أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية، التي تم إجراؤها يوم الخميس الماضي، حصول حزب جبهة التحرير الوطني على 220 مقعدا من بين 462 مقعدا بالمجلس الشعبي الوطني الجديد، متقدما بذلك على التجمع الوطني الديمقراطي، بقيادة رئيس الوزراء أحمد أويحيى، وتكتل الجزائر الخضراء، الذي يضم حركات مجتمع السلم والنهضة والإصلاح. وقد حصل التجمع الوطني الديمقراطي على المرتبة الثانية ب68 مقعدا، فيما لم تتجاوز المقاعد التي حصل عليها تكتل الجزائر الخضراء 48 مقعدا. وفي تعليقه على نتائج الانتخابات، قال عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لجبهة التحرير الوطنية، إن «الشعب الجزائري جدد ثقته في الحزب، ويرى فيه القوى القادرة على ضمان الاستقرار». وأكد بلخادم أن «فوز جبهة التحرير الوطنية أثبت للمشككين والمتطاولين أن الشعب ما زال يثق فيه وفي برنامجهالواعد». لكن الأحزاب الإسلامية، المشكلة لتكتل الجزائر الخضراء، شككت في نتائج الانتخابات، واعتبرت أن عملية الاقتراع شابتها تلاعبات وعمليات تزوير كبيرة أثرت في نتائجها، وهو ما قلل من حظوظهم في الحصول على نتائج إيجابية على غرار الإسلاميين في البلدان المجاورة، معبرة عن مخاوفها تجاه مستقبل الجزائر «لكون هذه النتائج تسببت في إعادة قطار الإصلاحات إلى نقطة الصفر وأرجعت البلاد إلى عصر الأحادية وكرست المزيد من اليأس في قدرة الصندوق الانتخابي على تعميق الإصلاحات وزرع الأمل في المستقبل». وأكدت في بيان لها أنه «رغم حالات التزوير، كان هناك تقارب كبير بين تكتل الجزائر الخضراء وجبهة التحرير الوطني، لكن تأكد لدينا أن هناك تلاعبا كبيرا في النتائج الحقيقية المعلنة على مستوى الولايات، وتزايدا غير منطقي للنتائج لصالح أحزاب الإدارة». وسجل تكتل الجزائر الخضراء أن «هندسة نتائج الانتخابات بهذا الأسلوب المفضوح مصادرة لإرادة الشعب الجزائري المتطلع نحو الإصلاح الدافع باتجاه ربيع جزائري يستجيب لتطلعات جميع الجزائريين، ويضيق مساحات الأمل في المستقبل، لاسيما لدى الشباب الجزائري الطامح إلى استلام المشعل». وشدد البيان ذاته على أن «تكتل الجزائر الخضراء يعتبر النتيجة المعلنة تناقضا مع الحقيقة السياسية التي صنعها الشعب في الصناديق، ويرى التكتل نفسه القوة السياسية الأساسية الأولى في البلاد التي تنعقد عليها آمال الإصلاح ورهانات المستقبل». إلى ذلك، اعتبر الشيخ أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم، في تصريحات صحفية، أن «الفرق بين ما جرى في مصر وتونس وبين بلادنا هو أن الانتخابات هناك جاءت بعد ثورة وعندنا نحن جاءت الانتخابات قبل الثورة والنتيجة بالطبع تختلف». وأكد في حديثه عن تزوير نتائج الانتخابات أن «لا مجال للتهمة، وإنما قد عدنا إلى ما قبل أكتوبر 1988، أي إلى زمن الحزب الواحد». واستبعد أن يؤثر البرلمان المقبل في مستقبل البلاد، لا على السياسة ولا الدستور، مضيفاً «إذا كان الشعب اختار فهو راض باختياره». في المقابل، أشاد المراقبون الأوربيون بالانتخابات الجزائرية وبالأجواء التي مرت بها، معتبرين سير الانتخابات إيجابيا بالمجمل، مع تسجيل بعض التجاوزات. وأكد المراقبون التابعون للاتحاد الأوربي أن الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في الجزائر الخميس الماضي، كانت بوجه عام حرة ونزيهة. وسجل رئيس بعثة المراقبين وجود جوانب سلبية في بعض النواحي التقنية للانتخابات، ولكن كانت هناك العديد من النقاط الإيجابية، مؤكدا أن الانتخابات خطوة أولى على طريق الإصلاح، والتي قد تؤدي إلى تعميق الديمقراطية وحقوق الإنسان. وردا على التشكيك في نتائج الانتخابات، اعتبر رئيس بعثة المراقبين الأوربيين أنه «كانت هناك معايير شفافية أكثر مما كان عليه الحال في الانتخابات السابقة، إلا أنه ما تزال هناك مساحات يمكن إضافة المزيد من المعايير فيها».