هذه الأيام، انتشر خبر حول المغرب في كثير من صحف العالم، بدءا بإسبانيا وفرنسا، ومرورا بالهند وروسيا، وانتهاء بكوبا وكندا وأمريكا اللاتينية. الخبر اعتبرناه نحن عاديا ولا يستحق أدنى اهتمام، لكنه في الحقيقة خبر مقزز ومهين، ولو لم يكن كذلك لما تشفت فينا صحف العالم، حتى بدونا وكأننا في بلد ينافس أعتى البلدان تقوقعا في العالم. الخبر يقول إن طفلة اسمها أمينة، كان قد تم اغتصابها من طرف شخص منحرف قبل عدة أشهر في مدينة العرائش، انتحرت مؤخرا بعد عدة أشهر من تزويجها رغم أنفها ممن اغتصبها. أمينة حدث لها ما يحدث في كل الكوابيس، وعوض أن ينتهي مغتصبها على مقصلة الإعدام أو في السجن المؤبد، كما تنص على ذلك كل القوانين في البلدان التي تحترم أطفالها وكرامة شعبها، فإنه انتهى في «دارْ العْدول»، وتزوج هذه الصبية، وعمرها لا يتجاوز 15 سنة، ثم ظل ينكل بها على مدى شهور، وفي كل مرة تشتكي فيها إلى أهلها يقال لها عودي إلى دار زوجك، فتعود. هكذا صار المغتصب المنحرف زوجا، وهكذا صارت الصبية البريئة زوجة منكلا بها، وعندما تجتمع هذه الخلطة الحمقاء فإن النتيجة تكون كارثية. انتحار الطفلة أمينة لا ينبغي أبدا أن يمر بسلام في بلد تقول قوانينه إن زواج البنت لا يجب أن يتم قبل أن تستكمل ربيعها الثامن عشر، وفي النهاية تتزوج طفلة مغتصبة رغم أنفها وعمرها 15 أو 16 سنة. هذه فضيحة ينبغي أن تغير الكثير في هذه البلاد التي تتظاهر بالحداثة والتقدم، وفي النهاية يكتشف الجميع أنها غارقة في التخلف. في كل بلدان العالم، باستثناء بعض المناطق القبلية في باكستان وبنغلاديش، تتم معاقبة المغتصبين بأقسى العقوبات، بل حتى في مناطق شعوب بدائية وسط الغابات يتم إعدام المغتصبين حتى لو كانت الضحية امرأة بالغة، أما في حال اغتصاب طفلة فإن العقوبة تكون غاية في القسوة. ما كان مفترضا هو أن يزج بالمغتصب خلف القضبان، وما كان مفترضا هو أن ترتفع عقوبة جرائم الاغتصاب، خصوصا تلك المقترفة ضد الأطفال، إلى الإعدام، أما أولئك الحمقى الذين يريدون إلغاء هذه العقوبة فما عليهم سوى أن يجربوا مقتل قريب أو اغتصاب بنت لهم من طرف وحوش آدمية لنعرف إن كانوا سيستمرون في المطالبة بإلغاء هذه العقوبة. ما حدث للطفلة أمينة يحدث بالتأكيد لكثير من الصبايا في مناطق مختلفة من البلاد، ولو أن الجمعيات المهتمة بهذا الموضوع كشفت الأرقام الموجودة لديها لأصيب الناس بالذهول، لكن الغريب أن هناك تواطؤا على الصمت، وهناك إجماعا على النفاق، لأن الفتاة التي تخرج إلى الشارع نسميها عاهرة، والفتاة التي يتم اغتصابها نرغمها على الزواج من مغتصبها، والمنحرف الذي يغتصب يصبح زوجا محترما ومن حقه أن ينكل بزوجته كيفما يشاء ويغتصبها كل يوم «بطريقة مشروعة» بعد الزواج. المثير في قضية أمينة هو أنه بعد اغتصابها، تم تزويجها بلا عرس ولا صداق، أي أنه تم إهداؤها لمغتصبها مجانا. حكاية مثل هاته لا يمكنها إلا أن تزيد في أعداد المنحرفين والمغتصبين في الشوارع، لأنه عندما تكثر الكلاب الشاردة والمسعورة، فأقل ما ينبغي فعله هو مقاومتها، لكن عندما نطعمها ونسقيها فإن النتيجة ستكون واضحة للجميع. في المغرب توجد اليوم أرقام مرعبة حول اغتصاب الأطفال، والإحصائيات تشير إلى أن ما يتم التصريح به من أرقام هو فقط الجزء الظاهر من جبل الجليد، لأن الكثير من الحالات يتم التستر عليها لأسباب مرتبطة بالعار والخجل ودرء الفضيحة. قضية أمينة يجب أن تعيد إلى الأذهان كل الحالات السابقة التي سمع عنها المغاربة ونسوها؛ فأين وصلت قضية اغتصاب الوزير الفرنسي لأطفال مغاربة في رياضات مراكش؟ وأين وصلت قضايا شبكات الدعارة التي تتخذ من الأطفال وقودا لنارها وتقدمهم كأطباق طرية للمغتصبين من السياح والمحليين؟ وأين.. وأين.. وأين؟ عموما، هذه بلاد لا تأبه كثيرا لافتراس لحوم أطفالها، وهذا نذير شؤم كبير.