غادرت لمياء منطقة الشياظمة واستقرت بأكادير معتقدة أن مغادرة مسقط رأسها سينسيها الاعتداء الجنسي الوحشي الذي تعرضت له، واعتقدت أيضا أنها ستنسى مغتصبها، لكن من سوء حظها العاثر أنها تعرضت بأكادير، أيضا، لعملية خداع من طرف شخص وثقت به وصدقت مزاعمه عندما ادعى أنه تألم لما حدث لها بالشياظمة، مبديا رغبته بالزواج منها بغض النظر عن كونها بكرا أو ثيبا، فاستسلمت لنزواته الجنسية وبعد أن حملت منه أخلف وعوده وتملص من مسؤوليته مفضلا الإقامة لسنة واحدة بسجن أيت ملول على تنفيذ وعده بالزواج من ضحيته . رحلة النسيان كان الحي الذي تقطن فيه أسرة لمياء بمنطقة الشياظمة مثل سائر الأحياء الشعبية غاصا بالمنحرفين وتفشت فيه الجريمة، خاصة ترويج المخدرات بكل أصنافها، في هذا الحي ووسط هذا الجو ترعرعت لمياء التي غادرت الدراسة في سن مبكرة، وكانت تلهو وتلعب كما اعتادت منذ صغرها دون أخذ الاحتياط اللازم من منحرفي الحي الذين أصبحوا من كثرة لزومهم ل «رأس الزنقة» وجوها مألوفة ومعتادة، ولم تكن يوما تعتقد أنها ستكون ضحية للأفعال الجرمية لأحدهم، حتى حدث ذات يوم أن وجدت سكينا على كتفها، اعتقدت في البداية أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مزحة من ابن الحي لكن حين حاولت تخليص نفسها من السكين تعرضت لصفعة قوية، حينها فقط عرفت أن الأمر جدي وخطير، حيث اقتادها هذا الشخص الذي لم يأبه بتوسلاتها إلى غرفة بنفس الحي وفيها اغتصبها وافتض بكارتها، وحينما أشبع نزواته أطلق سراحها بعد أن هددها بالقتل إن هي أفشت ما حدث لأحد، لكن لم يكن بمقدور لمياء أن تخفي الاعتداء الأليم عن عائلتها التي توجهت على الفور إلى قيادة الدرك الملكي وسجلت شكاية في حق مغتصب الفتاة القاصر الذي فر إلى وجهة مجهولة . منذ حادث اغتصابها ظلت لمياء منطوية على نفسها لا تحدث أحدا حتى لو كان أقرب أقربائها، ولم يفلح أي أحد من أفراد العائلة في جعلها تنسى واقعة الاغتصاب، وللحيلولة دون أن يتضاعف مرضها النفسي، اقترحت عليها العائلة الذهاب لدى أختها بأكادير، فقبلت الفكرة لأنها اعتقدت أن هذه الرحلة ستكون رحلة نسيان وجوه الشر المألوفة بحيها بمنطقة الشياظمة، كما ستكون رحلة لنسيان الوحش الذي اغتصبها حتى وإن كانت تأمل أن تراه ينال جزاءه من طرف العدالة . الأحلام الوردية بعد أن قضت لمياء بعض الأيام في بيت أختها بأكادير، اقترحت عليها عمتها أن تسكن معها بحي تكوين ورحبت بالفكرة، وبعد أن تحسنت حالتها الصحية طلبت من أختها وعمتها مساعدتها على إيجاد عمل لها بأكادير، ووفقت عمتها في إيجاد فرصة عمل لها كخادمة بيت بمنزل أحد الإداريين بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، وفي أحد الأيام بينما كانت مارة بشارع المقاومة لاحظت أن شابا يطاردها ويعاكسها وحينما وقفت لمطالبته بالابتعاد أقسم لها الشاب إن «مراده وقصده شريف» وإنه معجب بجمالها وتوسل إليها منحه بعض الوقت لمناقشتها في أمر الزواج، وبعد أن أتمم حديثه سلمها رقم هاتفه. في اليوم الموالي، بينما كانت لمياء مارة من نفس المكان فوجئت بوجود نفس الشخص الذي حياها، وطلب منها أن تفكر مليا في طلبه بالزواج منها وأقسم لها ثانية إنه جدي «وماشي من ديك الماركة لكيتفلاو على بنات الناس» وحينما لاحظت أنه أصبح ملحاحا في طلبه، حكت له عن الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له والذي أصبحت بسببه ثيبا بعد أن افتض المعتدي بكارتها، وأوهمها بأنه جد