ردد العشرات من العاملين في وحدات الصناعة التقليدية بفاس، صباح أول أمس الاثنين، شعارات مناوئة لمشغليهم، وطالبوا بالتدخل لحمايتهم من أناس يبنون العمارات ويقتنون الفيلات والسيارات، من عرقهم، في وقت يجدون صعوبات في تدبر أمر «البيصارة»، والحصول على قليل من المال لركوب الحافلة، يقول أحد مسؤولي نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب في الاحتجاج ذاته. المحتجون طالبوا، في أكثر من مرة، بحضور وسائل الإعلام العمومية لنقل غضبهم إلى المسؤولين، على الصعيد المحلي والوطني، واتهموا منتخبي غرفة الصناعة التقليدية بالمدينة ب»التخلي» عنهم، بعدما كانوا، إبان مرحلة الانتخابات، محطة للركوب، والوصول إلى المناصب والمسؤوليات. ولم يفد تدخل مسؤولي نقابة الاتحاد الوطني للشغل في المغرب، في التخفيف من حدة «غضب» المحتجين، وظل هؤلاء يرددون أسماء عدد من أثرياء القطاع، ويطالبونهم ب»الرحيل» لأن المكان ليس مكانهم، حسب أحد الشعارات التي رفعوها بمكبر الصوت. وسجلوا، طبقا لما جاء في لافتة رفعوها، بأن المؤسسات المكلفة بالقطاع، ومنها غرفة الصناعة التقليدية التي احتجوا أمامها، يتحيزون لأثرياء الحرفة، ولا يكترثون، في المقابل، لمآسي البسطاء من أبناء المجال، وهذا الوضع هو ما دفعهم إلى المطالبة بتمثيلهم في غرفة الصناعة التقليدية، حتى يتأتى لهم إسماع صوتهم لكل الجهات التي يعنيها أمر القطاع. ويعيش قطاع الزليج، وأغلب العمال المحتجين ينتمون إليه، أزمة حادة بسبب الركود في السوق. وقال عبد الزيز الطاشي، الكاتب الجهوي لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إنه من المفروض أن تعمد المجالس المنتخبة إلى «النهوض» بالقطاع عبر اشتراط اقتناء مواده ومنتوجاته من قبل المقاولات التي تحصل على صفقات تجهيز البنيات التحتية بالمدينة، وتشييد عدد من مؤسساتها، عوض أن تعمد إلى استيراد منتوجات الصين للقيام بهذه الأشغال. ويشير عمال قطاع الزليج إلى أن أجورهم لا تتعدى 70 درهما في اليوم، وأغلبهم يعمل ك»عطاشة» في وحدات أثرياء القطاع، دون أن يتوفروا على ضمانات قانونية، ولا تغطية صحية، ولا إمكانية الحصول على تقاعد، أو على ديون للاستفادة من السكن الاجتماعي. وأقر مصدر بغرفة الصناعة التقليدية بوجود «اختلالات» في وضعية هؤلاء العمال في الوحدات التي تشغلهم، وقال، في السياق ذاته، إن المحتجين كان عليهم أن يتوجهوا إلى الجهات المكلفة بالتشغيل ومراقبة أوضاعه لمطالبتها بالتدخل لإجبار مشغليهم على احترام قانون الشغل. ويدبر حزب الاستقلال شؤون هذه الغرفة، وكان قبله حزب الاتحاد الاشتراكي هو الذي يتولى شأنها. وينتمي إلى الحزبين صناع تقليديون يقدمون من قبل العمال المحتجين بأنهم من أثرياء القطاع، ورددت في حق بعض منهم شعارات تطالبهم ب«الرحيل». واعتبر مصدر الغرفة أن الاحتجاج فيه سياسة، بالنظر إلى كون الجهة التي دعت إليه هي الذرع النقابي لحزب العدالة والتنمية، «خصم» الاستقلاليين في المدينة. ونفى الكاتب الجهوي لهذه النقابة، في كلمته، أمام المحتجين، أن تكون الوقفة بخلفية سياسية، وقال إن النقابة التي ينتمي إليها تريد ضمان العيش الكريم للعمال، واستمرار الموروث الثقافي لمدينة فاس. فيما أشار المحتجون إلى أنهم اختاروا الاحتجاج أمام الغرفة لأنهم يعتبرونها «وسيطا» لإيصال همومهم إلى المسؤولين. وعمدت السلطات المحلية، في الآونة الأخيرة، إلى إغلاق «كهوف» لاستخراج الطين، وهي مقالع غير مرخصة، تعيش بدورها على إيقاع استعباد عمالها من قبل «إقطاع» يتهمون من قبل بسطاء القطاع بأنهم يتوفرون على علاقات نافذة تجعل جل المتدخلين يغضون الطرف عن «خرقهم للقانون» و»انتهاكهم لكرامة الإنسان». وجاءت قرارات «تشميع» هذه المقالع بعد الضجة الإعلامية التي أثيرت حولها بعد مقتل عدد من عمالها في ظروف مأساوية، بسبب انهيارات كتل الطين عليهم. وطالبت السلطات بإعداد دفاتر تحملات، والحصول على موافقة الوزارات المعنية بهذه الأراضي التابعة لجماعة سيدي حرازم. وأدى الوضع إلى خلق أزمة أخرى مرتبطة بأزمة المادة الأولية للصناعة التقليدية، ما دفع الصناع إلى البحث عن «بدائل»، وأدى إلى انتشار طين يؤثر على جودة المنتوج، ما أثر على سمعة الصناعة التقليدية في المدينة.