منصة أخبار دول الساحل INFO AES: الجزائر تهاجم واشنطن بسبب دعمها لمغربية الصحراء.. تصعيد دبلوماسي يعكس عزلة النظام الجزائري    مُبادرةُ المعارضة ….. ومَكْرُ الحكومة    وسيط المملكة يعقد لقاء تواصليا مع المندوبين الجهويين وممثلي المؤسسة بجهات المملكة    توقيف المشتبه فيه الرئيسي في جريمة الضرب والجرح البليغين باستعمال السلاح الأبيض بالقنيطرة    لقاءات مغربية-ألمانية في برلين حول فرص الاستثمار في المغرب    ترامب يعلن تعليق الرسوم الجمركية الجديدة لمدة 90 يوما    المغرب والفليبين يحتفلان بنصف قرن من العلاقات الدبلوماسية    لإطلاق تراخيص البناء.. الموافقة على تحديد مدارات 56 دوارًا بإقليم الفحص-أنجرة    "هاكرز" مغاربة يردون باختراق مؤسسات جزائرية وسرقة بيانات حساسة    ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو    نهضة بركان يتأهل إلى نصف نهائي كأس الكنفدرالية الإفريقية    فليك سعيد برباعية دورتموند ويحذر لاعبيه من التخاذل إيابا    "أسود الفوتسال" يتغلبون على الصين وديا (8-1)    مباحثات ثنائية بين بنسعيد وداتي وحفل استقبال على شرف الوفد المغربي المشارك في معرض الكتاب بباريس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    غمام وأمطار متفرقة بجل مناطق المملكة    حزب "فوكس" يدعو لإلغاء تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية بمدارس مدريد    مظاهرة حاشدة أمام السفارة الجزائرية في باماكو        أشبال الأطلس يواجهون جنوب إفريقيا وعينهم على المربع الذهبي..    مرشح ترامب لرئاسة وكالة "ناسا" يعطي الأولوية للمريخ    الصين تشعلها.. فرض رسوم جمركية انتقامية ب84% على المنتجات الأمريكية    روبيو يجدد تأكيد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه ويؤكد "قوة" الشراكة بين الرباط وواشنطن    الأمير مولاي رشيد يزور ضريح المولى 'إدريس الأزهر' بمناسبة حفل ختان الأميرين مولاي أحمد ومولاي عبد السلام    "الهاكا" تلزم "دوزيم" ببث الأذان صوتيًا    "العدل الدولية" تنظر اليوم في شكوى السودان ضد الإمارات بتهمة "التواطؤ في إبادة جماعية"    توقيع اتفاقية شراكة بين الجامعة الملكية المغربية للشطرنج والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدرالبيضاء سطات    ليفربول يتقدم في التفاوض مع صلاح    شباب قسنطينة: مواجهة بركان صعبة    ترامب يٌعلق رسومه الجمركية 90 يوما.. وأسواق البورصات تنتعش        بمشاركة 70 بلدا و1500 عارض.. المعرض الدولي للفلاحة بمكناس ما بين 21 و27 أبريل يتوقع أكثر من مليون زائر    المغرب في قائمة أكبر مستوردي زيت الزيتون من إسانيا    تراجع أسعار النفط مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين    كيوسك الخميس | نهاية عهد المديريات والمندوبيات الصحية بالمغرب    تأجيل محاكمة النقيب محمد زيان إلى 23 أبريل الجاري    بلدية باريس تقاضي مجلس مدينة طنجة بسبب "منازعة على مقبرة"    النفط يواصل التراجع مع تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا    مصطفى لغتيري يثري أدب الصحراء    المغرب يحفز نقاشات أكاديميين أفارقة وأمريكيين حول "آداب الاغتراب"    1000 جندي احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي يطالبون بوقف الحرب على غزة    الفاطمي يسأل وزير الفلاحة حول تضارب الأرقام وصمت الوزارة حول لائحة مستوردي الأغنام المستفيدين من الدعم الحكومي    جوني تو: تأثير السينما يلامس المجتمع.. والجنوب يحتاج "توافقا ثقافيا"    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    النظام الجزائري وفرنسا.. وعقدة المغرب    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشعل اليأس
