سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العلالي: هناك محاولة لتغيير وضع بدون توافقات متينة بين مختلف الشركاء قال إن دفاتر التحملات عززت مسألة الهوية والتعددية وقوّت الاهتمام بالبعد الاجتماعي على حساب الجانب الترفيهي
أكد محمد عبد الوهاب العلالي، الخبير الإعلامي والأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، أن دفاتر التحملات الجديدة حملت العديد من جوانب القوة، التي تقتضي الموضوعية الإشادة بها من قبيل التعددية والهوية، خاصة المسألة الأمازيغية التي تم إخراجها من «غيتو» القناة الأمازيغية وإتاحة حضورها في باقي القنوات العمومية بنسب متفاوتة. وأوضح الخبير الإعلامي أن دفاتر التحملات الجديدة حملت بعض جوانب اللبس تتعلق بمحاولة تغيير وضع بدون مرحلة انتقالية وبدون توافقات متينة مع كل الشركاء السياسيين والاجتماعيين والمهنيين. وتساءل العلالي عن مدى قدرة مواءمة دفاتر التحملات مع الإكراهات القائمة من الناحية المالية والتقنية والموارد البشرية والإكراهات السياسية. - ما هي قراءتك لمضمون دفاتر التحملات الجديدة؟ دفاتر التحملات الجديدة يجب قراءتها بمستويات متعددة من أجل استيعاب شمولي لمختلف مستوياتها ومضامينها وكذا كل أبعاد السجال الدائر حولها. هل هناك اتفاق واضح ودقيق بين مختلف الفاعلين والمتدخلين حول تعريف متقاسم لدفاترالتحملات؟ هذا إشكال حقيقي، وبالتالي هو مصدر كثير من الالتباسات السائدة التي تزداد التباسا وتعقيدا عندما تمزج بتموجات إيديولوجية وقيمية مبالغ فيها، وبتداخلات بين القانوني والسياسي والمهني والنقابي. دفاتر التحملات حملت العديد من جوانب القوة، التي تقتضي الموضوعية الإشادة بها. كما أنها حبلت بالعديد من نقاط الضعف وعدم الوضوح والدقة وسوء الفهم التي يجب تجليها. فمن خلال قراءة أولية وسريعة لدفاتر التحملات يتضح أن هناك عناصر قوة يجب الإشادة بها، وأخص بالذكر مسألة التعددية والهوية. لنأخذ هنا نقطة مركزية بالنسبة للمجتمع المغربي الراهن، وأخص بالذكر هنا مسألة الأمازيغية، فدفتر التحملات الحالي من خلال العديد من بنوده يخرج الأمازيغية من «غيتو» القناة الأمازيغية ويتيح إمكانيات أوسع لحضورها على مستوى باقي القنوات العمومية الأخرى بنسب متفاوتة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانيات الدبلجة والعنونة هي أكثر حضورا مما كان عليه الأمر سابقا، مما يعني انصهار أكثر تقدما للأمازيغية على مستوى التعبير اللغوي والثقافي الحضاري في المنظومة الإعلامية المغربية. على مستوى آخر، فالأبعاد المتعلقة بتعزيز البعد الاجتماعي على حساب الترفيهي حاضرة، إضافة إلى منحى لتعزيز وتنمية المنظومة الإعلامية على أكثر من مستوى عبر إضافة قنوات جديدة مرتقبة وإعادة صياغة توجهات بعض القنوات. أما بعض عناصر اللبس فتتعلق بمنهجية المعالجة وربما بمحاولة تغيير وضع بدون مرحلة انتقالية وبدون توافقات متينة مع كل الشركاء السياسيين والاجتماعيين والمهنيين. - أليست هناك مخاوف من عدم قدرة المؤسسات الإعلامية التي شملتها دفاتر التحملات الجديدة على الاستجابة للبنود الواردة فيها؟ هذه مسألة دقيقة وترتبط بنوعية عقد البرنامج المأمول تحديده لكل مكون من مكونات المنظومة الإعلامية السمعية البصرية، وفق رؤية تشاركية فاعلة بين مختلف المتدخلين. بالفعل هناك ملاحظات حول كون العديد من المقترحات التي جاءت بها دفاتر التحملات قد لا تجد الموارد المالية والبشرية والإمكانات التقنية لتنفيذها. لكن إذا كان هذا الواقع قد يشكل أحد معيقات مسلسل تطوير المنظومة الإعلامية الوطنية، فإن تنفيذ برنامج جريء للنهوض بالموارد البشرية وتعزيز آليات الحكامة بالمؤسسات الإعلامية من شأنه أن يخفف من عبء هذه العوائق الهيكلية.إضافة إلى ذلك، فإن مطمح تطوير المنظومة الإعلامية الوطنية يتجاوز الوضع داخل المؤسسات الإعلامية العمومية إلى إصلاحات أوسع تهم كل النسيج الذي يسبح فيه الإعلام العمومي. - هل نحن بصدد إصلاح عميق لمنظومة الإعلام العمومي، أم أن ذلك أكبر من مجرد تغيير لدفاتر التحملات؟ أعتقد أن الأمر يتعلق في مستوى أول بتفعيل مقاربة تشاركية مندمجة تمنح العمل الحكومي في مجال الاتصال النجاعة والفاعلية، وتحظى بتوافق واتفاق كافة مكونات الأغلبية حول البرنامج الحكومي الشامل في هذا القطاع الحيوي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تنزيل مقتضيات الدستور الجديد في مجال الإعلام والاتصال على نحو واضح وسليم يعتبر من الأولويات. من جهة أخرى، فإن تحقيق إصلاح حقيقي لمنظومة الإعلام العمومي يقتضي تعزيز الثقة في أن تطوير المنظومة الإعلامية المغربية عملية ضرورية لإرساء مغرب الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية وإمكانية صياغة برنامج للإصلاحات يحظى بتوافق واسع حوله من لدن مختلف الفاعلين والشركاء يمكن أن يكون المستمع والمشاهد المغربي هو الرابح الأكبر منه. - كيف يمكن تحقيق ذلك؟ الطبيعة التعاقدية للبرنامج الحكومي وتنفيذها في مجال المرفق العمومي في المجال السمعي البصري تبقى المجال الطبيعي لتدقيق وإعادة صياغة العديد من مجالات الظل المثيرة للجدل في مجال الإعلام والاتصال. فالإرادة القوية للتوفر على آليات وميكانيزمات مستدامة لوضع أسس برنامج عمل في مجال الإعلام والاتصال تعتبر من العناصر الأساسية لنجاح هذا البرنامج. كما أن اعتباره مسلسلا تشاركيا وتشاوريا وتحسيسيا مستداما تلعب فيه كل مكونات الحكومة والقطاعات الفرعية المكونة له دورا مركزيا في مرحلة الإعداد والتنفيذ مع مشاركة فعلية لمختلف المكونات المعنية يمثل بعدا آخر من أبعاد نجاحه، وهو ما يثير الكثير من النقاشات حول مدى تبني هذا التصور. لذلك يمكن الاستخلاص بأن دفاتر التحملات ليست سوى حلقة من بين حلقات عدة، منها مسألة عقد البرنامج التي تعتبر آلية دقيقة للتنفيذ. لذلك لنكن صريحين وواضحين : إن نموذج دفتر التحملات الذي قد نتبناه قد يساعد في التعبير عن توجه معين في مجال السياسات العمومية في مجال الإعلام السمعي البصري، وهذا شيء إيجابي. لكن ما مدى قدرة مواءمة دفاتر التحملات مع الإكراهات القائمة من الناحية المالية والتقنية والموارد البشرية والإكراهات السياسية؟ هذا مستوى آخر يرتبط بمدى القدرة على استيعاب كل العوامل المتفاعلة في مجال التأثير على النشاط في المجال السمعي البصري ونوعية صراعات السلطة القائمة داخله. قد تكون دفاتر التحملات نزوعا نحو التغيير أو الإصلاح، لكن ذلك يحتاج إلى تدبير مقاصده وغاياته وبلوغ توافق حوله.