بتسريحة شعره البومبادور المميزة وابتسامته الخفيفة، يستقبل إلفيس زواره في ضيعة جريسلاند بممفيس بولاية تنيسي. تزين صور «الملك» واجهات المحلات واللوحات الإشهارية لتقود معجبي إلفيس إلى قصره الذي دفن به رفقة والديه قبل ثلاثين عاما. تحول قصر المغني الأمريكي إلى متحف بعد أن تولت مطلقته بريسيلا المسؤولية عن ضيعته وافتتحت جريسلاند كمزار سياحي عام 1982 لتقرر وزارة الداخلية الأمريكية، سنوات بعد ذلك، أن تجعل منه معلما وطنيا ينضاف إلى تمثال الحرية ومبنى الكابيتول والميموريال.. لا تتغير طقوس الزيارات الخاصة بقصر «الملك» رغم أن الانتخابات الأمريكية تستأثر بانتباه الرأي العام في أمريكا، وفشل أنصار أوباما وماكاين في إلصاق بوسترات المرشحين للرئاسة التي لم تهزم صور «الملك». لا حديث عن حماقات سارة بيلين وخطب أوباما في جريسلاند، الأمريكيون ينسون في تلك الضيعة مشاكلهم ويعودون بالزمن إلى الوراء وهم يتذكرون ابن ممفيس المفضل... إلفيس اليوم يساوي من المال أكثر مما كان يساويه في حياته، ولم تكشف أرملته بريسيلا وابنته ليزا ماري، اللتان تديران «شركات إلفيس بريسلي»، عن رقم مبيعاتهما السنوية، إلا أن التقديرات تتراوح بين 45 و100 مليون دولار. «نرحب بكم في منزل ملك الروك إن رول.. لا يمكن رواية تاريخ القرن العشرين في أمريكا بدون الحديث عن بريسلي. يتوقف مدير المتحف عن الحديث، ثم يتابع متداركا: «أرجو ألا تنسوا إطفاء فلاشات كاميراتكم أثناء أخذكم الصور الداخلية بالقصر». تدفع 68 دولارا لزيارة القصر وتحمل معك جهاز تسجيل مرقم وسماعات وتضغط على أرقام محددة عند زيارة كل مكان في القصر وتنصت عبر الجهاز لتفاصيل حياة إلفيس والأماكن التي كان يفضل الجلوس فيها.. لا يسمح للزوار بزيارة الطابق العلوي، ويعلل المشرفون عن القصر ذلك بكون صديقة إلفيس وجدته هناك ملقى على أرض الحمام في حالة صحية يرثي لها وأبلغت الأطباء في الحال لينقل في ليلة 16 غشت 1977 إلى مستشفي بابتسي ميموريال في ممفيس قبل أن يعلن الأطباء موته اثر إصابته بأزمة قلبية إثر جرعة زائدة من المخدرات.. وحده السفير الإسرائيلي في أمريكا استطاع زيارة الطابق العلوي في إحدى زياراته للقصر قبل سنوات.. في وقت كان السود هم المسيطرين على ساحة الغناء بتينيسي، أراد الشاب إلفيس بريسلي أن يقدم لأمه جلاديس هدية خاصة يوم عيد ميلادها، فقام بتأليف موسيقي لأغنية كتبها لأمه على أوتار قيتارته وطلب من مجموعة من الأصدقاء من الموسيقيين الذهاب معه لأحد الاستوديوهات لتسجيل الأغنية لإهدائها لأمه، وهنا لعبت الصدفة دورها، حيث اكتشفه منتج أغان كان يزور الاستوديو للبحث عن صوت جديد لشاب أبيض، ورتبت شركة آر سي إيه لظهوره في عدد من البرامج التلفزيونية التي تبث على الصعيد القومي. ولم تنجح الانتقادات التي وجهت إلى بريسلي بسبب تراقص أردافه وحركاته المثيرة أثناء تأديته لأغنية «هاوند دوغ» وبدأت الأسطورة.. عندما تجتاز البهو رقم 39 يتناهى صوت أغنية «مرحبا بكم في عالمي» يرددها بريسلي على وقع موسيقى هادئة، لينطلق بعدها شرح المعلق على الأغاني الناجحة لنجم الروك في الستينيات.. سنة 1958، أمضى بريسلي سنتين من الخدمة العسكرية في الجيش الأمريكي وقتها «ذرفت ملايين المعجبات حول العالم الدموع يوم قص شعر بطلهن حسب ما تنص عليه القوانين العسكرية»، يتابع الصوت المنبعث في جهاز التسجيل السمعي. بيع لإلفيس أكثر من مليار تسجيل عالمياً، واستطاع أن يسجل العديد من الأرقام القياسية في المبيعات والمعجبين واستطاع أيضاً أن يحطم الأرقام القياسية فلديه 120 أغنية فردية وصلت إلى أفضل 40 أغنية أمريكية، و20 أغنية وصلت إلى المركز الأول طوال عمره الفني. لا يمكن لمس الأواني والمتعلقات الخاصة بنجم الروك الذي كانت موسيقاه توصف لدى رجال الدين المتشددين بكونها من عمل الشيطان لأنها تحفز الشباب على التعبير عن رغباتهم وأفكارهم. حاول أحد الزوار تقليد رقصة التويست الخاصة بإلفيس بعينين مغمضتين وبدا مندمجا مع الموسيقى المنبعثة من الجهاز الذي يحمله قبل أن يتوقف فجأة وسط ابتسامات زوار غرفة الغابة الإفريقية الخاصة بإلفيس الذي اشتهر بحب ارتداء حلل زاهية الألوان لامعة وبولعه بسيارات الكاديلاك يعرضها المتحف لعشاقه.. حبه للفخامة والترف جعله يسمي طائرته الخاصة باسم ابنته الوحيدة ماري إيليز، وكغيره من النجوم والرؤساء، زودها بكافة وسائل الرفاهية، جعلت أحد الزوار الصينيين يعلق ساخرا: «لقد دلل نفسه كثيرا وعاش حياة صاخبة، أتصور أنه لو كان صينيا لزار هذه الطائرة حوالي مليار شخص». مازال الأمريكيون يتذكرون المرة الوحيدة التي أبان فيها جورج بوش عن لمحة من الذكاء مستعينا ببريسلي قبل سنتين عندما رافق رئيس الوزراء الياباني السابق كويزومي إلى ممفيس، حيث رد بوش بذكاء على سؤال لأحد الصحفيين حول الوضع في كوريا الشمالية مقتبسا كلمات واحدة من أغاني إلفيس المشهورة قائلا: «لا تكن قاسيا تذكر ذلك».