لم يتمكن رئيس جماعة عين بيضا القروية (بضواحي فاس) من «تمرير» الحساب الإداري في دورة عقدها يوم 28 فبراير الماضي، بسبب «عراك» سياسي بينه وبين جزء كبير من المنتخبين، ضمنهم نوابه. ويمتهن عبد القادر الزاهر، رئيس هذه الجماعة، مهنة المحاماة، وينتمي إلى حزب الاستقلال، في حين انتمى عدد من معارضيه في هذه الدورة إلى حزب الأصالة والمعاصرة. وتتبع عدد من سكان الجماعة التي توجد بمحاذاة الطريق الرابط بين فاس وصفرو، أثناء أشغال الجلسة، عروضا في الاتهامات والاتهامات المتبادلة بين الطرفين، أثارتها عدد من البنود في الحساب الإداري، ومنها تخصيص ميزانية لإقامة موسم سنوي بالقرية بمبلغ مالي وصف من قبل المعارضين بالمبالغ فيه، في حين أن المدعوين إليه لم يستفيدوا سوى من وجبة كسكس. وانتقد المستشارون المعارضون عدم تأمين الجماعة ومعها المنتخبون من أخطار الحرائق. وطالبت وثيقة وقعها حوالي 9 أعضاء (من أصل 13 عضوا في الجماعة) وزير الداخلية بتكوين لجنة لافتحاص مالية الجماعة، ومقارنة الوثائق التي بحوزتها بالمشاريع المنجزة على أرض الواقع. وانتقدت الوثيقة تخصيص ميزانيات مبالغ فيها لشراء وصيانة العتاد المعلوماتي وإصلاح البنايات والسوق الأسبوعي وشراء قطع الغيار والمحروقات، ودفع أذونات بعض الصفقات دون توصل الجماعة بموادها، والتعامل مع فئة معينة من المقاولين الذين اغتنوا على حساب الجماعة، يقول هؤلاء المستشارون الجماعيون. وغضب المعارضون أيضا من اقتناء رئيس الجماعة سيارة رباعية الدفع وجرافة تركية واستغلهما لمدة تزيد على ثلاثة أشهر دون أداء واجبهما، عوض أن يقتني سيارات ذات منفعة في وقت أصبحت فيه سيارات الجماعة في حالة متدهورة. ولاحظوا أن جل البنود المخصصة للشؤون الاجتماعية لم يتم صرفها، كما اتهموه ب«تعطيل» صفقة تخص التدبير المفوض لجمع النفايات كان من المفترض أن تمول بنصيب ضئيل من قبل الجماعة، وتطبيق نظام خاص في مخالفات البناء، عبر معاقبة جهات وغض الطرف عن جهات أخرى. وكانت الجماعة تكتري سوقها الأسبوعي بحوالي 11 مليون سنتيم، لكن مداخيله عندما تكلفت الجماعة بتدبير شؤونه لم تتجاوز 20 ألف درهم، ما يعني وجود غموض في التدبير بالنسبة إلى المعارضين الذين قدروا الباقي استخلاصه من أموال الجماعة بحوالي 45 مليون سنتيم، وأشاروا إلى أن رئيس الجماعة يرفض استخلاص مستحقات الجماعة محاباة لأصحاب المحلات والمستثمرين. وبلغ فائض الجماعة ما قيمته 18 مليون درهم، ما يعني للرئيس وجود جهد في حسن التدبير، فيما يعني للمعارضين ضعفا في الاجتهاد وصرف ميزانية الجماعة لفك العزلة عنها، وربطها بالبنيات التحتية التي هي في حاجة ماسة إليها. ونفى رئيس الجماعة، عبد القادر الزاهير، هذه الاتهامات، وأورد أنه مستعد للمحاسبة، وقال إن المستشارين المعنيين ب«تعطيل» الحساب الإداري للجماعة قد سبق لهم أن صوتوا على الميزانية بالإجماع، لكنهم تراجعوا عن مواقفهم بعد التحاقهم بحزب الأصالة والمعاصرة، ومشاركتهم في المؤتمر الاستثنائي الأخير للحزب. كما نفى تهمة التسيير الفردي لشؤون الجماعة، موردا أن الجماعة تتوفر على وثائق تفيد بأن تسيير شؤونها يتم بشكل جماعي، وبأن الدورات تعقد في أوقاتها، والرئيس ينفذ قرارات المجلس، يضيف الزاهر. وأشار رئيس الجماعة إلى أن التبريرات التي يقدمونها لمعارضة الحساب الإداري غير معللة، وأضاف أنه لن يخرق القانون لإرضاء بعض المستشارين.