أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بقضايا الإرهاب بسلا، في حدود الساعة الثامنة من ليلة أول أمس، أحكاما تراوحت ما بين 30 سنة والبراءة، في حق 52 متهما ضمن خلية عبد الفتاح الرايضي الذي قام بتفجير نفسه داخل محل للأنترنت بالدارالبيضاء في 11 مارس2007. وقضت المحكمة بالسجن 30 سنة في حق عبد الكريم آيت أوكرض، و20 سنة في حق عبد العزيز راكش، و15 سنة في حق عبد الصمد الشردودي، و13سنة في حق عبد الرحيم بوضريف، في حين تراوحت باقي الأحكام ما بين 10 سنوات وسنتين سجنا نافذا. كما قضت المحكمة بسنتين سجنا موقوف التنفيذ في حق حسناء مساعد، التي استمعت إلى الحكم وهي تحمل بين ذراعيها رضيعتها التي ولدت داخل أسوار السجن، بعد أن أخذت المحكمة بعين الاعتبار ظروفها الاجتماعية. كما صدر حكم بغرامة مالية قدرها 5000 درهم في حق يوسف الحيمر الذي كان متابعا في حالة سراح، فيما برأت المحكمة كلا من يونس الزيتوني ومحمد الحمداوي وحميد الطويل وعادل الهينوني. وكان القاضي قد منح المتهمين فرصة للإدلاء بكلمتهم الأخيرة التي جددوا فيها إنكارهم للتهم المنسوبة إليهم، فيما اكتفى بعضهم بالصمت أو التماس البراءة، قبل أن ترفع الجلسة للمداولة التي استغرقت حوالي ثلاث ساعات لتعود الهيئة وتشرع في النطق بالأحكام. واستقبل المتهمون الأحكام بهدوء، في حين رفع أحدهم شارة النصر عاليا، قبل أن يغادروا قاعة المحكمة التي عرفت تعزيزات أمنية تحسبا لرد فعل غاضب، خاصة وأن المتهمين سبق لهم أن اعتصموا داخل القفص احتجاجا على تأجيل محاكمتهم. من جهة أخرى، تباينت ردود فعل الدفاع بخصوص الأحكام الصادرة بين من وصفها ب«القاسية» ومن اعتبر أنها «معتدلة». وأكد المحامي عبد اللطيف النواري أن الأحكام جاءت «متناقضة وقاسية، ولم تراع المراكز القانونية للمتهمين»، وأضاف: «النيابة العامة لم تأت بأي دليل، كما أن أغلب المتهمين أنكروا التهم الموجهة إليهم في سائر مراحل التحقيق ومع ذلك تمت إدانتهم». في حين أكد المحامي محمد بنصحراوي أن الأحكام «جاءت معتدلة، رغم أنها خيبت ظن الدفاع»، واعتبر بنصحراوي أن عددا كبيرا من المتهمين «لا علاقة لهم بالتفجيرات، ولم تضبط لديهم مواد متفجرة»، وأضاف: «سنستأنف الأحكام لأنها غير مقنعة وصدرت في غياب الأدلة». وتوبع المتهمون من أجل «تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية، في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام عن طريق التخويف والترهيب والعنف، وصنع المتفجرات والسرقة وعدم التبليغ والانتماء إلى ما يسمى ب«السلفية الجهادية»، وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق»، كل حسب المنسوب إليه. وكانت مدينة الدارالبيضاء قد اهتزت يوم 11 مارس من سنة 2007 على وقع تفجير انتحاري في أحد محلات الأنترنت بحي سيدي مومن، بعدما أقدم عبد الفتاح الرايضي على تفجير حزام ناسف كان يخفيه تحت ثيابه، بعد مشادات كلامية مع مالك نادي الأنترنت الذي تدخل لمنعه من ضرب لوحة المفاتيح. وفي نفس اللحظة عمل يوسف الخدري على التخلص من حزامه الناسف، والفرار من المكان، وهو يحمل جروحا بليغة وحروقا في وجهه وأنحاء متفرقة من جسمه، حيث توجه نحو الطريق السيار الرابط بين البيضاء والرباط، وحاول وضع كيس بلاستيكي على وجهه لإخفاء آثار التفجير، قبل أن يتم اعتقاله من طرف المصالح الأمنية، وإدانته في وقت لاحق بعشر سنوات سجنا نافذا من قبل الغرفة الاستئنافية. وكشف التحقيق الذي باشرته المصالح الأمنية، عقب الحادث، أن مجموعة الرايضي كانت تخطط لاستهداف عدد من المصالح الأمنية والمدنية، منها مقرات للشرطة والقوات المساعدة، إضافة إلى ميناء الدارالبيضاء عن طريق تصنيع مواد متفجرة باستعمال مواد أولية متوفرة في الأسواق. وكان أيوب الرايضي أخ الانتحاري عبد الفتاح قام بدوره بتفجير نفسه بواسطة حزام ناسف في 10 أبريل 2007 بحي الفرح بالدارالبيضاء.