دقت الساعة السابعة مساء من يوم الجمعة، وبالضبط في الطابق الثامن عشر لذلك البرج الفاخر لشينتشين، تلك المدينة الضخمة البنيان التي تضم أكثر من 6 ملايين نسمة فبدأت كزيان مينغ في تستعد لاستقبال الشخص الذي يكتري لها هاته الشقة، التي تتكون من ثلاث غرف بتكلفة 7 آلاف يان أي ما يعادل 7 آلاف درهم مغربية، رغم أنه لا يزورها إلا في نهاية الأسبوع لأنه يشتغل طيلة الأسبوع بمدينة هونغ كونغ. بمساعدة إحدى صديقاتها، اللواتي راكمن تجربة لا يستهان بها في كونهن عشيقات لرجال متزوجين، استطاعت مينغ في أن تتعرف، أثناء حضورها لإحدى الحفلات، على رجل في عقده الثالث، رغم أنها لم تتجاوز ساعتها ربيعها ال23، ليتكلف بدفع أجرة الكراء ومصاريف تبضعها للملابس، رغم أنه يعيل عائلته المتواجدة بهونغ كونغ ، هذه لم تكن سوى البداية فستلتقي بعدها مباشرة برجل آخر يكبرها بأكثر من ضعف عمرها، ثم بدأت تنتقل من رجل إلى آخر وتغير بسرعة البرق عشاقها بحثا عن معيل يكون أكثر غنى وسخاء، لأن مينغ في تدرك أن العشيقة لا يمكنها أن تحتل غير المرتبة الثانية، لأن ما تقوم به لا يعدو أن يكون سوى مقايضة علاقات جنسية خلال مدد زمنية معينة مقابل مبلغ من المال. يا نساء الصين اتحدن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، فالزوجات والعشيقات في الصين وعلى مر التاريخ كن يعشن تحت سقف واحد، خصوصا في عهد الإمبراطورية الصينية، لكن ومع مجيء ماو إلى الحكم قام بتحريم هذا الفعل المتجذر في الثقافة الصينية، لكن الترف الاقتصادي كان أقوى من قرارات ماو، فأصبح التوفر على عشيقة رمزا للغنى والرفاه الاقتصادي، كما أن الرجال يرون فيها تلك الفرصة السانحة للحصول على امرأة مستعدة لتلبية جميع رغباتهم الجنسية، حتى ولو كانت شاذة في بعض الأحيان، خصوصا أثناء تنقلاتهم خارج المدينة. العشيقات يتم الاحتفاظ بهن عادة خارج المدينة الأصلية للرجل، حيث يقوم الرجال باكتراء منازل فاخرة والمتواجدة بإقامات سكنية راقية يطلق عليها اسم « قرى العشيقات»، فالعشيق يتكلف بدفع ثمن السيارة والشقة، لكن الحيطة والحذر يبقيان أسياسيين لذلك يحتفظ بالملكية ليضمن جميع أملاكه تحسبا لأي طارئ قد يؤدي إلى انفصالهما، على عكس ما كان يحدث سابقا، حيث العشيقة وأولادها يحظيان بجميع حقوقهم المادية، الحديث هنا لبان سوينغ باحث بمعهد الجنس والنوع ببكين. غزو العشيقات للمجتمع الصيني لم يرافق بنفس الامتيازات التي كانت تحظى بها العشيقة وأبناؤها قديما، فبعد أن أصدرت المحكمة قرارا يقضي بتوريث ابن عشيقة لمال أبيه الهالك قامت الدنيا في الصين بأسرها ولم تقعد حتى تم إلغاء الحكم، مما دفع الأم وابنها إلى مغادرة المدينة تجنبا للمشاكل. شيوع الارتباط بامرأة ثانية في السر، رغم زواج الرجل، أدى إلى تغيير قانون الزواج الصيني في سنة 2001، حيث أضيف بند يقضي بحصول الزوجة على الطلاق في حالة اكتشاف خيانة زوجها، لكن شريطة الإدلاء بأدلة تؤكد صحة ادعاء الزوجة. عشيقة لكل راتب العشيقات في الصين متوفرات لجميع الشرائح وجميع الرواتب، ففي شينتشين يتوفر سائقو الشاحنات وسيارات الأجرة على عشيقات ينتظرن قدومهم كل نهاية أسبوع، هذه العينة من العشيقات تكون في الغالب من عاملات الحانات السابقات أو الفتيات اللواتي يتكلفن بعمليات التدليك في مراكز التجميل أو الفنادق الضخمة، على عكس أصحاب الأموال الكثيرة الذين يجدون أحضان الكاتبات «السكرتيرات» والممثلات الهاويات، اللواتي يتقن لغة شكسبير، في انتظارهم. إن رجال أعمال هونغ كونغ يفضلون الاستقرار بالأحياء الراقية لغيبي، حيث تشتغل حانات برج ليبتون خلال نهاية الأسبوع، حيث يأتي رجال الأعمال طلبا للسمر رفقة حسناوات يصغرنهم بعدة سنوات، وفي هذا المساء في بيهاوة جنبت فرقة الحانة نفسها الغناء المباشر، فقام أعضاء الفرقة بالاستعانة ببلاي باك وفي غمرة انشغال