كشفت وزارة الاتصال عن لائحة الدعم العمومي المباشر الممنوح للصحافة المكتوبة برسم 2005-2011، وهي اللائحة التي تتضمن جدولا بالمبالغ المالية الممنوحة للمنشورات المستفيدة من الدعم من جرائد ومجلات. والملاحظ أن اللائحة تعكس وضعا مختلا لتوزيع هذا الدعم، حيث تظهر أن الدولة كانت سخية مع مجموعة من الصحف بصرف النظر عن أي معايير معتمدة في توزيع الأغلفة المالية، بشكل يجعل من هذا الدعم نوعا من الريع والمكافأة أكثر مما يجعله يعكس توزيعا مبنيا على مقاييس معقلنة ومضبوطة. فقد استفادت صحف لا تبيع إلا «بضعَ» نسخ من أموال ضخمة مثلها مثل صحف أخرى ذات انتشار واسع، وهكذا لم يلاحظ وجود فرق كبير بين مبالغ الدعم الممنوح لكليهما، إذ لا يمكن أن نفهم كيف أن صحفا تبيع بضع مئات من النسخ فقط تستفيد من ثلثي الدعم الممنوح لصحف تبيع مئات الآلاف من النسخ. لقد بدا واضحا أن هذا الدعم المالي ليس إلا «رشوة» مقنعة تمنح لبعض الصحف دون أية معايير يمكن الاحتكام إليها. والمثير أكثر هو أن بعض هذه الصحف المستفيدة تشغّل صحافيين بأجور مخجلة لا تتجاوز أحيانا 2000 درهم ولا تحترم مقتضيات الاتفاقية الجماعية التي ينبغي أن يعاد فيها النظر بدورها لأنها تحدد أجر الصحافي في حوالي 6 آلاف درهم رغم أن بعض المقاولات الصحافية تجاوزت مثل هذه الأجور وأصبحت تمنح الصحافيين أجورا أعلى منها. لكن الأخطر من هذا هو أن بعض الناشرين الذين يتقدمون بملفاتهم للحصول على الدعم لا يوجهونه الوجهة التي يجب أن يصرف فيها، بل يكتفون بوضع أموال الدعم في جيوبهم الخاصة لاقتناء السيارات والشقق الفاخرة على حساب الصحافيين العاملين معهم، مستغلين غياب المراقبة والتتبع من لدن الدولة. المطلوب اليوم هو ضرورة إعمال مبدأ المراقبة ووضع معايير محددة، لأن هناك فرقا بين المقاولة الصحافية وبين الصحافيين العاملين فيها، واستفادة المقاولة من الدعم لا تعني أن الصحافيين يستفيدون منه بالشكل المطلوب.