قررت السلطات المحلية بمكناس إغلاق 10 مقاه وسحب رخصة مزاولتها النشاط التجاري، على خلفية «حملة» شنتها، نهاية شهر مارس الماضي، ضد مقاهي الشيشة بمختلف أحياء المدينة. وأنذرت، حسب ما ورد في بلاغ صحفي لعمالة مكناس، 25 مقهى ل»الالتزام بالقوانين في مدة شهر واحد تحت طائلة إغلاقها». وذكرت مصادر محلية أن انتشار هذه المقاهي بمختلف الأحياء، ومنها الأحياء الشعبية، وغير بعيد عن المؤسسات التعليمية، والمناطق السكنية، أصبح مزعجا ومثيرا، مضيفة بأن الحملات لن تكفي، في غياب إطار قانوني واضح يمنع ترويج هذه المادة في الأماكن العمومية، ويحظر على أصحاب المقاهي إخفاء معالم «ردهات» محلاتهم. وتفشت محلات الشيشة في العاصمة الإسماعيلية، في الآونة الأخيرة، بشكل مثير. وقرر عدد من أصحاب المقاهي إضافة هذه «الخدمة» إلى مجموع الخدمات التي تقدمها للزبائن، بالنظر إلى ما تخلقه من «رواج». ويعمد أصحاب هذه المقاهي إلى صباغة زجاج واجهات المقاهي بألوان قاتمة تخفي ما تحتضنه بداخلها. ويقترن ترويج الشيشة في جل المحلات باحتضانها لممارسات أخلاقية مخلة، من قبيل الدعارة، وترويج المخدرات. ولا يقل ثمن خدمة الشيشة في جل هذه المحلات عن 50 درهما، يضاف إلى ثمن استهلاك مشروبات أخرى، أو احتساء قهوة. وتعرف هذه المقاهي بكونها تشجع على ارتياد القاصرات لها، ما يسمح بالرفع من عدد الزبائن. ولاحظت السلطات المحلية بالمدينة أن بعض هذه المقاهي تحول إلى ما يشبه ملهى ليلي بواجهات توحي بأنها حانة أو ملهى. وقالت في بلاغها الصحفي إنها لاحظت اقتران إعداد وتقديم مادة الشيشة للزبناء في الأماكن المستقبلة للعموم وخاصة منها المقاهي، ب»تصرفات تمس بالأخلاق العامة وأمن وطمأنينة الساكنة المجاورة». وتحدثت عن توصلها بشكايات من السكان، وقامت ب»تحسيس أرباب المقاهي بالالتزام بما تنص عليه رخص محلاتهم» طيلة سنتين، قبل أن تقوم ب«تنظيم حملات مباغتة لحجز الأدوات الموجودة فيها»، بعد أن اتهمت أرباب المقاهي ومستغليها بعدم التجاوب مع ملاحظاتها. وعادت محلات الشيشة بالعاصمة العلمية لاستئناف «أنشطتها» بعد حملات إغلاق لحوالي 120 محلا تروج فيه هذه المادة، ابتدأت في نهاية سنة 2010، وهي السنة التي اتخذ فيها المجلس الجماعي للمدينة قرارا يمنع محلات ترويج الشيشة. واعتبر هذا القرار الجماعي بمثابة إطار قانوني يسمح للسلطات المحلية بتنفيذ حملات إغلاق هذه المقاهي، في ظل غياب قانون واضح. واستغلت «لوبيات» الشيشة بالعاصمة العلمية ما يعرف بأحداث «الربيع العربي» وانشغال السلطات ب»التدبير المرن» لهذه الظرفية لإعادة فتح الأبواب الموصدة في وجه الزبناء والقاصرات. وكان استقلاليو المدينة، (ومعهم أعضاء حزب العدالة والتنمية)، قد صادقوا على قرار منع مقاهي الشيشة، في دورة فبراير المثيرة للجدل في سنة 2010، بسبب النقاش الذي أثير فيها حول قرارات أخرى مرتبطة بمنع محلات بيع وترويج الخمور والقمار في المدينة، ما زاد في تعميق الأزمة السياسية بين حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة الذي عارض هذه القرارات. وتدخلت وزارة الداخلية لتوجيه الاستقلاليين، والتأكيد على أن الخوض في مثل هذه القضايا ليس من صميم اختصاصات المجالس الجماعية. ولم تعد خدمة الشيشة تقتصر على المقاهي، فقد دخلت إلى بعض «الحانات الشعبية» بالمدينة، وأصبحت ملازمة لتقديم خدمة المشروبات الكحولية، على إيقاع أغان يختلط فيها الشعبي بالشرقي. ولم تؤد عدد من المداهمات لهذه المحلات، في السابق، إلى أي نتيجة، بسبب وجود تواطؤ بين موظفين وبين أرباب مقاهي الشيشة. وعندما تصل الدوريات المكلفة بالمداهمة إلى هذه المحلات، تجدها خاوية على عروشها من رائحة الشيشة، ومن آثارها. وبين الفينة والأخرى تحجز الدوريات بعض الأدوات والسلع المستعملة لتقديم هذه الخدمة، لكن سرعان ما يعمد صاحب المحل إلى استرجاع جزء منها بأثمنة «مناسبة»، ويعود لاستعمالها.