قال الحبيب المالكي، أحد المرشحين لمنصب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، إن الاتحاد اختار الملكية البرلمانية كأفق استراتيجي للنضال بعدما تم إجهاض الانتقال الديمقراطي، ودعا إلى حوار وطني مع كل الفرقاء السياسيين، والتشاور مع الملكية لإقرار هذا المطلب، مؤكدا أن الاتحاد لا يستهدف الضغط على أحد. - كيف توصلتم في المكتب السياسي إلى التوافق حول مطلب الملكية البرلمانية؟ < دورة المجلس الوطني يوم السبت الماضي كانت ناجحة، على غرار الدورة التي عقدت في 20 شتنبر، وهذا يؤكد شمولية المنظور للتحضير للمؤتمر الثامن، فهناك توافق على التوجهات الكبرى بالنسبة إلى المرحلة المقبلة. والاتحاد في الفترات الحساسة نهج دائما أسلوب التوافق، لا لإضفاء شرعية جافة إلى مواقفنا، بل لأن التوافق آلية تساعد على تقريب وجهات النظر من خلال نقاش ديمقراطي عميق. من هنا، وانطلاقا من تحليل موضوعي لما يميز المرحلة، اعتبرنا أنه يجب إعطاء الأولوية للإصلاحات السياسية والدستورية، من أجل تحصين المنجزات، وضمان استقرار أوضاعنا وإعادة الاعتبار إلى كل ما من شأنه أن يعزز مصداقية كل المؤسسات. إذن، مطلب الملكية البرلمانية ليس جديدا، بل إن الاتحاد بمناسبة انعقاد مؤتمره الثالث سنة 1978، وعلى ضوء تحولات المجتمع المغربي اعتبر أن الإصلاح يجب أن يهم المجتمع والدولة معا. إذن الملكية البرلمانية هي أفق استراتيجي لما يطمح إليه الاتحاد، ونحن واعون بأن هذا المطلب لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تشاور واسع ومسؤول بين القوى الوطنية الديمقراطية، والمؤسسة الملكية. - الملكية البرلمانية معناها تقليص صلاحية المؤسسة الملكية، وزيادة صلاحيات الحكومة والبرلمان والوزير الأول.. هل الاتحاد في وضعه المتأزم اليوم قادر على الضغط لتحقيق هذا المطلب؟ < مطلبنا ليس ورقة ضغط على أي أحد، ولا نمارس ولن نمارس الضغط على أحد، لأننا واعون بضرورة الدفاع عن مصلحة البلد، ولكننا نرى أن الوقت حان لجيل جديد من الإصلاحات، وخاصة الإصلاح السياسي والدستوري الذي سيكون له دور في تسريع وتيرة الإصلاحات الأخرى ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. - التشخيص الذي ورد في مشروع الأرضية السياسية تضمن نقدا لاذعا لما أسفر عنه التناوب ومشروع الانتقال الديمقراطي من أزمة سياسية، ما الذي تطرحونه كبديل لهذه الصورة القاتمة؟ < لقد قمنا بنقد ذاتي بناء من أجل استخلاص الدروس لتجربتنا الحكومية، وأكدنا أهمية المكتسبات التي ساهمنا في إنجازها على الصعيد السياسي والاقتصادي والحقوقي. فمغرب 2008 ليس هو مغرب 1998، لكننا اعتبرنا أنه مع سنة 2002 وقع منعطف، تم فيه تغييب المنهجية الديمقراطية. إذن نريد إثارة الانتباه إلى التراجعات في عدد من المجالات، خاصة المجال السياسي الحقوقي، فحزب مثل الاتحاد يثق في نفسه ويمارس النقد. - لماذا لم تمارسوا هذا النقد عندما شاركتم في حكومة إدريس جطو التي تقولون إنه تم خلالها الخروج عن المنهجية الديمقراطية؟ < لقد قمنا بالنقد على ضوء النتائج التي حصلنا عليها في 2007، وغلبنا مصلحة البلاد عندما شاركنا في حكومة السيد إدريس جطو، ولكن رغم كل ما بذلناه من مجهودات تبين لنا أن الاتحاد لم يكافأ من طرف المواطنين، وهذا ما جعلنا نتراجع، وارتأينا أنه حان الوقت لأخذ الرسالة التي وجهها إلينا المواطنون بعين الاعتبار. - ماذا تطرحون كبديل عن فشل الانتقال الديمقراطي؟ < لقد تم إجهاض الانتقال الديمقراطي، وهذا ما سبب أزمة سياسية نعيشها اليوم، ولذلك لابد من تقييم الأوضاع من طرف الجميع حتى نصحح الأوضاع الحالية، وفتح آفاق جديدة تساعد على إعادة تعبئة المواطن المغربي، وإعادة الثقة إليه. - هل تشعرون بالغبن كونكم صوتتم على دستور 1996 مقابل أن تفضي تجربة التناوب إلى انتقال ديمقراطي؟ < أبدا، نحن نتخذ القرارات بكامل المسؤولية ونعمل على تنفيذها. - كيف تنظرون شخصيا إلى الطريقة التي يمكن أن يصل بها المغرب إلى ملكية برلمانية، هل تدعون إلى تعاقد سياسي جديد مع الملكية؟ < نريد تنظيم حوار وطني واسع مع كل الأطرف لتعميق هذا المطلب حتى يحظى بإجماع وطني، وبدون شك فإن هذا الحوار سيساعد على تقريب وجهات النظر بين كل المعنيين بالأمر، ونحن اليوم، كما قمنا بذلك في الماضي، نرى أنه لابد من فتح باب التشاور مع الجميع. - لكن شركاءكم في الكتلة، وتحديدا حزبا الاستقلال والتقدم والاشتراكية، لا يطرحون مطلب الملكية البرلمانية، في حين تلتقون في هذا المطلب مع حزب العدالة والتنمية وحزب اليسار الاشتراكي الموحد؟ < من يحلل الأوضاع الحالية بموضوعية، لابد أن يتساءل عن السبل لحسين الوضع السياسي. - هل تعتقدون أن الملكية مستعدة لتقبل هذا المطلب؟ < المؤسسة الملكية دائما كانت استشرافية، ونلاحظ أن الأوراش مفتوحة في عدة مجالات، وأن الخطاب في كل المناسبات متشبع بالإصلاح والتغيير، ولذلك أنا شخصيا، انطلاقا من دروس التاريخ، متأكد أن مطلب الاتحاد ليس مطلبا حزبيا ضيقا، بل مطلب يخضع لمنطق الدفاع عن مصلحة البلد. - بخصوص التحالفات، وردت في مشروع الأرضية إشارة عامة إلى التحالف الواسع مع القوى الأصيلة، هل يفتح هذا الباب للتحالف مع العدالة والتنمية؟ < نحن حزب يساري، ونحن فاعلون داخل الكتلة، وهذا يحتم علينا أن ننطلق من تقييم تجربة الكتلة على ضوء تجربة المرحلة الحالية من أجل استخلاص كل الدروس، وفتح باب الإصلاح الشامل حتى تسترجع الكتلة دورها التاريخي. وأعتقد أن الوقت حان لننفتح على باقي القوى الوطنية الديمقراطية، وخاصة تنظيمات اليسار. - هل التحالف مع حزب العدالة والتنمية غير وارد؟ < نعم، هذا النوع من التحالف غير وارد في جدول أعمالنا حاليا. - بخصوص المشاركة في الحكومة، نعرف أن هناك مواقف متناقضة داخل المكتب السياسي وداخل أطر الحزب حول جدوى البقاء في حكومة الفاسي، ما رأيك؟ < نحن أمام رهان كبير، يتعلق بضرورة إنجاح المؤتمر الوطني الثامن، ولذلك لا يجب أن نختزل المؤتمر في ثنائية الخروج من الحكومة أو البقاء فيها، لأن ذلك سيؤدي إلى الباب المسدود، لكن ليس هناك أي طابو في المؤتمر، حيث إن كل القضايا ستناقش بمسؤولية داخل المؤتمر. - هل هناك تنسيق بين المكتب السياسي ووزراء الاتحاد في الحكومة؟ < نعيش أوضاعا خاصة، وآمل أن نراجع أسلوب عمل الفريق الاتحادي داخل الحكومة غداة المؤتمر الوطني الثامن، ونستخلص الدروس من التجربة الماضية، ونجعل من الطاقم الاتحادي داخل الحكومة، الذي هو طاقم نوعي، أداة للدفاع عن مواقف الحزب. - بخصوص الترشيحات لمنصب الكتابة الأولى، يبدو غير مفهوم توجه قيادة الاتحاد إلى التوافق على الخط السياسي، في حين أن هناك 4 مرشحين على الأقل يفترض أن لهم توجهات مختلفة ويطرحون أفكارهم على أساس تعاقد مع الاتحاديين؟ < هذه تجربة جديدة في تاريخ الاتحاد، وهي بداية لتوجه جديد، وحتى نعطي لهذه الخطوة التنظيمية الجديدة معنى فكريا سياسيا، فإنه لا بد من خطوة ثانية تتعلق بفتح المجال لتنظيم الحساسيات ومجموعات الرأي داخل الاتحاد، لأن المنافسة لا يجب أن يطبعها ما هو تقني أو أن تختزل في الأشخاص، بل يجب أن تكون المنافسة على بالبرامج والمشاريع. ورغم ذلك فإن المرشحين الحاليين يتميزون عن بعضهم البعض. - مثلا، ما الذي يميزك شخصيا عن كل من عبد الواحد الراضي وفتح الله ولعلو؟ < طبعا أنا أتميز عن بقية المرشحين في تصوري لما يجب أن يكون عليه الحزب غدا. الاتحاد حزب يساري ولذلك أرى أن نجعل من هويتنا الاشتراكية الديمقراطية ليس فقط مرجعا أدبيا بل ممارسة وسلوكا وقدرة على تقديم الحلول البديلة، هذا ما يجعلني أؤكد كذلك على ضرورة احترام القرار الحزبي، أي ضمان الاستقلالية في التوجه وانتخاب الأجهزة. وأنا كذلك أدعو إلى التجديد باعتباره خيارا حاسما بالنسبة إلى الاتحاد. وهذا يجعلني أشعر بنوع من الاختلاف عن زملائي، لأنني أشعر بأن هناك نزعة ليبرالية بعيدة في متطلباتها عما نحن في حاجة إليه. - هل أنت مطمئن لحظوظك في الفوز بقيادة الحزب في المؤتمر المقبل؟ < نعم أنا مطمئن، فأنا أحظى بدعم عدد من أعضاء المكتب السياسي وعدد من المؤتمرين من كتاب الجهات والمسؤولين المحليين، وقد نظمت عددا من اللقاءات التواصلية في عدد من مدن المغرب، وتأكد لي خلالها أن الحزب في حاجة إلى تجديد عميق.