ليس المغرب أجمل بلد في العالم فقط، بل هو أيضا أغرب مكان فيه، لأن هناك أشياء كثيرة تثير الضحك، وأحيانا تجد أشياء تثير القهقهة، أما أن ترى أمورا تدفعك إلى البكاء فهذا يحدث كل يوم، مثل ذلك المدرب الذي جر فريقا بكامله إلى الهزيمة في إفريقيا مقابل 250 مليون سنتيم شهريا هي ما يظهر على رأس الجبل، بينما ما خفي كان أعظم، في بلد يوجد به آلاف المعطلين الذين أفنوا أعمارهم في الدراسة لكي يجدوا أمامهم الشارع، والملايين من الفقراء الذين لا يجدون قوت يوم واحد. لكن هناك بعض الأشياء الأخرى التي تحير ذوي الألباب، مثل هذه الأحزاب السياسية التي لم يعد لها من شغل سوى أن تبحث كل يوم عن وسيلة جديدة لجعل الناس يهتمون بها، مثلما يفعل الحكواتي الذي يجمع بين حقيقة صغيرة وأكاذيب كبيرة لكي يثير فضول الآخرين. وفي الحقيقة، يظهر أن هذه الأحزاب السياسية التي ورثناها من العهود الغابرة لم يعد لها ما تعطيه، حتى لأصحابها الذين أصبحوا اليوم يتزاحمون أمام باب الخروج للمغادرة، بعد الفشل الانتخابي المدوي الذي منوا به في الانتخابات الأخيرة، وهم حتى لا يكتفون بالرحيل بهدوء بل ما إن يبتعدوا عن الباب حتى يلتفتوا ويبصقوا وراءهم. اليوم نحن أمام ظاهرة غريبة في الحياة السياسية، هناك أحزاب غير راضية بأعضائها، ومتحزبون غير راضين بأحزابهم. المشكلة أكبر من هذا.. المشكلة أن بعض الأحزاب السياسية جاء ببدعة ما أنزل الله بها من سلطان، فالسيد فتح الله ولعلو، وزير المالية في حكومة عبد الرحمان اليوسفي وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، أخرج فتوى عجيبة، إذ قال إن المواطنين المغاربة اختاروا أن يكون موقع الاتحاد في المعارضة، وغير صلاح الدين مزوار، أمين عام التجمع الوطني للأحرار، في هذا الكلام قليلا وقال إن صناديق الاقتراع هي التي اختارت موقع حزبه في المعارضة. هذه أول مرة أسمع فيها أن الناخبين يصوتون على أحزاب الحكومة وأحزاب المعارضة في وقت واحد، وفي المرة القادمة سأرمي ورقتين في الصندوق، واحدة للحزب الذي أريد أن يحكم وواحدة للحزب الذي أريد أن يبقى في المعارضة، مع أنه يؤسفني أن وزارة الداخلية لا تضع أوراقا خاصة للأحزاب التي يريد الناخبون أن تذهب نهائيا وتريح المواطنين. بعض الأحزاب السياسية في بلادنا شغلها الأساسي هو الكلام.. تتوفر على طاحونة لإخراج كلمات مختلفة لدى كل مناسبة لكي تبقى على قيد الحياة، مع أنها لم تعد صالحة للاستعمال، والمشكلة الأكبر من هذا كله هي أنها أثبتت فشلها في الحكومة وفي المعارضة معا. ماذا تفعل الآن؟