دشن موقع التواصل الاجتماعي الشهير، «فيس بوك»، مرحلة تداول أسهمه في البورصة على إيقاع الانخفاضات. وهوت أسهمه بنسبة تزيد عن 10 في المائة في اليومين الأولين من تداولها في البورصة. ثمة مراقبون يعتبرون الأمر عاديا ويتوقعون استمرار المنحى التراجعي للأسهم، في حين يحمل آخرون هذه الوضعية «الصعبة» ل«فيس بوك» في بورصة «وول ستريت» لما وصفوه ب«ازدراء» مارك زوكربرغ، مؤسس الموقع، لعملية الإدراج وعدم اكتراثه بمصير المستثمرين في أسهم شركته. لم تدم فرحة مارك زوكربرغ، مؤسس موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بإدراج موقعه ذائع الصيت في البورصة طويلا. فبعد يوم واحد من ولوج «فيس بوك» بورصة «وول ستريت»، وهو اليوم نفسه الذي عقد فيه قرانه، اتخذت أسهمه منحى تنازليا، وفقدت في ظرف وجيز 10 في المائة من قيمتها. وقد تسببت هذه الوضعية في بروز توتر حاد في علاقة إدارة بورصة «وول ستريت» و«الفي سبوك». ذلك أن القائمين على موقع التواصل الاجتماعي الشهير لم يصدقوا بعد المنحى التنازلي الذي طبع تداول أسهمه في ثاني أيامه داخل البورصة. استقر سعر سهم «الفي سبوك» ساعة إغلاق التداول في بورصة «وول ستريت» ، مساء الجمعة الماضي، في حدود 38.23 دولارا أمريكيا، وهو ما يعادل تراجعا طفيفا عن سعر إدراجه في سوق التداول. وهوى سهم «فيسبوك» لحظة افتتاح التداول في بورصة «وول ستريت»، صبيحة أول الاثنين، إلى 36.66 دولارا، رغم الدعم الذي حظي به من قبل بنك «مورغان ستانلي». وفي حين كان القائمون على موقع التواصل الاجتماعي يتوقعون أن تسجل الأسهم أول نتيجة لها منذ إدراج الموقع في سوق التداول، واصلت الأسهم انهيارها، وخسرت 13.7 في المائة من قيمتها. ومن حسن حظ مارك زوكربرغ أن الأسهم سجلت بعد ذلك ارتفاعا طفيفا بنسبة فاقت 3 في المائة واستقر سعرها عند 34 دولارا، ومع ذلك أسدل الستار على تداول أسهم «فيس بوك» يوم الاثنين بتسجيل تراجع وصل إلى 10 في المائة مقارنة مع ساعة افتتاح البورصة، صبيحة أول أمس الاثنين. وبعد يومين من التداول، أصبح سعر سهم «فيس بوك» قريبا من السعر الذي اقترحه الخبراء قبل أيام عديدة ليبدأ به الموقع أولى خطواته في سوق البورصة. إذ عمد القائمون على الموقع في الوهلة الأولى إلى تحديد السعر الافتتاحي لأسهم «فيس بوك» في البورصة بين 28 و35 دولارا، قبل أن يعلن في وقت لاحق أن سعر الإدراج سيتراوح بين 34 و38 دولارا. وقد تقرر في نهاية المطاف إدراج الأسهم في البورصة بسعر افتتاحي في حدود 38 دولارا. وحسب دوغلاس ماكينتير، المحلل المالي المعتمد من قبل موقع «24/7 وول ستريت»، فإنه لن يكون مفاجئا أن تهوي أسهم «فيس بوك» في الأيام المقبلة إلى مستوى أدنى من قيمتها حاليا. المحلل نفسه توقع أن تهوي إلى 28 دولارا، غير أن هذا السعر لن يكون مأساويا للقائمين على «فيس بوك» لأن توقعات الداعمين ومالكي أسهم الموقع في بورصة وول ستريت تأخذ هذا المعطى بعين الاعتبار. غير أن محللين آخرين يبدون أقل تفاؤلا من المحلل السابق، ويؤكدون إمكانية أن تواصل أسهم «فيس بوك» تراجعها في البورصة في الأيام المقبلة. ويتوقع أن يستمر هذا التراجع، وفقهم، إلى حين بلوغ الأسهم سعرا يتراوح بين 18 و20 دولارا. وفي ظل هذه الشكوك، التي تثار حول أداء موقع التواصل الاجتماعي في سوق البورصة، فإن هناك مراقبين لم يترددوا في التأكيد على أن القيمة الإجمالية للموقع ستفوق 90 مليار دولار بصرف