تعود الإسبان منذ عهد فرانكو أن يروا دونيا صوفيا صامتة إلى جانب خوان كارلوس، الذي تزوجها وهو أمير يبحث عن عرش، بينما كانت هي أميرة يجلس والداها على عرش اليونان، كانت صورتها حاضرة في جميع المحطات، ترسم على شفتيها نفس الابتسامة الهادئة، لكنها عندما بلغت السبعين سنة، وثقت كلامها سطورا في كتاب بعنوان «قريبا من الملكة» أنجزته الصحافية بيلار وربانون، ونزل إلى السوق نهاية الأسبوع الماضي. خاضت سليلة ملوك اليونان في مواضيع كثيرة، وكان لابد أن تعرج على ذكر سيرة الملك الراحل الحسن الثاني، فحكت أنه كان لا يثق في الطعام الذي يقدم إليه عندما يوجه إليه آل دي بوربون دعوة لزيارة قصر «إيل برادو»، فهو كان لا يكتفي باصطحاب طباخيه فقط، بل أيضا اللحم والدجاج والجبن والدقيق وسميد الكسكس، وكان يبرر ذلك بالدين، لكن الملكة صوفيا تجزم بأنه لم يكن يثق في الطعام الذي تقدمه العائلة الملكية. وبما أن للمعدة سلطتها الخاصة على الملوك، فإن عقيلة ملك إسبانيا لم تخف انزعاجها من الطريقة التي كان يعاملها بها الحسن الثاني على موائده كلما قامت بزيارة بمعية رفيق دربها للمملكة الشريفة، فهو والمقربون منه كانوا يعلمون أنها لا تتناول اللحم، ومع ذلك كانت تجده في جميع الأطباق التي تقدم لها، محشوا في المقبلات والأرز وحاضرا في كل شيء، وعلقت وهي تتذكر تلك الأحداث قائلة: «إنه كابوس». لكن الملكة، التي تزوجها خوان كارلوس عن حب وإعجاب، تحدثت عن علاقة خاصة كانت تجمع بين ملكي ضفتي مضيق جبل طارق، فهما كانا يحبان ويحترمان بعضهما، ويحرصان على حل المشاكل العالقة بينهما والتي كانت كثيرة: الهجرة والفوسفاط والانتقادات والصحراء، وأحيانا كانت المكالمات بينهما تجرى حتى في الفجر. وكانت دونيا صوفيا حادة في حديثها عن موضوع سبتة ومليلية، فقالت إن سحب المغرب لسفيره عمر عزيمان بسبب زيارتها وزوجها للمدينتين لم يكن أمرا جيدا، وأضافت أنها تفهم أن الملك محمد السادس فعل ذلك من أجل إرضاء شعبه، لكن ما فعله لم يسرق النوم من أعيننا. وبما أن دهاء الحسن الثاني السياسي لا حد له، فقد سردت دونيا صوفيا أنه حاول نصب ما وصفته بفخ لملك إسبانيا، حين دعا هذا الأخير إلى القيام بزيارة سبتة ومليلية، ملتزما بأن ينظم له استقبالا حافلا في المدينتين، موضحة أن زوجها الملك خوان كارلوس، رد على الحسن الثاني باستغراب: «كيف يمكن لك أن تنظم لي استقبالا فوق أراض إسبانية؟». «إنه الحسن الثاني»، تعلق الملكة صوفيا. كتاب الملكة صوفيا، المثير للجدل، يأتي بعد سنة من فتور العلاقات بين قصر الثارثويلا والقصر الملكي المغربي، فالملك محمد السادس اعتبر زيارة «عمه» خوان كارلوس، الذي كان يجفف دموعه بالمناديل خلال جنازة الحسن الثاني، خيانة للوصية والعهد، أما خوان كارلوس فإنه ترك زوجته تتكلم، فيما لزم هو الصمت.