بنعلي تُبرز تجربة المغرب ببريطانيا    مدرب تنزانيا: المغرب يستحق الفوز    تصفيات كأس العالم 2026: المغرب على بعد نقطة من التأهل إلى المونديال بعد فوزه على تنزانيا    مكتب السكك يدين تخريب محطة    وزارة التربية تعلن ترميم 1443 مدرسة وتكشف حصيلة توفير مرافق صحية    قرار نزع الملكية بطنجة يثير القلق .. والعمدة: الخبرة تحدد قيمة التعويضات    حرب الطرق في المغرب تواصل حصد المزيد من الأرواح    الركراكي يعبر عن رضاه عن أداء لاعبيه ويقول إن هناك عملا كبيرا ينتظر المجموعة قبل كأس إفريقيا    تطور جديد في قضية وفاة الأسطورة مارادونا    أمام مجلس الأمن.. المغرب يندد ب"سياسة الكيل بمكيالين" للجزائر    تصفيات المونديال.. فلسطين تهزم العراق وتعزز آمال الأردن    بوركينا فاسو، الغابون، والنيجر يشيدون بالمبادرة "النبيلة" لتعزيز الحوار البناء والمستدام على مستوى القارة الأفريقية    في رسالة إلى بوريطة.. بوركينافاسو تشكر المغرب على دعمها في رفع تجميد عضويتها في الاتحاد الإفريقي    المنتخب المغربي يهزم تانزانيا … بدون إقناع … !    تنقيط أداء لاعبي المنتخب الوطني المغربي بعد الفوز المثير على تنزانيا    شكوى حقوقية حول إصابة طفلة بفيروس الإيدز إثر عملية أذن في مستشفى جامعي    الركراكي: التأهل للمونديال أصبح اعتياديًا.. وهذا دليل قوة الأسود    أمطار مارس تنعش زراعات الشمندر وقصب السكر بجهة الشمال وتغطي أزيد من 9 آلاف هكتار    بالأسماء والمسارات: هذه لائحة الطرق العامة التي ستُوسَّع بمدينة طنجة لحل مشاكل الازدحام (خرائط)    المركز الثقافي الروسي يبرز نضال الجنود السوفييت والمغاربة ضد النازية    نشر القانون التنظيمي للإضراب في الجريدة الرسمية    المغرب وإسبانيا بينهما أفضل مناخ للتعاون على الإطلاق وفق وزير الخارجية الإسباني    تطوان: توقيف شخصين تورطا في نشر أخبار زائفة ومحتويات رقمية تحرض على تنظيم الهجرة غير المشروعة    الأرصاد الجوية: استقرار أجواء الطقس بالمغرب سيتم تدريجيا خلال الأيام المقبلة    ميناء طنجة المتوسط يتقدم في الترتيب العالمي للموانئ    توقيف مواطن فرنسي مبحوث عنه دوليًا في طنجة    ألمانيا تسحب شحنة فلفل مغربي لاحتوائها على كميات مفرطة من مبيدات حشرية    أداء سلبي ينهي تداولات البورصة    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية اليونان بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الدورة الثلاثون للمعرض الدولي للنشر والكتاب فضاء لمواصلة السعي الواعي إلى النهوض بالكتاب والقراءة (بنسعيد)    ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة إلى 792 قتيلا، والاحتلال الإسرائيلي يخطط لهجوم بري كبير    اكتشاف سلالة مغربية من "بوحمرون" في مياه الصرف الصحي ببروكسل    الدورة العشرون للمهرجان الدولي للرحل.. محاميد الغزلان تتحول إلى ملتقى عالمي يجمع الفنانين    مشاهد جريئة تضع مسلسل "رحمة" في مرمى الانتقادات    عندما يعزف الشيطان: فصول الجابي !    بعد تداول تصريحات منسوبة إليه.. عمرو موسى يوضح موقفه من المغرب وينفي الإساءة    حوض سبو.. نسبة ملء السدود تفوق 50 في المائة إلى غاية 25 مارس    يا رب أنا جيتلك.. جديد سميرة سعيد    واشنطن تتباحث مع كييف في الرياض    الكوميدي "بهلول" يطلب دعم الفنانين لتسديد شيك بدون رصيد    دراسة: الخلايا السرطانية تتعاون من أجل البقاء على قيد الحياة    تركيا.. القبض على 41 متهماً ب"شتم أردوغان وعائلته"    الوزيرة السغروشني: التحول الرقمي في التعليم يحتاج إلى تعبئة جماعية وتنسيق فعال    أسعار الذهب تتراجع مع صعود الدولار لأعلى مستوى منذ أكثر من أسبوعين    "تراث