سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات يسلط الضوء على الثورات العربية تقرير يقف على انتعاش الحديث الرسمي عن المغرب العربي والإعتراف بالتأثير الإستراتيجي في كل من الجزائر والمغرب
عبد الخالق بدري أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، ضمن سلسلة تحليل سياسات، وحدة تحليل السياسات في المركز -أبريل 2012 تقريرا حول «التوازنات والتفاعلات الجيوستراتيجية والثورات العربية»، ويُتضمن التقرير في 32 صفحة تم تقسيمه إلى أربعة فصول، ويتسم بالجدة في رصد التحولات الحديثة في العالم العربي، خصوصا بعد الثورات التي عرفتها المنطقة، ويبتعد عن المقاربة الوصفية وعن المقاربات التي استعانت بالعوامل والأسباب والأدوار الإقتصادية والإعلامية وغيرها في نشوب الثورات العربية، وهو ما اعتبرته الورقات «دحضا لعدد من الأفكار المسبقة غير المؤسسة على معلومات ووقائع». فلا ينكر أحد مدى تأثير تداخل السياسي والاجتماعي «إلى درجة يصعب معها فصلهما» في المتغيرات الداخلية في جل الأقطار التي شهدت توترات في الشارع. ويمكن اعتبار هذا العالم مركزيا وأساسيا، لكن نفس هذا العامل كان له نفس الأثر والفعل في بعض الدول التي تمتلك أنظمة ملكية، البحرين والأردن والمغرب. ويذهب التقرير إلى أنه «لا يمكن النظر إلى موجة التغيير والثورات العربية في إطارها الاحتجاجي الداخلي فقط.» ويضيف أن «لهذه الثورات بعدا جيوستراتجيا مهما أيضا». ومنه يستمد جديته، فجل الدراسات التي ظهرت وأغلب التحليلات حصرت العامل الداخلي للثورات العربية في التحولات التي تشهدها بؤر التوتر الاجتماعي، ليتم الدفاع في تقرير هذا المركز على مركزية البعد الجيوستراتيجي، الأمر الذي تطلب وجعل المشرفين عليه أن ياتوا بمداخل جديدة ومفاتيح قراءة مغايرة. ولعل ما يعزز هذه المقاربة نوع التفاعل وطبيعة التدخلات الدولية التي كانت مع كل من اليمن والبحرين وسوريا، فيكون مستوى التفاعل بطبيعة المكانة الجيوستراتيجية التي يحتلها القطر /البؤرة، وهو ما تبين في حالة مصر كذلك في بداية التحول. ويبتدئ التقرير بتوصيف لحالة المشهد الجيوستراتيجي قبل الثورات العربي، فيجمله في أن جل الدول العربية، خصوصا بعد الحرب الباردة، بلورت توجهاتها ورؤيتها وسياساتها لصالح كسب ود القوى العظمى المتمثلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فكان الوطن العربي بذلك سوقا ومرتعا لمصالح القوى العظمى، مما غيّب كل الأدوار الرسمية العربية. وكان أي تحرك عربي يُجابَه بهجوم غربي قوي، الشيء الذي أضعف الدولة العربية -القطب، وخاصة مصر، التي يقول التقرير إنها «تنازلت عن دورها المركزي في الصراع العربي الإسرائيلي». ويمكن إجمال المشهد بمزيد من تثبيت دعائم مشروع الولاياتالمتحدةالأمريكية ومزيد من الإنبطاح العربي الرسمي، في مقابل بروز مقاومة شعبية، خصوصا بعد ما حققته المقاومة اللبنانية تحديدا التي خلطت الأوراق في المنطقة، خصوصا أن هذا الخلط جاء بعد الهيمنة الأمريكية والصورة التي رسمت حول أمريكا بعد هزيمة العراق. والملاحظ في المشهد كاملا، والذي جاء مفصلا ومبينا لمختلف العلاقات، أن الثورات العربية