عادت أجواء «الأربعاء الأسود»، لتخيم من جديد على سماء مدينة تازة يوم أول أمس الأربعاء، لكن هذه المرة ب«تداعيات» أقوى, فقد أصيب خلال المواجهات التي نشبت بين المحتجين، الذين يتحدر عدد كبير منهم من حي «الكوشة» الشعبي القريب من مقر عمالة الإقليم، وبين القوات العمومية ما يقرب من 80 شخصا، عدد كبير منهم من عناصر الأمن العمومي، وقالت المصادر إن إصاباتهم متفاوتة الخطورة. وسجلت مصادر من السكان إصابة ما يقرب من 60 شخصا في صفوف المحتجين، وذكرت أن قوات الأمن اقتحمت منزلا مخصصا لإسعاف المصابين في حي «الكوشة»، واعتقلت شخصين اثنين. المصادر نفسها أوردت أنها تحتاج إلى الوقت قبل أن تقدم معطيات دقيقة حول عدد الاعتقالات والإصابات في صفوف المحتجين. كما أسفرت المواجهات عن اعتقال ما يقرب من 10 أشخاص. واستمرت حالة «الطوارئ» في عدد من الأحياء الشعبية بالمدينة إلى وقت متأخر من الليل، واضطرت القوات العمومية إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين الذي كانوا يعمدون إلى رشقها بالحجارة، كما قامت بتنفيذ بعض المداهمات لاعتقال المتهمين بالوقوف وراء هذه الأحداث التي خلفت أضرارا في ممتلكات عمومية، وعاد «الهدوء النسبي» ليخيم على سماء المدينة في صباح يوم أمس الخميس، وسط تعزيزات أمنية مكثفة. وقالت المصادر إن اعتقال السلطات لحوالي 5 أشخاص من شباب حي «الكوشة»، يوم الثلاثاء، على خلفية أحداث «الأربعاء الأسود» ل4 يناير الماضي، أجج غضب ساكنة هذا الحي، في وقت كانت فيه المدينة «تغلي»، طيلة أيام بداية الأسبوع، باحتجاجات أخرى لعدد من الأحياء، بعض سكانها يطالبون بربط دواويرها بالبنيات التحتية الملائمة، وبعضهم الآخر يحتج على غلاء فواتير الماء والكهرباء. ومنع المحتجون، خلال هذه المواجهات، عددا من الصحفيين المحليين وأصحاب المواقع الإلكترونية، من تصوير أجزاء من هذه الاحتجاجات، بعدما تناهى إلى علمهم أن السلطات استعانت بعدد من الأشرطة المنشورة على الأنترنت في تحديد هوية المتهمين بتأجيج الوضع في المظاهرات السابقة، وتنفيذ اعتقالات في حقهم. وكانت الاحتجاجات قد بدأت، مساء يوم الثلاثاء، مباشرة بعد الاعتقالات، أمام مقر الشرطة، وفي اليوم الموالي نفذت احتجاجات أمام كل من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، وقطع متظاهرون الطريق الوطنية الرابطة بين فاس ووجدة والحسيمة لمدة قاربت الساعتين، وتوجه بعضهم إلى مقر السجن المحلي لتازة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، قبل أن تتحول الاحتجاجات إلى مواجهات بالقرب من مقر عمالة الإقليم، على مقربة من حي «الكوشة». وتعيش المدينة حالة من «الاحتقان»، في الآونة الأخيرة. فقد عمد عدد من المعطلين، بداية الأسبوع، إلى محاولة اقتحام مقر العمالة، بالتزامن مع انعقاد دورة المجلس الإقليمي. وقال المحتجون إنهم كانوا يهدفون إلى إسماع صوتهم للمسؤولين والمتتخبين. ونظم سكان دوار يعرف بدوار «هرشيل» مسيرة في اتجاه مقر العمالة للمطالبة بربط الدوار بقنطرة على مستوى واد إيناون، وتوفير مركز صحي، وربط بعض المنازل بالماء والكهرباء. وخرج بعض سكان دوار الكعدة للاحتجاج قبالة المحكمة للمطالبة بإطلاق سراح معتقلين على خلفية مواجهة نشبت بين شباب غاضب من هزيمة المنتخب المغربي الأخيرة، وعناصر من القوات العمومية. وقررت المحكمة تأجيل الملف إلى جلسة يوم 8 فبراير الجاري. واحتج سكان حي القدس على غلاء فواتير الماء والكهرباء، وتوجه المحتجون يوم الثلاثاء إلى أمام مقر المكتب الوطني للكهرباء والماء.