المغرب".. سلسلة وثائقية لتثمين الموروث الثقافي للمملكة    زلزال عنيف بقوة 6,7 درجات قبالة سواحل الجزيرة الجنوبية بنيوزيلندا    الاتحاد الأوروبي يعزز الدعم العسكري لموريتانيا في إطار مكافحة تهديدات الساحل    الصين وتايلاند يجريان تدريبات بحرية مشتركة    أوراق من برلين .. رسالة فرانز كافكا: جروح قديمة ما زالت تنزف    اكتشاف جديد يحدد الأجزاء المسؤولة عن تذكر الكلمات في الدماغ    ملياري شخص غير مشمولين في إحصاءات عدد سكان الأرض    نهاية سوق پلاصا جديدة بطنجة    بعد 17 شهرا من الزلزال... النشاط السياحي في "الحوز" يتحسن ب48 في المائة بداية 2025    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هو الصحافي الإلكتروني ؟
نشر في المساء يوم 05 - 04 - 2012


عبده حقي
يأتي هذا التساؤل في سياق الجدل الدائر حاليا حول تصاعد وتعاظم دور الصحافة الإلكترونية في المشهد الإعلامي كسند ووسيط أفرزته الثورة الراهنة في حقل تكنولوجيا المعلوميات والتواصل
والانتشار الكوني للإنترنيت، الذي طوى المسافات وخلخل العديد من الثوابت والقيم الإنسانية، ورفع بعض اليقينيات من الواقع إلى العوالم الافتراضية، وبما فرضه أيضا كل هذا التحول التاريخي الهام في تقاليد التلقي وطرق التداول والحصول على المعلومة ... كما يأتي هذا التساؤل أساسا غداة اللقاء الدراسي الذي نظمته وزارة الاتصال يوم العاشر من مارس 2012 والأسئلة الاستشكالية، التي أثيرت خلال ورشاته، التي تركزت على أربعة محاور هي : قانون الصحافة وأخلاقيات المهنة وحقوق الملكية الفكرية وآليات تطوير المهارات والكفاءات وصحافة المدونات.
ومما لاريب فيه أن الصحافة المكتوبة المغربية والعالمية بوجه عام ومختلف وسائط الميديا تعيش منعطفا تاريخيا حاسما لعل من أبرز تمظهراته الجلية هدم الجدار الرابع التقليدي بين مختلف الوسائط وأدوات التواصل، والذي أسهمت في تصريفه على أرض الواقع مستجدات الابتكار والخلق الرقميين وتداعيات ذلك على مختلف أنساق علاقاتنا بذواتنا وبالمجتمع. فهل يعيش الجسم الصحافي المغربي اليوم مرحلة الميتامورفوز (الورقمية)، أي المرحلة الانتقالية من الورقي إلى الرقمي؟ هذه المرحلة الموسومة بملامح خلاسية في انتظار أفول عصر الورق وانقراض الكائنات القلمية مع قدوم الكائنات الرقمية..!!
إن الصحافة الورقية التي فرضت قوة سلطتها الإعلامية وتأثيرها العميق في تشكيل وعينا السياسي والاجتماعي والثقافي والإديولوجي، لاشك أنها تجتاز اليوم عنق زجاجة الرقمية من أجل البقاء ما أمكنها ذلك، بالرغم من الخسائر الفادحة التي تتكبدها في (معاركها) اليومية مع أسناد النشر الإلكتروني والرقمي المتداولة حاليا في المشهد الإعلامي الشبكي، من مواقع ومدونات ومنتديات وشبكات التواصل الاجتماعية...إلخ
إن العديد من الصحف العالمية العملاقة مثل «لوموند» و«واشنطون بوست» وغيرهما كانت من أولى الصحف ضحايا الطاحونة الرقمية، مما كان له الأثر السلبي على نسبة الإنتاج وأرقام السحب اليومية، وهو السبب الذي دفع بإدارة جريدة «لوموند» إلى إغلاق العشرات من مكاتبها في مختلف أنحاء العالم قبل أن تعيد هيكلة مقاولتها الإعلامية تماشيا مع التطور التكنولوجي، وذلك بالاهتمام أساسا بتطوير نسختها الإلكترونية واللجوء إلى تقنية الأداء باستعمال بطائق الائتمان لقراءة المواد والمقالات المنشورة.
كما اختفت منذ أواخر2011 اليومية الفرنسية الشهيرة «فرانس سوار» من الأكشاك وانتقلت إلى الطبعة الإلكترونية. ويتوقع بعض أخصائيي المعلوميات اختفاء جل الصحف الورقية الفرنسية في حدود سنة 2030.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيتوقع اختفاء الصحف الورقية في أمد قد لا يتعدى سنة 2020.
