انتقد محمد الساسي، عضو المجلس الوطني للاشتراكي الموحد، موقف بعض فروع الحزب التي لم تلتزم بتوجيه المكتب السياسي للحزب، القاضي بالمشاركة في الانتخابات الجزئية الأخيرة، ولجوءها بالمقابل إلى الإعلان عن مقاطعة تلك الاستحقاقات، حيث ظهر بذلك وكأن الحزب قدم هدية إلى حزب الهمة الذي نزل بكل ثقله في هذه الانتخابات. وقال الساسي، خلال تدخله في أشغال الدورة السادسة للمجلس الوطني للحزب التي انعقدت أول أمس الأحد بمقر الحزب بالدار البيضاء، إنه «من الناحية السياسية فهم وكأننا أخلينا الساحة لحزب الهمة من خلال عدم المشاركة في هذه الانتخابات»، وأضاف: «ظهر وكأننا أعطينا هدية من خلال عدم المشاركة». ونبه الساسي بالمقابل إلى ضرورة التمييز بين النضال على مستوى الجبهات الاجتماعية داخل تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار، التي يشارك فيها الحزب، وبين عدم الانجراف إلى تبني مواقف سياسية على طريقة النهج الديمقراطي. واعتبر الساسي محطة انتخابات 2007 أن حزبه عرف فيها سماه بالانكسار، وانبرت هناك مقاربتان، إما توقيف العمل الحزبي ومناقشة الأزمة أو مواصلة العمل وفق الظروف الحالية. تداعيات الأزمة التي تعرفها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بسبب عدم التزام غالبية أعضاء فريق المنظمة بتنفيذ قرار المجلس الوطني للكونفدرالية ليوم 19 أبريل الماضي القاضي بالاستقالة والانسحاب من البرلمان، ألقت بظلالها على أشغال هذا اللقاء، على اعتبار أن أحد البرلمانين الذين حضروا افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان هو عضو بالمكتب السياسي للحزب، حيث ارتفعت أصوات داخل المجلس تطالب بضرورة اتخاذ موقف محدد إزاء هذه المسألة. رد محمد مجاهد، أمين عام الحزب، جدد فيه التأكيد على مساندة قرار الكونفدرالية القاضي بالانسحاب، إلا انه أرجأ بالمقابل اتخاذ أي قرار في حق عضو المكتب السياسي إلى حين البت في المسألة من قبل المكتب السياسي للحزب، قبل عرض ذلك على أنظار الدورة القادمة للمجلس الوطني. تقرير المكتب السياسي، الذي تمت المصادقة عليه خلال أشغال هذه الدورة، أكد على أن الدولة تؤثث لمرحلة جديدة عنوانها المزيد من التحكم في المجال السياسي وإضعاف الأحزاب الديمقراطية وإعادة هيكلة الحقل الحزبي الإداري والتضييق على الحريات العامة. ويؤشر على ذلك -يضيف التقرير- تسارع الأحداث خلال هذا الصيف، سواء تلك المرتبطة بولادة الحزب الإداري الجديد (الأصالة والمعاصرة) أو بمعطيات الانتخابات الجزئية أو بالتحالفات التي يعرفها الحقل الحزبي الإداري المحافظ؛ أو بوضع الأحزاب الديمقراطية أو تلك المتعلقة بالحقل الاجتماعي والحقوقي. وعلى المستوى الاقتصادي، سجل التقرير تراجع نسبة النمو بالنسبة إلى القطاعات غير الفلاحية، خصوصا قطاعات السياحة والصناعة والنسيج والبناء، واستمرار وتيرة تفاقم العجز التجاري بالرغم من الارتفاع المهم لعائدات الفوسفاط، وأيضا بالتراجع الملحوظ للاستثمارات الخارجية المباشرة، كما أن المغرب تدحرج إلى الوراء في الترتيب العالمي، سواء في ما يخص المناخ الملائم للاستثمار أو في ما يخص الرشوة. وعلى مستوى الوضع الاجتماعي، توقف التقرير عند أهم ما ميز الفترة الأخيرة التي اتسمت بارتفاع نسب التضخم وبغلاء أسعار المواد الأساسية وبتنامي الفوارق الطبقية والمجالية وبالانفلاتات الأمنية المتزايدة التي تعرفها أغلب المدن المغربية. أما الحقل الاجتماعي النقابي -يضيف التقرير- فإنه بدوره يعرف توترات اجتماعية وإضرابات احتجاجية ناتجة عن غياب حوار جدي ومسؤول يستجيب للمطالب العادلة للطبقة العاملة ولعموم المأجورين. وعلى مستوى وضع الحريات العامة وحقوق الإنسان فإن السمة الغالبة -حسب التقرير- هي التراجع، تدل على ذلك المحاكمات التي طالت الصحافة المستقلة؛ والتضييق على الحريات العامة، وإقبار توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة؛ والقمع المتواصل الذي تواجه به الاحتجاجات الشعبية واحتجاجات المعطلين. وقد صادق المجلس على البرنامج السنوي للحزب الذي تضمن مواصلة النضال في قضايا الإصلاحات الدستورية والسياسية وعقد ندوة وطنية كبرى بمناسبة ذكرى 100 سنة على المطالبة بأول دستور لمحاربة الفساد وحماية المال العام، مع إعطاء أهمية خاصة للمسألة الاجتماعية من خلال مشاركة مناضلي الحزب بشكل فعال في تنسيقية مناهضة الغلاء، وكذلك بذل المجهودات لإعادة هيكلة الحقل النقابي والعمل على توحيد المعارك النضالية.