متألم لما حدث لها ومع ذلك فهو يريدها زوجة ولا يهمه أن تكون بكرا أو ثيبا. اعتقدت لمياء أن ذلك الشخص صادق في كلامه ورغباته، وصرحت له بأنها أيضا تقبل به زوجا على سنة الله ورسوله الكريم ووعدها بالاتصال بأسرتها فور تسديد بعض الديون التي تراكمت عليه بعد تجهيز محله للملابس الجاهزة بسوق سيدي يوسف بأكادير. الطفولة المغتصبة في كل يوم كان تاجر الملابس الجاهزة ينتظر مرور لمياء من نفس المكان سواء كانت ذاهبة أو قادمة من عملها، وفي كل مرة كانت لمياء تمنحه بعض الدقائق من وقتها يحكي لها عن مجهوداته لفض مشاكل تجارته والاستعداد بعدها لبدء الإعداد لمشروع الزواج، وحدث ذات يوم أن طلب منها تحديد موعد معه يكون فيه متسع من الوقت يكفيهما لمناقشة مستقبلهما، وفعلا اعتذرت لمياء ذات يوم لمشغلها بدعوى السفر واتصلت بمن تعتقده زوجا للمستقبل ورافقها إلى أحد المنازل بحي رياض السلام واكتفيا في هذا اللقاء بمناقشة مشروع زواجهما، ولم تمر غير أيام حتى طلب منها أن يلتقيا ثانية بنفس المنزل، وفي هذا اللقاء طلب منها ممارسة الجنس وقبلت بالأمر بعد أن أقسم إنه لن يتزوج غيرها، وتكررت ممارستهما الجنسية بهذا المنزل وبإحدى الشقق بحي الفضية، ونبهته منذ أول ممارسة جنسية إلى أنها لا تتناول حبوب منع الحمل، لكنه طمأنها قائلا إنه مستعد لتحمل مسؤوليته في حالة الحمل «أنا راجل أحبيبتي وكاد على ولدي» وبعد شهر لاحظت لمياء أن العادة الشهرية لم تأت في الموعد المعتاد وأخبرت خليلها، فطلب منها التأكد من الأمر بإحدى المصحات ورافقها بنفسه إلى إحداها حيث أكد لهما الطبيب أنها حامل في شهرها الثاني، كما أكد لهما أن الوقت جد متأخر للقيام بعملية إجهاض ومع ذلك لم ييأس تاجر الملابس من إيجاد وسيلة لإجهاض حمل لمياء، فاتصل بالعديد من العشابين والعطارين ليقتني منهم أعشابا يسلمها لها دون أن يكون أي مفعول لها، بعدها اقترح عليها أن تتسلم منه مبلغ 3500 درهم مقابل مغادرة مدينة أكادير، حينها فقط عرفت لمياء أن خليلها تملص من وعوده وتخلى عنها، واستغلت فرصة لقاء عمها بإنزكان وأخبرته بما حدث، فسارع للاتصال بشقيقه الذي حضر على الفور إلى مدينة أكادير . السجن أحب إليه من الوفاء بوعده
اتصل الأب بشقيق خليل ابنته القاصر وطلب منه إيجاد حل ودي وحبي للمشكل وطلب منه مهلة يومين ليستشير المعني بالأمر، وفعلا أخبر الأب بعدها أن شقيقه قبل الزواج من ابنته وأن عليه إنجاز كل الوثائق المطلوبة في ملف الزواج، أنجز الأب الوثائق وأخبر بالأمر شقيق تاجر الملابس الجاهزة، الذي بدأ يماطل ويطالب بمهلة تلو الأخرى إلى أن مرت عدة شهور وأخبره بعدها أنه لم يتوصل إلى حل مع شقيقه، وأنه بعد فشل كل محاولات إقناعه بالزواج من لمياء أعلن أنه لم يعد معنيا بالمشكل، حينها فقط تقدم الأب بشكاية في حق منتهك عرض ابنته القاصر وحينما ألقي عليه القبض اعترف بممارسته الجنس مع القاصر لمياء برضاها واعترف بأنه مارس معها الجنس دون عازل طبي من المكان الطبيعي، ومع ذلك أصر على أن الجنين ليس من صلبه وأكد أنه مستعد للخضوع لعملية الخبرة، كما نفى علمه بكون لمياء ماتزال قاصرا، أما لمياء فقد اعترفت بدورها أنها كانت تمارس معه الجنس برضاها بعد أن وعدها بالزواج، وانطلاقا من هذه الاعترافات تابعت النيابة العامة تاجر الملابس الجاهزة بتهمة هتك عرض قاصر بدون عنف وأدانته المحكمة بسنة حبسا نافذا وتعويض مدني قدره 20 ألف درهم لفائدة القاصر لمياء التي ينوب عنها والدها .