يقول خالد جلال، عضو المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للتعليم وعضو المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل (ODT) إن الشغيلة التعليمية لم تحقق أي مكاسب هذه السنة ولم يحقق الحوار القطاعي أي نتائج تذكر، لهذا فخروجها اليوم في فاتح ماي ليس للاحتفال وإنما للاحتجاج والمطالبة بإصلاح المنظومة التربوية. - في كل سنة يتم الاحتفال بفاتح ماي، أي جديد يحمله هذه السنة للأسرة التعليمية في ظل الحكومة الحالية؟ في الواقع، يمكن اعتبار محطة فاتح العيد الأممي للطبقة العاملة، ومن ضمنها شغيلة التعليمن فرصة للاحتفال بالمكاسب التي تم تحقيقها خلال سنة من النضال من أجل الكرامة وتحسين الأوضاع المعيشية. لكن، ومنذ مدة ليست بالقصيرة، أصبحت الطبقة العاملة تخلد هذا العيد بنكهة من التذمر والاستياء وشعور بالإحباط، بسبب سوء تدبير الملفات الاجتماعية في إطار ما يسمى الحوار الاجتماعي. وتعتبر هذه السنة، كسابقاتها، سنة بيضاء بالنسبة إلى الطبقة العاملة، حيث لم تنتزع خلالها أي مكاسب جديدة في ظل غلاء المعيشة وجمود الأجور، مما انعكس سلبا على القدرة الشرائية لعموم الأجراء. أما في ما يخص التعليم فلا يخرج عن نفس القاعدة، إذ لم تحقق الشغيلة التعليمية أي مكاسب هذه السنة ولم يحقق الحوار القطاعي أي نتائج تذكر. وبناء عليه، يصعب علينا في المنظمة الديمقراطية للتعليم أن نقول «احتفالا» بما تحمله هذه الكلمة من معنى، بل سيكون مناسبة أخرى للاحتجاج والتعبير عن السخط والاستياء والتذمر وكذلك فرصة لرفع شعارات ولافتات تطالب بإصلاح حقيقي للمنظومة التربوية وتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للأسرة التعليمية. وبالتالي سيؤجل الاحتفال إلى فاتح ماي آخر تكون قد حققت فيه الطبقة العاملة المطالب التي تصبو إليها. - لمَ يتم الحديث عن التعليم بنوع من التيئيس؟ لا أسميه أنا خطاب تيئيس وإنما هو نوع من توالي الإحباطات التي يشعر بها المواطن والفاعل التربوي جراء توالي الانتكاسات في مجال الإصلاح التربوية وتواصل نفس الاختلالات، بل وتفاقمها مع مرور السنوات، دون أن تتمكن المشاريع الإصلاحية المقترحة، بدءا من الميثاق الوطني والبرنامج الاستعجالي، حيث لم ترق هذه الإصلاحات، أو المحاولات الإصلاحية إذا صح القول، في ظل اعتماد مقاربة فردانية وتنزيل عمودي، إلى انتظارات وطموحات الفاعلين التربويين والآباء والتلاميذ والنقابات التعليمية... مما خلّف نوعا من التذمر والاستياء وتأجج الاحتقان داخل قطاع التعليم. - هل فشلت النقابات في إيجاد حل للعاملين في قطاع التعليم، خاصة أن كثير من الملفات مازالت عالقة؟ بالنسبة إلينا في المنظمة الديمقراطية للتعليم، نعتبر أن الحوار القطاعي، الذي نحن مقصيون من المشاركة فيه منذ مدة، لم يتضمن مكونا أساسيا من الملف المطلبي والمتعلق بإصلاح التعليم ورد الاعتبار للمدرسة العمومية، ناهيك عن عدم التعاطي الإيجابي مع المطالب المادية المهنية للشغيلة التعليمية. عموما، يمكن القول إن هناك تدبيرا نقابيا متواضعا لمجمل الملفات المطروحة في الحوار القطاعي وعدم مرافقة الجلسات الشكلية ببرنامج نضالي يضع الوزارة الوصية أمام مسؤوليتها. في المقابل، هناك فقدان الثقة للشغيلة التعليمية في النقابات نتيجة تعدد الإحباطات، مما أسفر عن خلق مجموعة من التنسيقيات والجمعيات التي انتقضت ضد النقابات المحاورة وشرعت في النضال خارج الإطار النقابي. - ما هي هذه الملفات العالقة؟ نعتقد، في المنظمة الديمقراطية للتعليم، أن الملف الذي يحظى بالأولوية لدينا هو ملف الإصلاح التربوي وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، والذي نعتبره ذ أسبقية بامتياز، على اعتبار أن الإصلاحات السابقة برهنت عن فشلها وإخفاقها رغم بعض الإيجابيات، التي تبقى دون مستوى الطموحات الشعبية ولا تتماشى مع الالتزامات الحكومية. وفي هذا السياق، نطالب بالتعجيل بفتح نقاش عمومي وحوار واسع حول التعليم في بلادنا باعتماد مقاربة تشاركية حقيقية بعيدا عن المنطق الإقصائي والعقلية الانتقائية من أجل تشخيص متكامل بهدف وضع الخطوط العريضة لورش إصلاح شمولي ومندمج يروم وضع التعليم على السكة الحقيقية للوصول إلى محطة التنمية المجتمعية بمواطن مؤهل وقادر على ذلك. - ما هي الفئات التي تنتظر إنصافها؟ الأساتذة المرتبون في السلم ال9 والمتضررون من الترقية، - أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي - الإعدادي المطالبون بالترقي إلى خارج السلم، - أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي المطالبون بزيادة درجة إضافية في السلم الترقي (الدرجة الاستثنائية)، - الأساتذة خريجو المدارس العليا للأساتذة المطالبين بمعادلة دبلوم «ENS» بالماستر وإلغاء امتحان شهادة الكفاءة التربوية، - الأساتذة الملحقون سابقا بدول الخليج العربي المطالبون بتسوية مشكل التقاعد، - الأساتذة والإداريون العاملون في الوسط القروي المطالبون بتعميم التعويض عن العمل في الوسط القروي، - أطر التوجيه والتخطيط والأطر المشتركة والمتصرفون، بالإضافة إلى فئات أخرى. - البطالة في تصاعد.. هل التكوينات هي المسؤولة؟ يعتبر مشكل عطالة حاملي الشهادات العليا من بين الاختلالات البنيوية للمنظومة التربوية بشكل عام، حيث مازالت المنظومة التعليمية تفتقر إلى إستراتيجية واضحة تربط بين مخرجات التعليم والتخصصات المطلوبة وبين احتياجات سوق العمل وما يتطلبه من كفاءات علمية قادرة. - لكن إضرابات رجال التعليم ساهمت في حرمان كثير من التلاميذ من الدراسة؟.. نحن في المنظمة الديمقراطية للتعليم نعتبر أن الإضراب حق دستوري ولا يمكن، بأي حال، أن نسمح لأي جهة أن تعمل على تكبيله ومنعه تحت ستار التقنين، لأن تقنين الإضراب ليس أولوية في الوقت الراهن، وهذا التقنين يتطلب إجراءات أولية، من بينها المصادقة على قانون النقابات وعدم الكيل بمكيالين بخصوص مسألة التمثيلية، حيث تتوفر مركزيتان نقابيتان فقط على هذه التمثيلية التي «تُطبَخ» في الكواليس، إذ تزور انتخابات اللجن الثنائية لغرض في نفس يعقوب.. ومع ذلك، نحن نخوض الإضرابات مكرهين لا مخيرين، لأن الحكومة والوزارة الوصية لا تتعاملان بالجدية والمسؤولية المطلوبتين لمعالجة مختلف القضايا والملفات المطروحة على طاولة النقاش والحوار الاجتماعي والقطاعي. بل إن سياسة المماطلة والتسويف والوعود الكاذبة هي السبب في تفاقم حدة التوتر وتزايد عدد الإضرابات في القطاع. وبالتالي تجب معالجة أسباب ودواعي الإضراب قبل الهجوم غير المبرر على هذا الحق. وعموما، نحن في المنظمة نعي تمام الوعي حق التلاميذ في التمدرس ونقدّر المجهودات الجبارة التي تقوم بها الجمعيات الجادة للآباء ونعمل على إشراكهم في جميع الندوات الفكرية والملتقيات الوطنية التي ننظمها، وكان آخرها المؤتمر الإقليمي للتربية والتعليم في إفريقيا بين 18 و20 أبريل 2012، حيث استدعينا رئيس فدرالية جمعيات الآباء، الذي شارك بمداخلة قيّمة. - ما رأيكم كنقابة في النظام الأساسي لوزارة التعليم والتعديلات التي طرأت عليه؟ في الحقيقة، علقت الشغيلة التعليمية آمالا كبيرة على النظام الأساسي الجديد، وخصوصا في ما يتعلق بتصحيح الثغرات المتضمنة في نظام 2003 وتضمينه مجموعة من التعديلات التي تعكس المطالب الأساسية للفئات التعليمية. لكن، وبعد قراءة أولية لهذا النظام الأساسي -2012 يتضح أن أغلبية المطالب التي ناضلت من أجلها مجموعة من الفئات التعليمية ليس لها أثر في هذا النظام الأساسي، الذي نعتبره في المنظمة انتكاسة كبيرة. ومن بين المطالب الأساسية الغائبة، نذكر الحق في الترقي إلى خارج السلم (الدرجة الممتازة) لجميع أساتذة الابتدائي والثانوي الإعدادي، الذين تقف عجلة الترقي لديهم عند السلم ال11 فقط، وكذلك مسألة إحداث الإطار بالنسبة إلى أطر الإدارة التربوية، من مديرين ونظار وحراس عامين ورؤساء الأشغال، الإطار الذي وعدت به الوزارة الوصية والتزمت بإحداثه وتضمينه في النظام الأساسي الجديد، لكن، وللأسف الشديد، أخلفت الوزارة وعدها مع الشغيلة التعليمية، معلنة بذلك استمرار الاحتقان داخل القطاع وتواصل الإضرابات حتى تحقيق المطالب العادلة. - أي شعار سترفعه النقابات التعليمية في فاتح ماي؟ بالنسبة إلى المنظمة الديمقراطية للتعليم، التي أمثلها، سيكون فاتح ماي مناسبة أخرى للاحتجاج بشدة وبشكل نضالي عالٍ على جميع التراجعات وعدم الوفاء بالالتزامات الحكومية تجاه شغيلة قطاع التعليم. ومن الشعارات التي سنرفعها مجددا الإصلاح التربوي وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، باعتبارها القاطرة الأساسية للمشروع التنموي والمجتمعي، مع الإسراع بوضع اللبنات الأولى لإستراتيجيه واضحة حول الإصلاح، منهجية ومضمونا. وسنرفع أيضا شعارات المطالبة بتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية والمهنية لجميع الفئات التعليمية المتضررة من سياسة التماطل والتسويف، مع فضح جميع أشكال استعمال العنف باعتماد المقاربة الأمنية، التي تتعارض مع مضامين الدستور الجديد والتأكيد على ضرورة احترام الحقوق والحريات النقابية، وفي مقدمتها الحق في الإضراب، الذي نرفض أي محاولة أو مناورة /مؤامرة لتكبيله أو تقنينه، لكبح جماح النقابات المناضلة من مواصلة نضالاتها إلى جانب الطبقة العاملة عموما والشغيلة التعليمية على وجه الخصوص. - قام الوزير الحالي بمجموعة من الإصلاحات لم ترض عنها النقابات؟ ما هي المطالب الأولى التي تريدونه أن ينكب عليها؟ أظن أن المطلب الأساسي وأولوية الأولويات هي الإسراع بإصلاح المنظومة التربوية، بعد القيام بتشخيص دقيق وموضوعي للوضعية التعليمية على مختلف المستويات. ونحن في المنظمة الديمقراطية للتعليم نعطي أهمية بالغة لمسألة الإصلاح، التي تؤرق الجميع، بدءا من الفاعل التربوي وانتهاء بالآباء والتلاميذ وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بالشأن التربوي. نطالب بإصلاح تربوي يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأساسية التالية: - البعد الشمولي: ونقصد به إصلاح جميع مكونات المنظومة، من برامج ومناهج وطرق تدريس ونظام تقويم ومنظومة الوجيه والإشكالية اللغوية (لغة التدريس وتدريس اللغات) ونظام التكوين المستمر وبناء العدد الكافي من المؤسسات التعليمية وتدبير معقلن للموارد البشرية (توفير العدد اللازم من الأطر الإدارية والتربوية) ومسألة أشكال الدعم الاجتماعي والزيادة في الداخليات... - البعد التشاركي: نعتبر في المنظمة أن إشراك الجميع مسألة ذات أهمية قصوى في إنجاح الإصلاح التربوي المقبل وضمان الانخراط الفعال والإيجابي لمختلف شرائح المجتمع وجميع الفاعلين في الورش الإصلاحي. وبالتالي، نعتبر المقاربة التشاركية في الإصلاح مسألة ضرورية ولها راهنيتها وإيجابياتها، مع ضرورة فتح نقاش عمومي واسع وحوار وطني مسؤول حول المسألة التعليمية، التي توليها الأسر المغربية اهتماما بالغا. - البعد المندمج: لا يمكن لوزارة التعليم لوحدها أن تأخذ على عاتقها إصلاح التعليم، بل يجب على جميع القطاعات المعنية، كالتجهيز والنقل والجماعات المحلية والصحة والماء والكهرباء والسكن والأسرة والتضامن... وغيرها أن تنخرط هي الأخرى في الإصلاح التربوي.