جاءت في حالة تتسم بعدم الصدام مع الغرب، ولهذا وصف التقرير الثورات العربية بأنها مفاجئة للولايات المتحدة وأوروبا، حيث إن هاتين القوتين العظميين تورطتا مع أنظمة مستبدة، مما جعل الثورات خارج سياق السياسات الأمريكية، بل كانت مناقضة لها تماما. وينتقل التقرير إلى الوقوف عند التغيرات الجيوستراتيجية أثناء الثورات العربية، ويجمل أغلب التحولات التي فتحت باب التغيير والإصلاح في مجموعة من العناوين، منها انتعاش الحديث الرسمي عن المغرب العربي، الاعتراف بالتأثير الإستراتيجي في كل من الجزائر والمغرب، رغم الشكوك حول الإجراءات الإصلاحية، تعاظم الحضور الدولي في حالات البحرية واليمن وسوريا. ومن جهة أخرى، استرعى التقرير الدور السعودي ومواقفه التي اعتبرها مواقف معارضة لجل الثورات العربية، حيث إن المملكة العربية السعودية اعتبرت أن «الثورات ظاهرة تخص الجمهوريات».. وتوقف التقرير مليا عن طبيعة الملكيات في الوطن العربي واعتبرها نموذجا للجمهوريات، خصوصا بعد ظاهرة «الجمهوريات الملكية». غير أن التقرير اعتبر أن الشرعية الدينية والأسرة العشيرة كانت لهما أثر كبير في إحداث تغير في مستوى النظر. ويعترف التقرير بمقاربة خليجية موحدة، تختلف عن باقي التحليلات الأخرى، خصوصا بعد أن لبست ثورة البحرين لبوسا طائفيا، مما استدعى حضورا جيوستراتيجايا آخر. ولم يكن اليمن بمنأى عن هذه المقاربة، خصوصا بعد أن تعزز دور مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية. وفي ما يخص سوريا، فالكل كان يذهب إلى أن الحالة السورية بعيدة كل البعد عن دوافع الثورة، كما هي دوافعها في مصر وتونس وغيرهما من الدول، مع العلم أن النظام السوري كان «يتشدق» بما ثارت به الشعوب العربية في مصر وليبيا وتونس.. وهو تشدقه بالمقاومة وبأنه نظام ممانع إلى غيرها من العوامل التي كان يرتكز عليها ويعتبر أنها عوامل ستحميه من موجة «الربيع العربي»، إضافة إلى العلاقة الجيدة مع تركيا، التي كانت علاقة إستراتيجية، حسب تركيا، وعلاقة قوية مع إيران بعد المصالح المتبادلة أمنيا تحديدا وفي العراق تحديدا. وهكذا ففي الحالة السورية يتبين لنا -حسب التقرير- الحضور الجيوستراتيجي بشكل أقوى، فروسيا، التي تعاظم دورها دوليا في سوريا تعتبر أن منطقة الشرق الأوسط مكان لتعظيم مصلحتها وأمنها القومي أكثر ما تراه في محيطها الإقلمي. ولهذا تعتبر سوريا منطقة حساسة بالنسبة إليها، رغم إمكانية ضعف النظام الحالي، ولكنْ لإعتبارت اقتصادية وجيو سياسية تعتبر ضرورة الحفاظ على مصلحتها بالحفاظ على طبيعة النظام الحالي وطبيعة علاقاته الحالية. ورغم تصاعد الشارع العربي وتأنيبه للدور الروسي فإنه غيّرَ من تكتيكه بدخوله في تفاوض مع جامعة الدول العربية، في محاولة منه لامتصاص الغضب. وينتقل التقرير إلى مستوى آخر، فيورد اللاعبين الدوليين والإقليميين، مجملا أهم الفاعلين في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية، الصين، روسيا، تركيا وإيران، لكن التقرير يعتبر أن «الرأي العام العربي له محدد أساسي ودور كبير في التغيرات الإستراتيجية ويخلط الأوراق لمواقع اللاعبين الدوليين والإقليميين».