اهتزت العاصمة البلجيكية بروكسيل، أمس الاثنين، على وقع فاجعة إحراق مسجد الإمام الرضا، أكبر مسجد (حسينية) يرتاده الشيعة المغاربة ببلجيكا، فيما توفي إمامه الشيعي الشيخ عبد الله الدهدوه، من أصل مغربي، مختنقا بعد اشتعال النار في المسجد. ووقع هذا الحادث الإرهابي حوالي الساعة السابعة مساء بتوقيت بلجيكا، عندما كان الإمام عبد الله الدهدوه وقرابة عشرة مصلين يهمون بأداء صلاة المغرب، حيث اقتحم المسجد شاب في الثلاثينات من العمر، يحمل في إحدى يديه حقيبة وضع داخلها ساطورا وسكينا من الحجم الكبير، وفي اليد الأخرى قارورة تحتوي على مواد حارقة «مولوتوف»، وبدأ يصيح: «جاهدوا في الكفار.. اقتلوا الكفار»، قبل أن يرمي بالزجاجة الحارقة فوق أرضية المسجد. ولفظ الشيخ عبد الله الدهدوه أنفاسه بينما كان يحاول إخماد النار رفقة الأشخاص الذين كانوا بجانبه، وعندما اشتد الحريق استطاع من كانوا بالمسجد مغادرته، باستثناء الشيخ الدهدوه الذي قضى اختناقا. وتمكن الأشخاص الذين كانوا داخل المسجد، بمساعدة بعض المارة، من الإمساك بمضرم النار الذي قالت الشرطة البلجيكية إنه مسلم يبلغ من العمر 34 سنة، وإن مرافقيْن له بقيا خارج المسجد، تمكنا من الفرار. وعلمت «المساء» بأن الجاني كان يتحدث بلهجة مغربية تطغى عليها لكنة سكان شرق المغرب، وأن الشرطة استعانت بمترجم لترجمة تصريحاته. كما توصلت «المساء» أيضا إلى أن الفاعل مهاجر سري، غير متوفر على وثائق العمل والإقامة، وأنه ذو قناعات متطرفة. ووصفت وزيرة الداخلية البلجيكية جويل ميلكيت، في تصريح أدلت به للصحافة، أمام مسجد الإمام الرضا، الحادث ب»الإرهابي»، معتبرة أن أسباب حدوثه ذات صلة ب»التوترات الحاصلة في الشرق الأوسط»، في إشارة إلى أحداث الثورة السورية وتداعياتها على العلاقة بين الشيعة والسُّنة. من جهته، أدان غاتان فان غوادسنهوفن، عمدة منطقة أندرلخت، الذي يقع مسجد الرضا تحت نفوذه، الحادث «الإرهابي»، داعيا كل الأطراف إلى التهدئة. كما استقبل العمدة وفدا عن أئمة مساجد السُّنة في بروكسيل بمكتبه، والذين نددوا بالحادث الإرهابي وعبروا عن أسفهم على ما حدث، مؤكدين أن السُّنة والشيعة جميعهم مسلمون وأن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم. يذكر أن الشيخ عبد الله الدهدوه، من مواليد سنة 1965 بمدينة طنجة، وهو أب لأربعة أبناء، درس في الحوزات الدينية في مدينة قم بإيران، ويشتغل، بالإضافة إلى توليه مهمة الإمامة، أستاذا لمادة الفقه باللغة الفرنسية في المركز التابع لمسجد الإمام الرضا. وكانت «المساء» قد التقت الشيخ الدهدوه داخل مسجد الإمام الرضا الكائن في شارع الدكتور ديميسمان في أندرلخت، في دجنبر المنصرم، وحكى للجريدة عن تجربة تشيعه قائلا: «تشيعت وعمري 23 سنة، وبعد أربع سنوات، ذهبت للدراسة في مدينة قم في إيران، وهناك اطلعت على الفكر الشيعي بعمق». وفي موضوع ذي صلة، أكد ل»المساء» القيمون على مسجد الرحمان الشيعي في بروكسيل أن الشيخ محمد الودراسي، وهو شيعي مغربي في السبعينات من العمر، يتلقى باستمرار تهديدات بتصفيته جسديا، عبر الهاتف، وبشكل مباشر.