عاشت مدينة تازة، في أول أيام عمل حكومة عبد الإله بنكيران، أول أمس الأربعاء، يوما مشهودا من الحرائق والمواجهات بين ساكنة دوار الكوشة وعناصر من الطلبة القاعديين وأفراد جمعية المجازين المعطلين، من جهة، ووحدات القوات العمومية وقوات «البلير» التي تم استقدامها من فاس، من جهة أخرى. وأسفرت المواجهات عن إصابة 35 عنصرا أمنيا من القوات المساعدة وقوات التدخل السريع «السيمي» وعناصر «البلير»، و17 شخصا من أعضاء «مجموعة المجازين المعطلين»، فيما أصيب أزيد من 100 شخص من «المنتفضين» من ساكنة دوار الكوشة، اثنان منهم إصابتهما بليغة. ولم يتم نقل أغلب المصابين من سكان دوار الكوشة إلى المستشفى خشية اعتقالهم. وانطلقت المواجهات عندما حاول أعضاء من «مجموعة المجازين المعطلين بإقليم تازة» دخول الحي الإداري للعمالة من أجل تنفيذ اعتصام للمطالبة بالشغل، بعدما كان عدد منهم قد تسلقوا سطح العمالة ومعهم كميات من البنزين، مهددين بإضرام النار في أنفسهم وفي كل من يقترب منهم، فتدخل رجال القوات المساعدة لإبعادهم عن مقر العمالة، لكن التدخل أسفر عن إصابة 17 مجازا معطلا. ودخل على خط المواجهات طلبة من فصيل «النهج الديمقراطي» كانوا يحضرون جلسة محاكمة أحد أعضائهم، يدعى عز الدين الروسي، بمحكمة الاستئناف، فبدؤوا يرمون بالحجارة، الشيء الذي رد عليه رجال القوات المساعدة باللجوء إلى استعمال المقالع. ومافتئ أن التحق بساحة المواجهة سكان دوار الكوشة القريب من العمالة، الذين كانوا يعتزمون تنظيم وقفة احتجاجية على غلاء فواتير الكهرباء، فبدؤوا هم الآخرين في رشق رجال الأمن بالحجارة، ثم أشعلوا النار في العجلات المطاطية، قبل أن يقدموا على إحراق سيارة شرطة. وسلب المحتجون من قوات الأمن عددا من الأذرع الواقية، بالإضافة جهاز إرسال «راديو». وقد بقي العنف محصورا في الشارع الرئيسي، المتاخم للعمالة، والرابط بين تازة السفلى وتازة العليا، ولم يتم تسجيل أي خسائر في الأرواح أو في المحلات العمومية بالمدينة. وأصدرت «مجموعة المجازين المعطلين بإقليم تازة» أمس الخميس بيانا برأت فيه عناصرها من التسبب في الأحداث العنيفة. ويقول البيان: «ها نحن اليوم وقفنا جميعا من خلال ما حدث يومه الأربعاء 4 يناير 2012 من تدخل خطير في حق المجازين المعطلين بإقليم تازة في شكلها النضالي السلمي أمام عمالة الإقليم لتعطى الأوامر بضرب المعطلات والمعطلين الذين سلموا جماجمهم لقوى المخزن من أجل الإجهاز عليهم تنفيذا لمطلب الشهادة، وبعد تنفيذ المجزرة التي أصيب خلالها أكثر من 17 مجازا ومجازة إصابتهم متفاوتة الخطورة ونقلهم للمستشفى الإقليمي ابن باجة لتلقي العلاجات حدثت انتفاضة شعبية عارمة نتيجة ذلك». وأضاف البيان بأن المعطلين مستعدون للموت من أجل الحصول على عمل، مؤكدين «لكل المسؤولين بأننا هيأنا أنفسنا جيدا لننال الشهادة في سبيل تحقيق حقنا في العيش الكريم، و بأي الطرق التي تريحهم، ولكننا نهمس في أذنهم كذلك أن أرواح المجازين لن تذهب هباء و أن للكرامة ثمن وأننا وهبنا أرواحنا فداءا لكرامتنا». واستأنف المعطلون المجازون احتجاجهم، صباح أمس الخميس، حيث طوقتهم عناصر من «السيمي» قبل الوصول إلى مقر العمالة، كما خرج حوالي 100 من ساكنة دوار الكوشة في أعقابهم.