النظر عن هذه البداية الصعبة في البورصة، لأن كل التوقعات تشير إلى إمكانية تسجيل زيادة لا يستهان بها في مداخيل «فيس بوك» في السنة الجارية، وهو ما من شأنه أن يمكن أسهمه من استعادة جزء من قيمتها في سوق البورصة. مشكلة أخرى تنتظر «فيس بوك» في ظل هذه الوضعية الصعبة. وتتمثل هذه المشكلة حسب، ناثان درونا، وهي محللة مالية معتمدة لدى شركة متخصصة في الاستثمارات ذات الطابع الاستراتيجي، في احتمال لجوء مالكي أسهم الموقع في البورصة، كما جرت العادة في هذه الحالات، إلى طرح أسهمهم كلها أو جزءا منها على الأقل للبيع، رغبة في الحد من نزيف الخسائر وخوفا من مواصلة الأسهم منحاها التنازلي إلى درجة يفقدها نسبة كبيرة من قيمتها لحظة افتتاح عملية تداولها في بورصة وول ستريت. ويبدو أن مالكي هذه الأسهم يوجدون حاليا في وضعية صعبة للغاية. كثير منهم كان يراهن، بناء على التوقعات الأولية للمحللين الماليين المعتمدين لدى بورصة وول ستريت، على أن يرتفع سعر السهم الواحد ساعة إغلاق أول أيام تداوله في «وول ستريت» إلى 45 دولارا. نتيجة كانت ستمكنهم، خصوصا الذين يمتلكون عددا هاما من الأسهم، من مراكمة أرباح لا يستهان بها في ظرف يوم واحد. غير أن هذه التوقعات ذهبت أدراج الرياح، حسب ميكائيل باتشر، المحلل المعتمد من قبل يومية «وول ستريت»، الذي حمل مسؤولية هذه الوضعية للأبناك التي تنشط في مجال الوساطة في عالم البورصة وتقديم النصائح للمستثمرين في «وول ستريت». وفي المقابل، اعتبر فرانك ليش، وهو محلل مالي أيضا، أن عملية إدراج أسهم شركة «فيس بوك» في بورصة وول ستريت لم تكن في مستوى ما روج له من قبل وسائل الإعلام العالمية، ولاسيما الأمريكية منها، وقال إنه كان على القائمين على موقع التواصل الاجتماعي الشهير أن يعمدوا إلى طرح أسهم شركتهم على شكل دفعات متباعدة من أجل جس نبض السوق المالية، وليس الإقدام على إدراج جميع الأسهم دفعة واحدة. ويتوقع أن يعاني الموقع أيضا الكثير في الأيام المقبلة بسبب ما وصفته الصحافة الأمريكية بازدراء مؤسسه، مارك زوكربرغ، لعملية إدراج أسهم الموقع في بورصة وول ستريت. المحللون المتخصصون في سوق المال والأعمال الأمريكية عبروا عن دهشتهم لقرار زوكربرغ عقد قرانه يوم السبت الماضي، أي غداة إدراج شركته في البورصة. وقال المراقبون الماليون إن خطوة زوكربرغ تحمل إشارة سلبية لكل الذين أقدموا على استثمار أموالهم في شراء أسهم «فيس بوك» في البورصة. الرسالة واضحة ومفادها، حسب المراقبين، أن مؤسس «فيس بوك» لا يكترث لأمر مستثمري أموالهم في شراء أسهم شركته في وول ستريت. أكثر من ذلك، تلقى المحللون الماليون بدهشة أيضا قرار زوكربرغ ارتداء بذلة في حفل زفافه في الوقت الذي آثر فيه حضور حفل إدراج «فيس بوك» في وول ستريت ببذلة رياضية. المراقبون قالوا إن اللباس المختار لكل مناسبة يعكس عدم اكتراث مؤسس «فيس بوك» بعملية الإدراج في البورصة. حضور عملية الإدراج في البورصة ببذل رياضية لا يخلو من ازدراء حسب العديد من المراقبين الماليين. وقد كان لهذه التحليلات تأثير سلبي للغاية على معنويات مالكي أسهم الموقع في البورصة. ولم يتردد مراقبون آخرون في التحذير من الانعكاسات السلبية لتصرفات زوكربرغ على تداول أسهم «فيس بوك» في البورصة. كثيرون نبهوا إلى خطورة اهتمام مؤسس الموقع بالتأثير الاجتماعي ل«فيس بوك» أكثر من اكتراثه بمردوديته المالية. عن جريدة «لوفيغارو»