قدمت الصحافية حورية بوطيب نشرة أخبار مختلفة عن بقية النشرات التي اعتادت تقديمها باللغة الفرنسية في القناة الأولى، وكشفت عن واقع التلفزيون وظروف الاشتغال الصعبة في القناة، قبل أن تجد نفسها مهددة بفقدان وظيفتها، فقط لأنها تحولت إلى عاملة صيانة عمدت إلى فك اختناق قناة صرف الأخبار العادمة التي يشرف عليها فيصل العرايشي. اشتكت الزميلة الصحافية من غياب شروط العمل، وتحدثت عن معاناتها مع نشرة أخبار تحولت إلى نشرة أسرار، بعد أن أصبحت مقدمة الأخبار مقدمة أسرار غير قابلة للنشر، واتهمت بنشر غسيل دار لبريهي في شارع الرأي العام. وبدل التعامل مع الحقائق التي قدمتها بنوع من المسؤولية وفتح تحقيق نزيه في النازلة، فتحت جبهة مناهضة لحورية «البث»، وابتلع أكثر من صحافي ألسنتهم خوفا من مضاعفات الوضع وأجلوا مطلب «إعادة الاعتبار»، بينما النقابة اليتيمة التي وقفت إلى جانب حورية هي نقابة يتيم، والممثل الوحيد الذي ساندها هو هشام بهلول الذي قرر مقاطعة الأولى وعدم المشاركة في أي عمل فني على تلفزيونها إذا تصدت لمقدمة النشرة الشهيرة، وقد يفعل الشيء ذاته مع «دوزيم» فيعرض نفسه للبطالة. قبل أن تهدأ زوبعة بوطيب، خرج عمر سليم، المدير السابق بالقناة الثانية، عن صمته واعترف بانتمائه الاضطراري إلى حزب الأشباح، وقال إنه يتقاضى راتبا شهريا قدره 88 ألف درهم فقط لا غير، منذ ست سنوات، وهو داخل منزله دون أن يقوم بأي عمل، وأضاف عمر سليم أن المدير السابق للقناة الثانية مصطفى بنعلي هو الذي «ابتلاه» بداء الشبحية ووفر له شروط الرفاهية، وقال إنه لا يقصد قناة عين السبع إلا من أجل تفقد الحالة الميكانيكية لسيارة المصلحة، في الوقت الذي أغفلت فيه نداءات برنامج مختفون «السليم» المعافى من الشغل، والذي لم يمنحه سليم الشيخ فرصة تبرير راتبه، علما بأن آخر برنامج قدمه على شاشة الثانية هو «فن وأدب» قبل أن يحال على التقاعد الإجباري بكل فن وأدب، وحين تسأل زميلا عن سر غياب عمر عن الشاشة يقول إن سليم مسافر على غرار مدام الدوزيم. التلفزيون المغربي يحترم التراتبية، فبعد بوح حورية، مقدمة أخبار الأولى، عشنا بوح سليم في الثانية، في انتظار صحافيي القناة الثالثة الذين يعيشون في صمت نفس معاناة بوطيب، فهم يقدمون نشراتهم في بلاطو لا فرق بينه وبين مائدة في مقهى شعبي يتحلق حولها هواة لعبة الرامي، ويسافرون في الطرق الوطنية لأنهم لا يتوفرون على ثمن تذكرة العبور في الطريق السيار، ولا يملكون في قاعة التحرير إلا حاسوبا واحدا تحتكره إحدى الصحفيات في الشات، لذا فنحن في انتظار بوح صحافيين يعانون في صمت من جبروت أبي صحن. وحين سيقرر صحافيو المحطات الإذاعية الخاصة الخروج عن صمتهم، سيكشفون عن جشع المسؤولين الذين حولوا منشطي البرامج إلى كائنات تقرأ الرسائل النصية للمستمعين وتنصرف إلى حالها، بعد أن تضرب للمتلقي موعدا مع «ميساجات» أخرى. جعلتنا تصريحات عمر وحورية نصرف النظر عن دفاتر التحملات، ولا نثق في الابتسامة المستعارة لمقدمات الأخبار ومنشطي البرامج، الذين يوهموننا بأن النشاط داخل التلفزيون قد شاط.