سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السباعي : حتى الأحزاب السياسية ليست لها القدرة على جمع الأتباع مثلنا الناطق الرسمي باسم البوتشيشية: لا نعارض الإسلام السياسي بل نحن ضد العمل السياسي من داخل طريقتنا
كيف تستقطب الطريقة القادرية البوتشيشية مسؤولين وأطرا في الدولة؟ ما هو المنطق السياسي الذي تتحرك وفقه؟ ما تبرير الطلعات السياسية للطريقة مؤخرا؟... أسئلة-مفاتيح يمكنها أن تساعد على فتح علبة أسرار الزاوية الأكثر إثارة للجدل في المغرب، طرحناها على لحسن السباعي الإدريسي، الناطق الرسمي باسم الطريقة القادرية البوتشيشية، وأحد أطرها و»كوادرها»، فكانت الإجابات التالية: - ما تفسير تعبئة الطريقة عددا كبيرا من المريدين، وبينهم مسؤولون في الدولة وأطر عليا في المغرب وخارجه؟ لأنها طريقة صوفية. اليوم، وليس في المغرب فقط، لم تعد حتى للهيآت السياسية القدرة على جمع هذا العدد الكبير من الأتباع، نظرا إلى عدة اعتبارات. ما يجمع الناس بالطريقة البوتشيشية ليس الفكر أو البرامج السياسية ولكنْ عمق روحي وديني ورباني، فالناس يأتون إلى الزاوية بوسائلهم الخاصة، لوجه الله، مصداقا لقوله تعالى: «لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكن الله ألّف بينهم». - يعني أنكم لا تحصلون على دعم من الدولة؟ إذا أرادت الدولة أن تدعم، فلماذا لا تدعم جهات أخرى؟!.. - يأتي إحياء الطريقة للمولد النبوي هذه السنة في سياق ربيع عربي وحراك مغربي، كما أن الطريقة نزلت هذه الصيف الماضي إلى الشارع في مسيرة حاشدة لتأييد الدستور، وهو ما لفت الانتباه، ما موقفك من التفاعلات التي شهدها المغرب والعالم العربي؟ في الحقيقة، لا يمكن الرجة التي هزت العالم العربي إلا أن تسائل كل عربي، خصوصا أن المغرب قد انخرط فيها، بطريقته، كدولة لها كيان وتاريخ ومقومات. لقد كان خروج الطريقة البوتشيشية للدفاع عن هذه المقومات والثوابت والمكونات وللدفاع عن استقرار البلاد، فقد كانت للربيع العربي نتائجه في ما يتعلق بالتصالح بين عدد من الجماهير الشعبية مع العمل السياسي، ولكنْ كانت له أيضا تداعيات، مثل التي نراها اليوم من عدم استقرار وأعمال لا أظن أن تؤدي إلى نتيجة جيدة.. قيل إن خروجنا عمل سياسي.. عمل سياسي نعم.. لأنه يهدف إلى الدفاع عن المصالح العليا للوطن وثوابت البلاد، لأن استمرار هذه الثوابت هو الذي يضمن استقرار البلاد، ولكن هذا الاستقرار لا يعني الجمود، وهذا ما نسميه الثابت، أما المتحول فهو كل ما يغني هذه الأمور من مسائل تحسن عيش مجتمعنا وتسهل مشاركة الناس في تدبير شؤونهم، وتدارسنا لقضية الحقوق في هذا المؤتمر السادس للتصوف هو انخراط كذلك في الشأن العام، الذي لا يهمنا فقط كطريقة بوتشيشية، ولكن ظل يهم الصوفية عامة عبر قرون. الخطاب الذي نسعى إلى تمريره هو أن للإنسان حقوقا ضمنها الله، لأنه كرمه، ولكن هذا السمو يتطلب القيام بواجبات، في إطار منظومة دينية. - أسفر هذا الحراك عن وصول الإسلاميين إلى الحكومة، في الوقت الذي عارضت الطريقة ما يعرف ب»الإسلام السياسي».. كيف ستكون علاقتكم الآن بحزب العدالة والتنمية؟ لم يسبق لنا أن عارضنا أي «إسلام سياسي» نهائيا، عارضنا ممارسة العمل السياسي من داخل طريقتنا، لأننا نعتبر أن التصوف والعمل السياسي لا يلتقيان، ولكن إذا كان هناك من يدافعون عن ثوابت البلاد واستقرارها فهل يمكن أن نقف ضدهم؟!.. لقد كنا من الأوائل الذين هنؤوا عبد الإله بنكيران، وسلمته تهنئة الشيخ، وتمنينا له التوفيق، في الوقت الذي هناك حاليا تواصل مع حكومة عبد الإله بنكيران. - لكن المعروف أن الطريقة البوتشيشية كانت دينية لا علاقة لها بالعمل السياسي، هل غيرت الطريقة منظورها مؤخرا؟ عندما لا نتدخل في أي أمر يقال إن هؤلاء الناس مُنزوون وهامشيون ولا يهتمون بالشأن العام واتّكاليون وسلبيون وغيرها من الأوصاف والأقداح!.. ليس المجال السياسي، والذي، للإشارة، نعرفه جيدا ولا نخافه، هاجسَنا وهدفنا، فهذه الطريقة تجمع الناس لذكر الله تعالى بتأطير شيخ عارف بالله، هدفه أن يسعى إلى جعل المريدين يسلكون الطريق إلى الله تعالى. ولكننا لا نقوم بهذا العمل في الفضاء أو في جزيرة نائية، بل في مجتمع، ومسيرتنا أثبت أن لنا موالين في هذا البلد، ونعتبر المغاربة جميعا أنصارَنا، ومن واجبنا أن نسهم في خدمة مصلحة البلاد عبر توفير الأمن والأمان وأيضا الإصلاح، وهو ما حرص عليه الملك خلال عرضه مشروع الدستور، لذلك انخرطنا في دعم هذا الدستور. - اعتبر البعض أن خروجكم في مسيرة مؤيدة للدستور، وفي ذلك التوقيت، هو رد على العدل والإحسان، التي أيّدت حركة 20 فبراير، وهو ما يندرج في إطار انتقاد توظيف الطريقة لمواجهة الإسلام السياسي وجماعة العدل والإحسان تحديدا، ما ردك؟ الحديث عن توظيف الطريقة كلام «قديم». السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا العودة دائما إلى هذا السؤال!؟.. فقد قلنا، وبكل وضوح، إن خروجنا ليس موجها ضد أحد وخروجنا مبدئي، كما شرحت لك، الآن إذا كان هؤلاء الناس يقولون إنه يتم توظيفنا، فلماذا لا يتم توظيف جهات أخرى معروفة كذلك بمعاداة جماعة العدل والإحسان؟.. نحن لا ولم ولن نُوظَّف بهذا الشكل، نحن ندافع انطلاقا من قناعتنا وانخراطنا في مسلسل مغرب حديث ومتشبث بجذوره، وبهذه الصفة، لا بد أن يكون هناك أشخاص تختلف آراؤهم، لأن هذه هي الديمقراطية. هل الموقف السليم هو دائما المعارضة؟.. ألا يمكن أن نقول إن هناك إنسانا صادقا دون أن معارضا؟.. أظن أن هذا الأمر يطرح نفسه بحدة. - تم، مؤخرا، تداول تدهور الوضع الصحي للشيخ حمزة وبدأ نقاش داخل الطريقة حول من سيخلفه.. ما حقيقة هذا الأمر؟ الوضع الصحي للشيخ في حالة جيدة، وفي ما يخص الخلافة، لأن البقاء لله تعالى، نحن الصوفية، منذ زمان، منا من كانوا يوصون بخليفته، ومنهم من يتركونها مفتوحة. شيخنا، ونحن، متوافقون على هذا الأمر جميعا، سيكون بعده ابنه سيدي جمال. مسألة الخلافة لا يجب أخذها بحساسية، والله تعالى يقول عن خلافة الأنبياء: «ذرية بعضها من بعض»، فلا يعتبر الناس أن هذا توريثا كما هو الشأن في الأمور الدنيوية، بل لأن سيدي جمال رجل علم، فهو دكتور دولة في العلوم الإسلامية من دار الحديث الحسنية، كما أنه رجل يتوفر على جميع الصفات، ونحن نمتاز، على الأقل، بأننا نقول هذه الحقائق بوضوح ولا نختبئ ونتحرج.