وجهت الشركة المنتجة لشريط وثائقي يتم تصويره في ضواحي أصيلة، شكاية إلى وكيل الملك بالمدينة بسبب ما قالت الشكاية إنه عرقلة غير مسبوقة من أجل وقف تصوير شريط يحكي صراعا بين «مواطن فرنسي غني» وبين عائلة «زيِِْلاشية» فقيرة. ووجه مسؤولو الشركة الفرنسية «إيبيفين فيلم» رسالة إلى وكيل الملك بأصيلة يتهمون فيها مواطنا فرنسيا يدعى باتريك غيران هيرميس، بمحاولة عرقلة تصوير الشريط، الذي يخرجه المغربي محمد اولاد محند، على اعتبار أنه يشكل مسا بسمعته، في الوقت الذي تقول الشكاية إن الشريط يتوفر على كل الرخص الضرورية، وأن أحد العاملين مع المواطن الفرنسي هاجم طاقم التصوير وحاول الاعتداء عليه. واستغربت رسالة مدير الشركة، التي حصلت «المساء» على نسخة منها، «زيارة» الدرك بمنطقة أصيلة للعاملين في الفيلم، واعتبرت ذلك «خارج مبادئ العمل وإساءة لصورة المغرب في الخارج ولدى الجهات الداعمة للشريط». رسالة منتجي الفيلم إلى وكيل الملك، جاءت بعد عدة أشهر من صراع شرس بين المواطن الفرنسي، وهو رجل شهير بإدارته لأحد أرقى محلات الأزياء والعطور، وبين أسرة عبد السلام مغايت، وهي أسرة عدد أفرادها يقارب العشرة، والذين يعتمدون بشكل كلي على أرضهم المجاورة للبحر، التي يخصصونها لاستقبال المصطافين خلال الصيف لكسب لقمة العيش. وابتدأت الحكاية عندما استقر الفرنسي هيرميس في هذه المنطقة قبل بضع سنوات، وبنى فيها فيلا فارهة، وألحق بسكنه جزءا من ضريح «سيدي مغايت»، وفق ما تقوله أسرة مغايت، وفوق هذا وذاك، أدخل في ملكيته عددا من ينابيع الماء التي كان السكان يرتوون منها، فحرمهم من ماء الشرب، حسب قول السكان. وبما أن هذه المنطقة تعتبر واحدة من أجمل الشواطئ المغربية، فإن الفرنسي هيرميس قرر أن ينشئ لنفسه مشروعا مربحا عبر شراء الأراضي المجاورة، ومساحتها تقارب المائة هكتار، وتحويلها إلى مشاريع عقارية أو تجارية، فيما اتهمته أسرة مغايت بأنه يحاول حصارها بعد أن رفضت بيع أرضها له، وأنه يعمل كل ما في وسعه من أجل دفع السكان الفقراء إلى الرحيل عن المنطقة. وتقول أسرة «مغايت»، إن محاولات هيرميس معها بدأت بالإغراء، حين عرض عليها مئات الملايين لكي تبيعه قرابة الأرض التي تمتلكها، غير أن رفض الأسرة جعل الفرنسي ينحو نحو سلك أساليب أخرى، وتمثلت في تلفيق تهمة لربة بيت أسرة مغايت، رشيدة، والتي دخلت السجن لشهرين، ثم بعد ذلك دخل ابنها الأكبر السجن بدوره. هذه الحكاية الواقعية قرر المخرج «الزّيْلاشي» اولاد محند نقلها إلى الشاشات، وحظيت فكرته برضا قنوات تلفزيونية عالمية، من بينها قناة «آرتي» الفرنسية – الألمانية، وقناة «الجزيرة» وقنوات أمريكية، و»القناة الثانية» المغربية، إضافة إلى قنوات أخرى عربية وأجنبية. لكن الأشياء لم تقف عند هذا الحد، وذلك عندما أراد الفرنسي هيرميس كسب قرار يمنع تصوير فيلم اولاد محند، وراسل جهات رسمية في المغرب، بينها وزير الاتصال السابق خالد الناصري، والمركز السينمائي المغربي، غير أن الرد كان صادما له، وذلك عندما حصل المخرج على إذن بإكمال التصوير، وهو ما جعل هيرميس يعمد إلى حيل أخرى. لكن الفرنسي قدم بعد ذلك شكوى تتهم الشركة المنتجة بمحاولة الإساءة لسمعته، وهو ما دفع شرطة أصيلة إلى استدعاء طاقم الفيلم ومسؤولي الشركة المنتجة، وتوقف مشروع الفيلم لعدة أشهر، في انتظار أن يبت القضاء المغربي في هذه النازلة الفريدة من نوعها.