إن تصاعد انتشار الصحافة الإلكترونية أدى في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاستغناء عما يناهز3700 منصب عمل سنة 2011، أي ماناهز 30 بالمائة أكثر من النسبة الحاصلة في سنة 2010، حيث تم الاستغناء عن 2920 منصب عمل .
وهناك بعض الأخصائيين في مجال الإستراتيجيات الإعلامية ممن يتنبؤون، مع ما يلاحظه القراء من تراجعات متسارعة للصحافة الورقية، بأنه ستتوقف بعض الجرائد عن إصدار الطبعة الورقية من يوم الاثنين إلى يوم الخميس مع استمرار الصدور على الانترنت والاحتفاظ بالطبعة الورقية خلال عطلة نهاية الأسبوع فقط.
هذه «العدوى» أيضا انتقلت إلى العديد من الجرائد السيارة بأوروبا، حيث لم تسلم حتى الجرائد المسماة «جرائد مرجعية» مثل «إندبندنت» بالممكلة المتحدة و«إلبايس» بإسبانيا و«كورييرديلا سيرا» و«ريبوبليكا» بإيطاليا وجميعها عرفت انهيارات صارخة في عدد المبيعات اليومية وعائدات الإشهار.
إن هذا التوجه نحو تقليص المناصب وتدبير الموارد البشرية وفق ضغط التطور الرقمي والتكنولوجي لابد أن تكون له رمزيته وإشاراته القوية حول مستقبل الصحافة الورقية في العالم قاطبة.
ما هي إذن دلالات هذه الأمثلة السابقة؟ هل هذا يعني أن الصحافة الورقية في بلادنا في الطريق إلى نفس المآل مثلها مثل الصحف السابقة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا التي تمضي نحو قدر الأفول والقبول بحتمية تطور تكنولوجيا المعلوميات والتواصل، حيث باتت الأسناد الحديثة قادرة بجودة عالية وبإقناع رقمي متقدم جدا على نقل وتعميم المعلومة بشكل أسرع وأوسع وأنجع تأثيرا على الرأي العام من حيث الإخبار أو التعبئة أو التغليط أو التوجيه السديد أحيانا إلى المقاصد والغايات الإديولوجية للمؤسسة الإعلامية الإلكترونية واللوبي الذي يديرها مقارنة مع الصحافة الورقية!؟
كان لابد لهذا التحول العظيم أن يفجر العديد من الأسئلة المتعلقة أساسا بمستقبل سلسلة الإنتاج في هذه المقاولات الصحفية الورقية من قسم التحرير إلى القسم التقني إلى دورة الطبع والسحب إلى التوزيع إلى متعهدي الأكشاك، وبالتالي إعادة النظر في مجموعة من الوظائف الجديدة وتحديد مفاهيمها وأدوارها في إطار المقاولة الصحفية الإلكترونية في المستقبل القريب .
وتأسيسا على ماسبق وفي ظل هذا التحول نطرح سؤالنا المحوري : من هو الصحافي الإلكتروني؟
إن طرح هذا التساؤل يدفعنا حتما إلى البحث في الأقانيم الأساسية التي تساعد على تحديد مهنة الصحافي الإلكتروني في مقارنته بالصحافي الورقي. كما تجعلنا من جانب آخر نحدد نوع سند النشر الذي تعتمده مقاولته من أجل التواصل مع متلقيها، بمعنى آخر أن الانتساب إلى صفة «إلكتروني» يحسم بالقطع النهائي في تحديد هذه الهوية التي تحيل مباشرة إلى أن مختلف أسناد التواصل التي يسخرها الصحفي (حاسوب أو إيباد أو إيفون أو أي ألواح تابليتات إلكترونية...إلخ) الوسائط نفسها وليس غيرها من يستعمل القراء للتواصل مع الصحافي الإلكتروني.
لكن إذا كانت هذه الصفة إلكتروني قد أسعفتنا بشكل واضح في تحديد من هو الصحافي الإلكتروني في مقابل الصحافي الورقي ، فإن العديد من الأسئلة الاستشكالية ماتزال عالقة في مقاربة هذا الوضع المستجد في المشهد الإعلامي وفي هذه المرحلة بالذات من تاريخ الإنسانية الموسومة بالانتقال الحثيث لوسائط النشر من عصر الورق إلى عصر الرقمية، خصوصا أن المشهد الصحافي الإلكتروني في بلادنا لم يؤسس بعد لمنطلقاته القوية وتوجهاته واستراتيجيته الإعلامية القمينة بجعله صحافة طليعية ومرجعية تقوم مقام الدور الذي رسخته الصحافة الورقية منذ أكثر من خمسين سنة خلت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.