قرن شأن الدولة المرابطية منذ بدايتها، بذكر رجال نجد تراجمهم في كتب التصوف على الخصوص. فأول مؤسسة سميت بدار المرابطين بنيت في بلاد سوس على يد الشيخ وجاج بن زلوان. وكان أعظم ملوك المرابطين يوسف بن تاشفين ينحو منحى أهل التصوف في ملبسه ومأكله وتدبير سياسة دولته، بل حتى ابنه علي، فقد اشتهر بدوره في الصلاح. وبخصوص دولة الموحدين، فمعروف أن محمد بن تومرت، إمام الموحدين، قد استند إلى مؤلفات إمام الصوفية أبي حامد الغزالي، وتوسل بها في منازعته للسلطان المرابطي. وأما كبير خلفائهم يعقوب المنصور فإن صفي الدين بن أبي منصور قد أورد خبر تخليه عن الملك واشتغاله بالتصوف في آخر حياته. وفسحت دولة بني مرين للتصوف مجالا واسعا، ولا غرابة في ذلك، لأن بداياتهم صادفت القرن السابع الهجري. ففي تلك الفترة ظهرت أعظم المؤلفات الصوفية ذات النفوذ القوي. أما دولة الأشراف السعديين، فقد انطلقت دعوتها من زاوية جزولية بالسوس الأقصى، فقال عنهم المؤرخ الناصري إنهم لم يدخلوا دار الملك إلا من باب شيوخهم الصوفية الجزوليين. وأما بخصوص الدولة العلوية الشريفة، فقد أورد الإفراني أن ظهورها قد بشر به الإمام الصوفي ابن طاهر الحسني. وإلى جانب هذه المبشرة الأولية التي تفيد الصلة بين الشرفاء وصوفية المغرب، نذكر منها ما حصل للمولى رشيد مع الشيخ أبي عبد الله اللواتي وانتصار هذا الأخير للسلطان العلوي. وكذلك نقف على المآثر العظيمة للمولى إسماعيل في تشييد الأضرحة على قبور الصالحين، وتشرب السلطان سيدي محمد بن عبد الله بالمعارف الصوفية، كما نستشفه من بعض كتابه، ومنها استقبال السلطان المولى سليمان للشيخ سيدي أحمد التجاني وتنبيه طريقته في التصوف. وبخصوص السلطان المولى عبد الحفيظ، فقد شارك العلماء بتآليفه الصوفية، بل سلك طريق التصوف وله مراسلات مع شيخ الطريقة التجانية أبي العباس أحمد سكيرج. كما لا يخفى كذلك تشكل المراسيم الدينية للدولة العلوية الشريفة منذ قرون بالطابع الصوفي والمنحى الروحي في إقامة الموالد وفسح المجال لطوائف الأمداح النبوية الشريفة إلى يومنا هذا.