قال الملك محمد السادس إن «الإجماع الشعبي على هذا الدستور الديمقراطي المتقدم خير برهان على أن الإرهاب لن يزيد المغرب والمغاربة إلا إصرارا على السير إلى الأمام، في ترسيخ التطور الديمقراطي والانفتاح ونبذ نزوعات وعصابات الإرهاب الظلامية المقيتة، حيثما كانت»، مضيفا، في رسالة تلاها نيابة عنه مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات بمناسبة الذكرى الأولى لتفجيرات «أركانة»، أن عزم المغرب القوي على مواصلة الحرب ضد الإرهاب «المقيت» لا يعادله إلا «إصرارنا على المضيّ قدما في توطيد النموذج الديمقراطي التنموي المتميز، الذي ارتضاه المغاربة جميعا، في اعتزاز بهويتهم الروحية والحضارية العريقة، القائمة على الاعتدال والتسامح والانفتاح ونبذ نزوعات التطرف والانغلاق والعدوان»، مؤكدا في الوقت ذاته التزام المغرب الراسخ بمواصلة انخراطه الفعال في الجهود الجهوية والدولية الهادفة إلى التصدي لهذه «الآفة العابرة للحدود، والتي لا دين لها ولا وطن، ومحاربة شبكاتها وعصاباتها الإجرامية بلا هوادة والعمل على تجفيف منابعها». وأوضح الملك محمد السادس أن العمل الإرهابي الذي أسفر عن مقتل 17 شخصا، أغلبهم سياح أجانب، في 28 أبريل الماضي، «لم يستهدف المغرب ومدينة مراكش فقط، وإنما استهدف، يائسا، أيضا ما يجمع بلادنا بدول صديقة تربطها وشعوبَها بالمملكة أواصر متينة من التشبث بالقيّم المثلى للإخاء والتضامن والتواصل والتفاهم والديمقراطية والتقدم»، مجددا إدانته ل«الإرهاب المقيت، بكل أشكاله، ومهما كانت دوافعه وأسبابه، لكونه يتنافى مع القيّم الإسلامية السمحة، ومع المبادئ الكونية السامية، التي تقدس الحق في الحياة، الذي حرصنا على تكريسه في صدارة حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها عالميا، في الدستور الجديد للمملكة». كما جدد الملك التعبير لكافة الأسر المكلومة وذويهم، من مختلف الجنسيات، من فرنساوهولندا وسويسرا وبريطانيا وكندا ومن المغرب، عن أصدق مشاعر التعاطف والتضامن معهم في فقدان أعزائهم، كما أعراب للمصابين في هذا الحادث عن أصدق متمنياته لهم بالشفاء الكامل واسترجاع صحتهم وعافيتهم وتجاوز الآثار الصعبة التي خلّفها هذا «الإجرام الآثم في أنفسهم». وبعد أن أشاد بمجهودات بالمصالح الأمنية الوطنية، بكل مكوناتها، وبما أبانت عنه من احترافية وفعالية وتعبئة ويقظة في القيام بواجبها الوطني والمهني، في حماية أمن وطمأنينة المواطنين وممتلكاتهم ورصد وإفشال المحاولات والمؤامرات العدوانية وتفكيك الشبكات الإرهابية، التي «تحاول يائسة المس بأمن الوطن واستقراره ومكاسبه الديمقراطية ومسيراته التنموية»، أكد الملك على نهج المغرب الراسخ في التصدي للإرهاب، ب«إستراتيجية شمولية ومتعددة الأبعاد، يتكامل فيها الجانب الأمني مع التقدم الديمقراطي والعمل التنموي ومع الإبداع الثقافي والفكري المتنور، في التزام بسيادة القانون ومساواة الجميع أمامه، وفي ظل سلطة القضاء»، مشيرا إلى أنه حريص على أن يظل المغرب «واحة أمن واستقرار ومنارة مشعة للحوار والسلم والتسامح والتفاعل الإيجابي بين مختلف الديانات والثقافات والحضارات». من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن شكره وامتنانه للملك محمد السادس، على ما بذله تجاه أسر وعائلات ضحايا تفجيرات «أركانة»، من الفرنسيين وكافة الضحايا من مختلف الجنسيات، كما توجه بالشكر للشعب المغربي، الذي عبّر عن تعاطفه مع الضحايا، معلنا عن رفضه الإرهاب. وأكد ساركوزي في كلمته التي ألقاها نيابة عنه ميشيل ميرسيي، وزير العدل والحريات الفرنسي صباح أول أمس السبت في حديقة عرضة البيلك، في ساحة جامع الفنا، أنه ما يزال يحتفظ في ذاكرته بمشاعر الحزن والأسى المرسومة على وجوه عائلات وأسر الضحايا الفرنسيين في الحادث الإرهابي ل»أركانة»، لحظة استقبالهم في فرنسا، معبرا عن شكره لتعاون الحكومة المغربية وأجهزتها الأمنية مع الحكومة الفرنسية، مشيدا بالفعالية والنجاعة التي أبانت عنها المصالح الأمنية المحققة في الحادث. وفي الوقت الذي تناول شخصيات دبلوماسية عن سفارات دول هولندا، سويسرا وإيطاليا، كلمة أدانوا فيها كل أشكال الإرهاب وعبّروا عن شكرهم المجهودات التي بذلها المغرب، شعبا وملكا وحكومة، أعرب شقيق نادل المقهى ياسين البوزيدي، الذي قتل في التفجير الشنيع عن امتنانه للتعاطف الواسع مع عائلته ومع باقي أسر وعائلات ضحايا الحادث الإرهابي في المغرب وخارجه. ونظم صباح أول أمس السبت أفراد من عائلات وأصدقاء المرحوم ياسين البوزيدي، العامل في مقهى «أركانة»، وفاعلون جمعويون زيارة إلى قبره ترحما على روحه، بعد أن قرؤوا سورة الفاتحة على قبره. كما قام مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، ووزير العدل الفرنسي خلال المناسبة ذاتها بزرع شجرة زيتون رمزا للسلام، كما قام امحند العنصر، وزير الداخلية، بالمشاركة مع الوزيرين المذكورين في إزالة الستار على النصب التذكاري الذي أقيم بعرصة البيلك، والذي يضم أسماء ضحايا التفجير الذي استهدف مقهى «أركانة في 28 أبريل 2011.