الفرقة بالغناء أمسك رجل عجوز تجاوز عقده الخامس بيد شابة جميلة وانتقلا إلى طاولة أكثر هدوءا بعيدا عن صخب الفرقة الموسيقية. وفي صباح تلك الليلة الحالمة أكدت لنا تلك الشابة التي لم تتجاوز بعد ربيعها الواحد والعشرين أن الأمر لا يعدو أن يكون مرافقة صديق قديم، يتكفل بدفع مصاريف السكن، وتستدرك فانيسا حديثها مشيرة إلى أنه سبق لها أن كانت عشيقة لرجل متزوج لمدة فاقت الستة أشهر، هذا الرجل الذي كان يشتري لها الملابس والإكسسوارات من أرقى دور الأزياء العالمية، «لقد كان كريما جدا، كما أنه غني. مقايضة الجمال بالمال هي الفتاة الوحيدة لميكانيكي وربة بيت في شمال الصين، فانيسا، كما أحبت أن تسمي نفسها، استقرت في شنغهاي منذ سنين، حيث اشتغلت كاتبة «سكرتيرة» في مكتب للمحامي منذ إنهائها للدراسة، حيث كانت تتابع دراسة العارضات، وإلى جانب عملها ككاتبة تقوم بنسج العديد من العلاقات الغرامية مع أغنياء الصين «عندما كنت طالبة كنت أبحث عن رجل مسؤول يحبني، لكن الحياة صعبة ولا ترحم الأشخاص الفقراء أمثالي». فانيسا التي توجد الآن في فترة نقاهة عاطفية لا تتردد لحظة في الارتباط بأي رجل يعجبها حتى ولو كان متزوجا. وبالنسبة إلى مثيلات فانيسا فهن يقايضن جمالهن وشبابهن بالمال «معنى أن تكون الفتاة عشيقة لرجل ما يعني أن تقايض جمالها وشبابها بالمال، وهو الأمر الذي أعترض عليه بشرط ألا يكون العشيق بشعا يصعب معه تحمله» تقول فانيسا. ففانيسا تؤكد أن طريق الزواج بعيد عنها، لأنه وقبل أن تفكر في الزواج فهي مجبرة على تعلم الطبخ والقيام بالأعمال المنزلية، «لكن هذه الأمور ستعيقها عن العناية بجمالها ولعب الكولف لذلك أجلت فكرة الزواج في الوقت الحالي». على عكس فانيسا التي لا تطمح إلى الزواج، تتمنى كزيان مينغ في أن تتزوج بعشيقها الذي اعتادت مساء يوم جمعة على انتظاره، كزيان مينغ في، التي غيرت اسمها من كزيان فيان (الطائر الذي يحلق) إلى كزيان مينغ في( حلم النجاح)، بعد أن رفضت العمل كأشقائها وشقيقاتها الخمس في مصنع الآلات الإلكترونية، وقررت العيش في منزل فاخر بشينتشين. دقائق معدودة حتى بدأت تسمع صوت المفتاح في قفل الباب، ليدخل بعدها بدون حقائب، فهو القادم إلى منزله الآخر، بدأت مينغ في تسرع بارتداء حذائها الرياضي، فحبيبها مرهق من تعب عمل أسبوع بأكمله لذلك قدم إليها بحثا عن نهاية أسبوع رائعة تذهب تعب الأسبوع. جمعية النساء اللواتي تعرضن للخيانة الزوجية مع شيوع ظاهرة العشيقات في المجتمع الصيني قررت الصينيات التصدي لهذه الظاهرة، من خلال إنشاء جمعية تسعى إلى جمع الأدلة التي تدين الزوج من أجل حصول الزوجة على الطلاق، زيانغ يوفين كانت وراء إنشاء هذه الجمعية بعد أن اكتشفت خيانة زوجها لها من أجل محاربة العشيقات وجمع الأدلة التي تدين الزوج. ديونغ بالي سيدة في 52 من عمرها استطاعت هي الأخرى جمع أدلة خيانة زوجها بغية الحصول على الطلاق. شينتشين هي مدينة في جنوبي الصين، تتبع إدرايا لمقاطعة «قوانغدونغ»، وتعد من أكبر المناطق الاقتصادية الخاصة في الصين قبل 1980 كانت المدينة تسمي «باو آن»، لم يتجاوز عدد سكانها ال20 ألفا وكان نشاطها مقتصرا على الصيد. تحولت المدينة بعدها وشكلت امتدادا لجزيرة «هونغ كونغ». كما تمد «شينتشين» «هونغ كونغ» بحاجياتها من مياه الشرب والمواد الغذائية. تقع على الحدود مع «هونغ كونغ»، يمر عبرها خط السكة الحديدية الواصل بين «قوانغتشو» و«هونغ كونغ». أصبحت المدينة وضواحيها عام 1981 م أول منطقة اقتصادية خاصة في جمهورية الصين الشعبية. قامت الحكومة الصينية بإنشاء هذه المناطق لفتح اقتصاد البلاد على الاستثمارات الخارجية. تقترح هذه المناطق على المستثمرين مزايا ضريبية هامة، والضرائب فيها أقل من تلك المعمول بها في باقي أرجاء الصين، كما تتوافد إليها اليد العاملة الرخيصة. عن «VSD» الفرنسية