كانوا يوم الثلاثاء، إناثا وذكورا للمرة الألف أمام البرلمان لطلب العمل. إنهم وإنهن المجازون المعطلون. مظاهرة سلمية كما المعتاد. هل يجب التذكير مرة أخرى بأنه ولأكثر من عشر سنوات، التي استمرت فيها هذه المظاهرات، لم تحدث أي أعمال تخريب. لم يتم كسر أي زجاج، ولم يتم الاعتداء على أحد. في المقابل، فإن القمع الوحشي كان دائما حاضرا. قمع تقوده أساسا القوات المساعدة، والذي خلف مئات الضحايا. وهكذا، فقد تدخلت قوات الأمن مرة أخرى يوم 23/09/2008. وقد أدى هذا التدخل إلى وقوع العديد من الضحايا، منهم خالد زرار الذي أصيب بكسر مزدوج في كتفه. إنه «إنجاز» لرجل أمن متحمس. لكن بعد نقله إلى مستعجلات مستشفى ابن سينا، تبين أن الأطباء لن يستطيعوا علاجه. فقام زملاؤه بنقله إلى مصحة خاصة في الدارالبيضاء. في 24/09/2008، خضع خالد لعملية جراحية بتكلفة بلغت 9000 درهم. لكن ما يثير الاهتمام مرة أخرى هو الإفلات من العقاب الذي تتمتع به قوات الأمن، التي يعلم أفرادها جيدا أنه يمكنهم أن يعملوا بكل أمان، وهم متأكدون أنه لن تتم محاسبتهم من طرف أي كان عن الانتهاكات التي يقومون بها. كل يوم يمر، يتجذر لديهم الإحساس بأنهم فوق القانون. كانت هناك أحداث صفرو كانت هناك أحداث الناظور كانت هناك أحداث سيدي إفني ولم يتم أبدا إقلاق راحة أي من رجال الأمن رغم مئات الانتهاكات لحقوق الإنسان التي ارتكبوها. ويبدو كأنه قد تم إعطاؤهم رخصة لارتكاب أبشع الجرائم. المبني للمجهول هنا يعود على الحكومة التي يترأسها عباس الفاسي. المبني للمجهول هنا يعود على وزير الداخلية المبني للمجهول هنا يعود على الجنرال العنيكري. ولم يستفد مسؤولونا من دروس هذه التصرفات غير المسؤولة. كيف يكون الأمر خلاف ذلك، وهم مقتنعون اقتناعا راسخا بأن السياسة الأمنية والحكم الملكي هو الطريق لحل مشاكل البطالة والاحتجاج الاجتماعي، وأن الإصابات والكسور والإجهاض، هي الوسائل التي ستمكن من التغلب على هذه الحركات الاحتجاجية. إن العكس هو الذي يحصل كلما زاد القمع، إلا وأصبح المقموعون أقل خوفا من القمع. قال ليوطي: أظهر القوة لكن لا تقم باستخدامها، أو على الأقل، استخدمها نادرا، لأنه إذا تم استخدامها بشكل متكرر، فإنها تفقد وظيفة الردع. وإذا أردتم أن يتم نشر فكرة، أو أن يتم تنظيم مقاومة وأن تتقوى، فاقمعوها. فالقمع هو تربة خصبة ينمو فيها الاحتجاج. ما لا يريد المسؤولون فهمه، هو أن ما يقوم به العنيكري يرفع الوعي السياسي في صفوف المقموعين. الآن، فإن حملة الشواهد المعطلين الذين يقدرون بالملايين، يعرفون جيدا أنه للوصول إلى أهدافهم يجب عليهم أن يقودوا صراعات سياسية، وأن يغيروا عدة أشياء من أجل الحصول على حياة كريمة. البارحة، كانوا يظنون أنه بمقدورهم قيادة مثل هذا الصراع السياسي. أما اليوم فإنهم قد اكتشفوا خطأهم. اليوم هم مقتنعون أكثر من أي وقت مضى بأن مثل هذه المعارك السياسية ضرورية للوصول إلى أهدافهم المتوخاة. ما يرفض المسؤولون الأمنيون رؤيته كذلك، هو أن صراع حاملي الشواهد المعطلين والساكنة المهمشة لبوعرفة، الناظور، الحسيمة، صفرو، إيفني وطاطا... أصبح ضرورة حيوية.. إنها مسألة بقاء. وإلى هذا يجب إضافة أن حاملي الشواهد لديهم عائلات، آباء، أمهات، أخوات وإخوة يعيشون الصراع نفسه ويقاسمونهم الهموم والمعاناة والشعور باليأس. وتعبيرا عن تضامنهم مع أطفالهم، فإنهم يرفضون المشاركة في الانتخابات المختلفة.