قضت محكمة الاستئناف بالرباط أمس الخميس بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بتغريم جريدة «المساء» مبلغ 600 مليون سنتيم لصالح النواب الأربعة للوكيل العام للملك بالقصر الكبير، والذين رفعوا شكاية ضد الجريدة السنة الماضية بعد نشر خبر عن حضور واحد منهم، لم يذكر بالاسم، إلى حفل أثار ضجة في المدينة الصغيرة العام الماضي. وقال مصطفى الرميد، عضو هيئة الدفاع عن جريدة «المساء»، تعليقا على هذا الحكم: «القضاء صم آذانه عن سماع صوت الحق والعدالة، وانخرط للأسف في مؤامرة تستهدف إخراس صوت جريدة «المساء»، إنه حكم لا يشرف بلادنا من قضاء لا ينتمي إلى عصرنا». وعن حيثيات الحكم، أضاف الرميد: «القاضي رفض كل دفوعاتنا الشكلية ولم يسمع حججنا النافية لوجود قذف موجه إلى أحد بعينه، ثم لم يلتفت إلى أن غرامة 600 مليون لا تصرف حتى لذوي قتيل أو ضحية حادثة سير فما بالك ضد جريدة سبقت القضاء لتصحيح الخطأ والاعتذار للمفترض أنهم تضرروا ». من جهته، قال عبد اللطيف وهبي، عضو هيئة الدفاع عن الجريدة تعليقا على حكم الاستئناف: «يبدو أن القضاء أعلن الطلاق الثلاث بين العدالة في هذه البلاد وحرية الإعلام والصحافة. إن 600 مليون سنتيم تدل على وجود نية في الانتقام من خط تحرير «المساء» من قبل جهات تتحرك في الظلام، وتهدف إلى خنق هامش حرية التعبير الموجود الآن»، وعن الظروف التي صاحبت المحاكمة علق وهبي قائلا: «القضاء رفض كل الدفوعات التي تقدم بها الدفاع ورفض استدعاء المشتكين، واختار الانسياق وراء اعتبارات سياسية وليست قضائية، ولم ينتبه إلى أن الجريدة اعتذرت عن نشر خبر غير دقيق، وهذا من صميم أخلاق المهنة. إنها بداية إعدام صوت الصحافة المستقلة في المغرب». ووصف النقيب عبد الرحمن بنعمرو، عضو هيئة الدفاع، الحكم الاستئنافي الصادر في حق «المساء» بالحكم غير العادل، معتبرا أن هذا الحكم يدل على أن القضاء بالمغرب ليس مستقلا ويخدم خلفيات سياسية لها مصلحة ضرب حرية الرأي والتعبير وكذا الصحافة الجدية الملتزمة والهادفة. وقال بنعمرو في تصريح ل«المساء» إن القضاء يسير في متاهات كثيرة، مما يتطلب تكاثف جهود جميع الديمقراطيين لمواجهة الفساد، وأردف قائلا: «مصير الجميع مرهون بإصلاح القضاء». من جهة أخرى، تتعرض المجموعة الإعلامية «مساء ميديا»، التي تصدر جريدتي «المساء» و«لوسوار» ومجلة «نجمة»، إلى ضغوط سياسية وقضائية ومالية منذ مدة، على خلفية خط تحريرها المستقل والذي يحاول -كما هي الصحف في الأنظمة الديمقراطية- أن يعري الفساد ويدافع عن حقوق الإنسان ويراقب إعلاميا أصحاب القرار.