تشارك لطيفة جبابدي، وهي برلمانية مغربية عن حزب الاتحاد الاشتراكي، ضمن وفد نسائي مغربي وصل إلى واشنطن للمساهمة في مراقبة سير الانتخابات الرئاسية التي تجرى يوم الثلاثاء القادم. «المساء» اتصلت بالسيدة جبابدي وطرحت عليها أسئلة حول أنشطة الوفد المغربي وعدد من القضايا الأخرى. - كيف توصلت بدعوة المشاركة في مراقبة الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ < توصلت بدعوة من الجامعة الأمريكية ومقرها في العاصمة واشنطن خلال شهر ماي الماضي عبر رسالة إلكترونية قالت إنهم قاموا باختيار 50 امرأة عربية للمشاركة في أنشطة مكثفة لها علاقة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وأيضا لمراقبة هذه الانتخابات، وقبلت الدعوة. - لكن بعض الجهات داخل المغرب أشارت إلى أن السفارة الأمريكية في الدارالبيضاء هي من كانت مسؤولة عن عملية انتقاء المُشاركات في الوفد المغربي. < كنت ضمن مجموعة من النساء اللواتي تم الاتصال بهن مباشرة من الجامعة الأمريكية في واشنطن، وأعتقد أنه بعد ذلك تم استدعاء مجموعة أخرى من المشاركات عن طريق السفارة الأمريكية. - من يقوم بدفع تكاليف رحلة الوفود العربية؟ < الجامعة الأمريكية في واشنطن وعدد من شركائها في هذا المشروع بالإضافة إلى دعم وزارة الخارجية الأمريكية. - هل يمكن أن تحدّدي لنا بالضبط الأطراف التي وجّهت إليك الدعوة؟ < برنامج النساء والسياسة في مركز الدراسات النسائية بالجامعة الأمريكية ومركز الديمقراطية والنظم الانتخابية بالجامعة نفسها. - من يشارك إلى جانبك في تمثيل المغرب؟ < نحن تسع نساء مغربيات نمثل عدة أحزاب سياسية مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية والحركة الشعبية... لا نمثل جميع الأطياف السياسية المغربية، لكن يوجد من بيننا المناضلات السياسيات داخل الأحزاب والبرلمانيات والمستشارات الجماعيات. - هل يمكن إطلاعنا على برنامج الوفد المغربي؟ < برنامجنا يأتي ضمن البرنامج العام للمجموعة العربية التي قلت إنها تتألف من 40 امرأة من تسع دول ويمتد على مرحلتين. الأولى دامت 10 أيام اشتغلنا خلالها داخل الجامعة الأمريكية في إطار ورشات، وتلقينا خلالها عروضا مفصلة حول النظام السياسي الأمريكي بشكل عام والنظام الانتخابي بشكل خاص، آلياته وتفاصيل اشتغال الحملة وكيفية انتخاب المتنافسين.. كما تابعنا عن قرب مجريات الحملة الانتخابية الحالية. وتضمن البرنامج لقاءات شخصية مع عدد من المسؤولين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي ومسؤولين أمريكيين منهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ونائب المسؤول عن الأمن القومي ومتحدثة باسم البيت الأبيض. - عماذا تحدثتم مع هؤلاء المسؤولين وخصوصا مع وزيرة الخارجية الأمريكية؟ < ركزت أسئلة المشاركات خصوصا على السياسية الأمريكية في المنطقة العربية وخصوصا القضية الفلسطينية والملف العراقي. وطرحت ممثلة كل بلد عربي على حدة أسئلتها بشكل صريح وشفاف. - وماذا كان رد رايس على تلك الأسئلة؟ < لقد جدّدت السيدة رايس التأكيد على موقف الإدارة الحالية من تلك الملفات، وقالت إنها قامت ب21 زيارة إلى الشرق الأوسط وبذلت جهدا كبيرا لحل القضية الفلسطينية، كما قالت إنها حققت تقدما كبيرا يتجلى في قبول إسرائيل لأول مرة بفكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة عوض فكرة إسرائيل الكبرى التي ترفض الاعتراف بحق الفلسطينيين. - هل طرح الوفد المغربي سؤالا حول قضية الصحراء؟ < في الحقيقة لم نطرح السؤال حول هذا الموضوع بالضبط لكننا انتخبنا نائبة برلمانية تمثل منطقة الداخلة للحديث باسمنا وطرحتْ سؤالا حول أفق العلاقات المغربية الأمريكية بشكل عام، وركز الجواب من قبل المسؤولين الأمريكيين على الجانب الاقتصادي في تلك العلاقة، مشيرين إلى أهمية اتفاق التبادل الحر الذي تم إبرامه بين البلدين. - ما هي الأشياء التي أثارت انتباهك خلال زيارتك الحالية إلى واشنطن، خصوصا وأن الأجواء الانتخابية تخيم على الحياة السياسية داخل أمريكا؟ < أكثر ما أثار انتباهي هو هذه الأجواء بالضبط. هناك نقاش حقيقي وأجواء انتخابية تسيطر على الجميع، وكل الأشخاص الذين التقيت بهم هنا أكدوا لي اندماجهم الكامل في الانتخابات لأنها حاسمة بالنسبة إليهم. شيء آخر أثار انتباهي هو نظام الاقتراع الأمريكي الذي يحاول ضمان حق الجميع في المشاركة في التصويت مثل التصويت عبر البريد والتصويت القبلي الذي انطلق حاليا، بالإضافة إلى أن الوقت المخصص للحملة الانتخابية وهو وقت طويل وكاف كي تشرح الأطراف المتنافسة مواقفها وبرامجها الانتخابية. هناك أيضا المناظرات التلفزيونية المباشرة والتي لا تسمح للمرشحين بمخاطبة الشعب فقط وإنما تسمح بالحكم على شخصيتيهما أيضا وقدرتهما على الإقناع والدفاع عن مواقفهما. كل تلك الأشياء مهمة بنظري وتعطي زخما للحملة وتسمح للمواطنين بتكوين موقف محدد واختيار المرشح المناسب. شيء آخر أثار انتباهي هو هذا التخوف عند الكثير من الناس من أن يتراجع الناخبون عن التصويت لصالح أوباما يوم الاقتراع بسبب لون بشرته رغم التفوق الذي تمنحه إياه نتائج استطلاعات الرأي. - من خلال حديثك مع المواطنين العاديين والمسؤولين والأكاديميين، من هو المرشح الذي يحظى بشعبية أكثر؟ < بالتأكيد باراك أوباما، لقد فوجئت بالشعبية الكبيرة التي يحظى بها أوباما بين أوساط الذين تعاملت معهم إلى حد الآن. - وأنت من تدعمين ماكين أم أوباما؟ < (ضحكات) أتساءل إن كان من حقي الإدلاء بهذا الرأي حاليا. - (مقاطعة) يمكنك الإدلاء برأيك كمواطنة مغربية وخارج جبة المسؤولية. < بشكل شخصي جدا، أدعم أوباما وأتمنى فوزه لأن برنامجه الانتخابي اجتماعي ويدافع عن مصالح الطبقة المتوسطة، ولأننا رأينا نتائج السياسة التي انتهجها الجمهوريون خلال السنوات الثمانية الأخيرة. شيء واحد فقط لا أعلمه عن أوباما وهو موقفه من قضية الصحراء المغربية، لأننا نعلم موقف ماكين وهو من موقف الجمهوريين الداعم لمقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب مؤخرا. - بحكم انتمائك إلى حزب يقول إنه يتمسك بالمبادئ الاشتراكية، كيف تنظرين إلى الاتهامات التي وجّهها ماكين إلى أوباما، ومفادها أن الأخير يريد تطبيق مبادئ الاشتراكية في أمريكا في حال فوزه؟ < لاحظت أن هناك رغبة لدى الجمهوريين في إعطاء صورة شيطانية عن الاشتراكية، وهذا الأمر بدأ في أمريكا منذ الحرب الباردة. رأيت كيف أن ماكين يتحدث عن البرامج الانتخابية لأوباما ويصفها بالاشتراكية وكأن الاشتراكية تهمة. أعتقد أن مقترحات أوباما في المجال الاجتماعي تبقى ليبرالية لكن بنفحة اجتماعية مستوحاة من الاشتراكية. هذه محاولات للتنقيص من شعبية أوباما تماما كما تم اتهامه بالانتماء إلى الإسلام وكأن الإيمان بهذا الدين الحنيف تهمة. خصوم أوباما يُشهرون فزاعة الإسلام والاشتراكية كي يخيفوا الشعب الأمريكي، وهذه مجرد حرب سيكولوجية تدخل ضمن الاستراتيجيات الانتخابية. - كيف سيستثمر الوفد المغربي تجربته في هذه الانتخابات داخل المغرب؟ < وقفنا على العديد من الأشياء الإيجابية، لكن السؤال الذي سيواجهنا هو هل توجد لدينا الإمكانيات لتطبيق ما رأيناه على أرض الواقع? وأعطي هنا مثالين اثنين: نعاني في المغرب من مشكل العزوف عن المشاركة الشعبية في الانتخابات، ورأينا هنا كيف يُسمح للأمريكيين المتغيبين والقاطنين في المناطق النائية بالتصويت عبر البريد أو التصويت المُسبق أو حتى التصويت عن طريق الأنترنت، فهل يمكننا تطبيق ذلك في المغرب؟ كما نعاني في المغرب من تحديد طول الحملة الانتخابية في أسبوعين، وهي مدة غير كافية بتاتا للتواصل مع الناس وإقناعهم بالبرامج الانتخابية. - هل تعتقدين أن نظام الانتخاب الأمريكي عادل وديمقراطي؟ < (تردد) أعتقد أنه ديمقراطي ويسعى إلى إشراك أكبر عدد ممكن من المواطنين، لكن تبقى لكل نظام هفواته، وأستحضر هنا ما حصل في انتخابات سنة 2000، لكن رغم ذلك رأيت كيف يحاول هذا النظام تجاوز الاختلالات البنيوية فيه والعمل على تطوير نفسه والاستفادة من التكنولوجيا إلى أقصى مدى ممكن. ولا يجب أن ننسى أنه لا يوجد هناك نظام انتخابي مثالي وخال من العيوب.