تعيش مدينة تازة إلى حدود كتابة هذه السطور حالة احتقان حقيقية، تغذيها حرب الإشاعات التي سرت بقوة حول حملة اعتقالات في أوساط المتظاهرين، حيث يسود نوع من الترقب الحذر في انتظار اكتمال الصورة. الأحداث المؤلمة والتي أسفرت عن إصابات بين صفوف المتظاهرين ورجال الأمن تأتي كنتاج لحالة احتقان عاشته مدينة تازة لأشهر عديدة. فقد أسفرت الأحداث الأخيرة بحسب المعطيات الرسمية عن إصابة أزيد من عشرين شخصا من المحتجين، بينهم معطلون وطلبة وتلاميذ وهي حصيلة مؤقتة ولا يمكن حصرها، نظرا لأن أعدادا كبيرة من المصابين لم يقصدوا المستشفيات لتلقي العلاجات خوفا من المتابعة القضائية. الإصابات بين العناصر الأمنية كانت ثقيلة أيضا، حيث أصيب بجروح متفاوتة الخطورة، حسب مصادر أمنية 26 عنصرا، 17 منهم إصابتهم قيل بأنها بليغة، 14 ينتمون إلى صف القوات المساعدة و3 ينتمون إلى سلك الأمن الوطني، وقد تم نقل 5 حالات إلى المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس لتلقي العلاجات الضرورية، فيما تم الاحتفاظ بآخرين بمستشفى ابن باجةبتازة. الخسائر المادية للأحداث المؤلمة تمثلت في إحراق عربة كبيرة للقوات العمومية، كما تم تكسير زجاج خمس سيارات خصوصية كانت متوقفة في ركن بالشارع قرب مكان المواجهات في حين تم إلحاق خسائر جسيمة بما لا يقل عن 10 عربات أمنية، وتعطيل الإنارة العمومية بمجموعة من الشوارع بعدما تم إسقاط مجموعة من الأعمدة الكهربائية، فضلا عن إغراق الطرقات بالحجارة والمتاريس والإطارات المطاطية التي كان المحتجون قد أشعلوا فيها النيران. وقد تم تنظيف الشوارع والأزقة المتضررة، من طرف مصالح البلدية، التي أرجعت الأمور إلى طبيعتها، بعد عودة الهدوء واستتباب الوضع بالأحياء المضطربة، دائما بحسب المصادر الرسمية. مواجهات تازة اندلعت مع القوات العمومية بعد «التحام» وقفة احتجاجية لمعطلين أمام مقر عمالة تازة ومسيرة أخرى لطلبة من الكلية المتعددة الاختصاصات لتازة، كانت متوجهة نحو المحكمة لمؤازرة طالب يتابع في ملف سابق، قبل أن ينضم إليهم شبان وتلاميذ ينتمون لحي الكوشة الشعبي المجاور لمقر العمالة، وهو الحي الذي كان يعرف احتقانا بسبب سخط السكان من غلاء فواتير الماء والكهرباء للفترة الأخيرة. حي الكوشة هو حي شعبي بامتياز يتداخل في هيكلته العمرانية البناء غير المنظم، وهو النواة، والبناء المنظم في تداخل لا يفقد للحي جماليته وهو حي يشهد كثافة سكانية، هرمه السكاني من قاعدة الشباب المعطل من خريجي الجامعات، الشباب الذي وان كان يشتغل فانه في اطار بطالة مقنعة ليس إلا، لم تعكر صفو حياتهم إلا الزيادات الخيالية في تسعيرة الماء والكهرباء ومطالبتهم بأداء مبالغ مالية اعتبروها طائلة تحت طائلة قطع الكهرباء أو قطع الماء. احتجوا واحتجوا حتى ملوا من الاحتجاج، احتج ابناء الحي وبنات الحي من حملة الشهادات، مطالبين بحقهم في الشغل والعيش الكريم أسوة بباقي الناس وتلك هي الخلفية الاجتماعية لما وقع يوم الاربعاء الماضي. سكان حي الكوشة وبحسب ما أفادنا به مصدرنا كانوا يطالبون ولا يزالون منذ صبيحة أول أمس بمراجعة شاملة لفواتير الماء والكهرباء التي أثقلت كاهلهم، في حين أن العديد من المتتبعين للشأن السياسي والاجتماعي للمدينة يجمعون على أن المقاربة الأمنية الفاشلة التي يحملها عدد كبير من المواطنين لعامل الإقليم، بسبب الدور الذي أراد أن يلعبه والمتمثل أساسا في دور الإطفائي لعدد كبير من الملفات الاجتماعية التي أوصلت المدينة إلى حالة الاحتقان الاجتماعي في تحليلهم لما وقع. يذكر بأن عمالة تازة تحولت إلى ثكنة عسكرية بسبب معركة التوظيف ، حيث شهدت حالة استنفار قصوى بعدما صعدت مجموعة المجازين المعطلين بإقليم تازة احتجاجاتها من أجل الإدماج في سلك الوظيفة العمومية، حيث حاولت اقتحام، غير ما مرة، العمالة واعتصمت بباب مكتب العامل وفوق سطح البناية القديمة.