أخيرا، خرج المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فيصل العرايشي، لكي يذكرنا بما نسيناه، وهو أن الإعلام السمعي البصري في بلادنا مستقل ويجب الدفاع عن هذه الاستقلالية بأي ثمن. هذا ما فاه به العرايشي في خرجة إعلامية محسوبة في حوار مع يومية وطنية، عندما قال إنه لا تنازل عن استقلالية الإعلام، وذلك في معرض حديثه عن دفاتر التحملات المثيرة للجدل في القطب العمومي. مشكلة السيد العرايشي أنه مارس في خرجته الإعلامية ما ظل يمارسه الإعلام السمعي البصري في بلادنا دون زيادة أو نقصان، أي الاستغفال، لأن حديثه عن استقلالية هذا الإعلام نوع من التغليط للرأي العام الوطني الذي يعرف جيدا بمن في ذلك المواطن البسيط الذي لا يتوفر على أدوات للتحليل أن الإعلام السمعي البصري يشكو من عاهة مستديمة هي انعدام الاستقلالية عن السلطة، وأن تغيير هذا الوضع يحتاج إلى عقليات مختلفة لا تتجرأ على أن تنطق بما نطق به السيد العرايشي الذي يعرف الحقيقة أكثر من الآخرين ويحاول أن يقوم بالتغليط. إذا لم يكن السيد العرايشي «يعرف»، فلا بد أن نقول له إن معركة الإعلام هي الاستقلالية، وإنه كان لمدة عقود في كنف وزارة الداخلية التي كانت تسمى أمّ الوزارات بالأمس، وإن فصل الإعلام عن الداخلية لا يعني أن الإعلام أصبح مستقلا، لأن الداخلية جزء من الدولة وليست هي الدولة، وقد ظل هذا الإعلام خاضعا للدولة باستمرار. هذه هي المعركة الحقيقية التي يسعى الإعلام والإعلاميون في المغرب إلى الفوز فيها، وهي الاعتراف له بالاستقلالية عن السلطة ومن يدور في فلكها.