بعد الحملات القوية لسلطات مدينة أكادير على البناء العشوائي، قدم العديد من الضحايا شكايات في مواجهة من باعهم القطع الأرضية التي تعتبرها السلطات ملكا غابويا، بينما يعتبرها جزء من السكان الذين باعوها أرضا ورثوها عن أجدادهم وأدلوا ببعض الوثائق كرسم الاستمرار ورسم الإراثة دون أن يكون ذلك كافيا لاعتبارها ملكا لهم نظرا إلى قوة الحجج التي تتوفر عليها مصالح المياه والغابات، ومع ذلك فإن محاكم أكادير لاتدين بائعي هذه الأراضي من أجل النصب، كما تلتمس ذلك النيابة العامة، بل فقط من أجل رشاوى عادة ما يقدمونها إلى بعض موظفي مصالح تصحيح الإمضاءات للمصادقة على العقود، وهذا بالضبط ماحدث لحسن الذي برأته ابتدائية أكادير من تهمة النصب لكنها أدانته من أجل الارتشاء وحكمت عليه بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها ألفا درهم . ابتسام الحالمة بسكن للمستقبل، اتجهت صوب بعض الأحياء الموجودة في ضواحي مدينة أكادير، التي لازال فيها ثمن العقار في متناول ذوي الدخل المحدود مثل هذه الموظفة الشابة، وفي منطقة إغيل أضرضور وجدت ابتسام ضالتها في أرض بموقع إستراتيجي جيد، وبعد مفاوضات عسيرة مع حسن، الذي يزعم امتلاكه للبقعة الأرضية المذكورة تم الاتفاق على أن يقتطع منها لفائدتها 70 مترا مربعا مقابل مبلغ 87500 درهم، فسلمته شيكا بمبلغ 11500 درهم والباقي سلمته له نقدا، وسلمها حسن رسم إراثة وتعريف رسم ملكية استمرار وعقد تنازل، بعد ذلك اتجه الاثنان صوب محل للكتابة العمومية حيث حرر عقد البيع، ثم اتجها صوب بلدية إنزكان التي يعتقد حسن بأنها البلدية الوحيدة على مستوى أكادير الكبير «اللي مازال فيها الغفلة «ولا تتقيد بالتعليمات الواردة بدوريات والي الجهة وعمال الأقاليم التي تمنع تصحيح الإمضاءات الخاصة بعقود بيع بقع أرضية بمناطق الاحتياط الغابوي وبالمناطق التي لا يشملها تصميم التهيئة، وقبل ولوج مصلحة تصحيح الإمضاءات طلب حسن من ابتسام 1500 درهم إضافية قصد تسليمها كرشوة للموظف المسؤول عن المصلحة . في انتظار جمع المال اللازم للبناء، أحاطت ابتسام بقعتها الأرضية بحائط إسمنتي غير أنها لم تتمم بناء حائط المذكور بسبب نفاد ما تملكه من مال، فأقترح عليها حسن مساعدتها بأن يتولى بيع سيارتها ويمدها بالمال الذي سيمكنها من إتمام السياج، وفعلا سلمته ابتسام السيارة ووكلته أمر بيعها بواسطة وكالة عرفية، ومنذ ذلك الوقت اختفى عن الأنظار، حيث لم يسلمها لا المبلغ ولا السيارة، ولم تمر غير أيام حتى كان حي إغيل أضرضور موضوع الحملة على البناء العشوائي التي قادتها السلطات الإقليمية بعمالة أكادير/ إدوتنان وتم هدم سياج ابتسام، وعندما حاولت الاحتجاج أخبرتها السلطات بأنها اقتنت أرضا في ملكية إدارة المياه والغابات. بحث الضابطة القضائية بعد إيداع ابتسام شكاية في مواجهة حسن تتهمه بالنصب عليها بعد أن باعها أرضا ليست في ملكه، سارعت الشرطة القضائية إلى فتح تحقيق معمق مع المشتكية، وبعد سرد تفاصيل الواقعة أضافت أن حسن أخبرها أن 1500 درهم التي طلبها منها كرشوة مقابل تصحيح الإمضاء سلمها لرئيس مصلحة تصحيح الإمضاءات ببلدية إنزكان، حسب زعمه، مبرزة أنها لم تتأكد من ملامح هذا الشخص لكونه كان داخل سيارته التي أدلت بأوصافها. أما بالنسبة إلى حسن فقد اعترف بأنه باع، فعلا، أرضا للمشتكية، مضيفا أن هذه الأرض ورثها عن أجداده، بدليل توفره على الوثائق التي سلم نسخا منها للمشتكية، معترفا أيضا بأن إدارة المياه والغابات دخلت معه وبقية الورثة في نزاع حول هذه الأرض، وانتهى النزاع القضائي لفائدة الورثة، مضيفا أنه سلم 1500 درهم لأحد الموظفين بقسم تصحيح الإمضاءات . بعد أن أدلت المشتكية باسم سعيد. ن على أنه الموظف المعني بتلقي رشوة من حسن، تبين لرئيس الشرطة القضائية أن الأمر يتعلق بالنائب السابع لرئيس المجلس البلدي لإنزكان، الذي اعترف بأنه هو من وقع على تصحيح إمضاء البقعة الأرضية موضوع شكاية ابتسام، نافيا أن يكون على معرفة بالبائع أو المشترية، مضيفا أن الموظفين العاملين بمصلحة تصحيح الإمضاءات يحضرون إلى مكتبه مجموعة من الوثائق لتوقيعها في إطار المهام التي فوضها إليه رئيس المجلس البلدي، وأنه بالفعل يوقعها دون الاطلاع عليها لكثرتها، ولأن أمر تفحصها والتأكد من قانونيتها موكول لموظفي المصلحة، نافيا تسلم مبلغ 1500 درهم، معترفا بكون السيارة التي أدلت المشتكية بأوصافها في ملكيته وأنه باعها منذ شهرين فقط. بعدها عرضت الشرطة القضائية صور موظفي مصلحة تصحيح الإمضاءات على حسن، الذي تعرف على الموظف الذي تسلم منه «العلاوة»، وبعد استفسار رئيس المجلس البلدي عنه أجاب بأنه في رخصة مرضية وبأنه سيخبره ببحث الشرطة عنه بمجرد أن يلتحق بعمله. هذا ولم تقتنع النيابة العامة بمتابعة سعيد ن لعدم كفاية الأدلة واكتفت بمتابعة حسن، في انتظار ما سيسفر عنه التحقيق مع موظف تصحيح الإمضاءات بوشعيب .ح. جدير بالذكر أن مستشارا جماعيا بنفس البلدية وموظفا بها يقضيان عقوبة حبسية بسجن أيت ملول بعد إدانتهما من أجل الرشوة في إطار مجموعة من المحاكمات التي شهدتها ابتدائية أكادير على خلفية الحملات التي قادتها السلطات الإقليمية على البناء العشوائي ومشجعيه من المجزئين السريين والمترامين على أرض الدولة والأملاك الغابوية.