه، بل وأعلن في بلاغ رسمي انسحابه من البطولة احتجاجا على التحكيم والبرمجة، قبل أن يتراجع عن ذلك، ويتبين في ما بعد أن الاستقالة كتبت بقلم من ماء. اتحاد الخميسات الذي كان أول النازلين إلى القسم الثاني، هدد بالانسحاب من البطولة عدة مرات، إما احتجاجا على التحكيم أو بسبب مشاكله المالية، أو نتيجة ما كان يعتبره ظلما يطال الفريق. لم يقف التلويح بالانسحاب من البطولة عند الفرق فقط، بل إن عبد الهادي السكتيوي، مدرب أولمبيك أسفي أقسم بالله أنه سيعتزل التدريب، ولن يدرب في المغرب مرة أخرى، بل إنه عقب كل خسارة يعلن استقالته، لكنه سرعان ما كان يتراجع عنها. مؤامرات وأخطاء للتحكيم من بين أهم الملاحظات المثيرة للانتباه في بطولة هذا الموسم، هو حديث مجموعة من المسيرين والمدربين، عن مؤامرات تحاك ضد فرقهم. لقد قال زكريا السملالي عقب خسارة الرجاء أمام أولمبيك أسفي بهدفين لواحد إن الرجاء يتعرض لمؤامرة، مشيرا إلى هناك من يضع «الصابون البلدي» في طريق الفريق. عبد الهادي السكتيوي، مدرب أولمبيك أسفي تحدث بدوره عن استهداف لفريقه من طرف الحكام، وعن مؤامرات تحاك ضده، وهو الأمر نفسه الذي تحدث عنه عبد الله الكزي الناطق الرسمي لاتحاد الخميسات. لم تخل بطولة هذا الموسم من أخطاء للتحكيم، ومن اتهامات للجنة البرمجة، لكن الملاحظ هذا الموسم أن الاحتجاجات جاءت من معظم الفرق.