رفضت السلطات الإسبانية تسليم جثة شاب مراكشي عثر عليه مقتولا قرب منزله بمدينة مورسيا الإسبانية قبل حوالي ثلاثة أشهر. احتفاظ السلطات الاسبانية بالجثة، وتقاعس الجهات المغربية عن استعادتها زادا من معاناة وحزن الأسرة إثر فراق أحد أفرادها، الذي رحل من أجل بناء مستقبله وإخراج أسرته من ضنك العيش. تلقى عبد الرحمان الكبوري، والد الضحية هشام، خبر الفاجعة التي جعلت الحزن يخيّم على الأسرة، بعدما كانت تتشوق للقاء «هشام» بالمغرب بين أهله وأحبابه. نزل الخبر كالصاعقة على العائلة «فجفت الدموع في مقلتي الأم الحزينة، وتملك الغم والمرض الوالد الفقير، وأصبحت الحياة لا تطاق وسط البيت»، يحكي أحد أفراد العائلة في حديث مع «المساء». قصة رحيل هشام لكبوري، المزداد سنة 1982 بجماعة الدليم، التي تبعد عن مدينة مراكش ب 44 كيلومترا، صوب «جنة» الضفة الإسبانية، تحولت إلى جحيم، بعد أن ذهب الابن حيا يرزق وأضحى جثة هامدة، لم يظفر الوالدان حتى بإلقاء نظرة وداع أخيرة عليها. منذ أن هاجر «هشام» إلى إسبانيا سنة 2004 لم ير الأبوان وجهه، لكنه كان مواظبا على الاتصال بوالدته والاطمئنان على صحتها وأحوال والده. كان «هشام» يريد العودة إلى بلده ووضع حد للغربة، التي زاد من حدتها تعب العمل في الفلاحة، لكن فجأة انقطعت أخباره، ولم يعد يتصل بوالديه، الأمر الذي جعل الخوف يتملك الوالدين على فلذة كبدهما، وأضحت الأم المكلومة تبكي ليل نهار بعد أن أحست بأن مكروها أصاب ولدها «هشام». بعد حوالي شهر على آخر مكالمة أجراها «هشام» مع والديه، اتصل أحد المغاربة المهاجرين بطريقة غير شرعية، والذي يتحدر من مدينة بني ملال بالأسرة ليبلغها بالحادث المأساوي. يقول أحد أفراد الأسرة: «اتصل أحد الشباب المغاربة وأكد لنا أن هشام عثر عليه مقتولا بآلة حادة في خلاء، عندما كان نائما». قامت السلطات باعتقال أحد المشتبه فيهم لكن التحقيقات لم تؤكد تورط الموقوف في قتل «هشام»، لتكثف تحرياتها وتوقف الجاني الحقيقي. انتظرت الأسرة ترحيل جثة الضحية، لعلها تظفر برؤية أخيرة لعزيز طال غيابه وانتظاره، لكن الإجراءات التي تقوم بها السلطات الإسبانية طالت وطالت معها لوعة الفراق والشوق لرؤية الفقيد. وبالرغم من استدعاء السلطات الإسبانية بعض أفراد الأسرة وإجراء اختبارات على لعابهم من أجل تأكيد تطابق علاقة القرابة بين الهالك والأسرة المطالبة بالجثة، فإن السلطات الإسبانية ما زالت تتماطل في ترحيل «هشام» ودفنه بمسقط رأسه. هذا الوضع جعل أسرة «هشام» تطرق باب الجهات المغربية المعنية، فبواسطة أحد برلمانيي مراكش، تسلم سعد الدين العثماني، وزير الخارجية ملف «هشام» من أجل التدخل لدى السلطات الإسبانية لاسترجاع الجثة، وهو ما لم يتم إلى حدود كتابة هذه السطور.