نشر في المساء يوم 29 - 01 - 2012

كثيرا ما يوظف المشعل، باعتباره رمزا للحماس وقوة الإرادة، للتعبير عن الأشياء الأكثر حركية ودينامية، لدى الإنسان خاصة والشعوب بشكل عام، إلى درجة أن الأمثال المتواترة
تجعل من المشعل حياة ثانية للأسلاف. أما في المغرب، فقد أصبح المشعل، اليوم، رمزا لليأس، وهو الآن يأتي على شبابنا، أغلى وأنفس ثروة نملكها. وما آل إليه الشاب المعطل عبد الوهاب زيدون والجندي المتقاعد عبد الرحيم بوكرين يعتبر جانبا من الأعراض الجانبية لمأساة تعيشها طبقة من المجتمع اعتقدت، خطأ، أن النظام التربوي لهذه البلاد يمكنه أن يقودها إلى حياة لائقة ويجعلها أكثر اندماجا في المجتمع.
لقد أصبح هؤلاء الشباب، ضحايا سياسيين غير أكفاء، موضوع إذلال ورفض من قبل نسق أصدر في حقهم حكما بالإقصاء وتركهم يرتعون في الفوضى. وقد اعترف المجلس الاقتصادي والاجتماعي بهذا الأمر في تقريره الخاص بالشغل، وجاء في هذا التقرير: «الشباب هم الأكثر تضررا من البطالة على الرغم من انخفاض معدل النشاط. الوظائف التي يشغلها الشباب غالبا ما تكون هشة مقابل أجور متدنية، نادرا ما تكون تعاقدية وقلما تتمتع بنظام حماية اجتماعية. معدل بطالة الشباب يرتفع في الوسط الحضري ويرتفع أكثر كلما ارتفع المستوى الدراسي، ويتميز بطول مدة البطالة، الشيء الذي يؤكد عدم ملاءمة التكوين لحاجيات سوق الشغل، ونظرة الشباب إلى وضعيتهم هي أكثر تشاؤما مما تنبئ به الإحصائيات المتوفرة، إذ يبدون تبرما ونفاد صبر حُيالها». هذا اعتراف صريح بالواقع المعيش لشباب اليوم وإن لم يتضمن التقرير كلمة «اليأس»، ولا مجال للتقدم خطوات إلى الأمام في هذا المجال في ظل هذه الظروف.
وتكشف المعطيات الإحصائية المتوفرة في الوقت الراهن مدى خطورة وضعية سوق الشغل حاليا. قرابة مليون شخص ذاقوا مرارة البطالة في سنة 2010، 80 في المائة منهم تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة، علما بأن الفئة العمرية من 15 إلى 34 سنة تمثل 37 في المائة من إجمالي سكان المغرب، حيث يقدر تعدادها بنحو 11.7 مليون نسمة. ويقدر عدد السكان النشيطين من هذه الفئة العمرية بحوالي 5.6 ملايين نسمة، وهو ما يناهز معدل نشاط في حدود 48 في المائة، وهو معدل أقل نسبيا من المعدل الوطني.
وفي المقابل، لا يتجاوز معدل النشاط لدى الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة على الصعيد الوطني 36.2 في المائة، وهي نسبة تنخفض في الوسط الحضري إلى 27.1 في المائة فقط، وكان هذا المعدل لا يقل عن 48 في المائة سنة 1999.
ولا يزال معدل البطالة مرتفعا في الوسط الحضري استنادا إلى إحصائيات سنة 2010، كما أن معدل بطالة الشباب فيه يفوق المعدل الوطني بنحو 3 أضعاف، مع ضرورة الإشارة إلى أن ثلاثة أرباع العاطلين، وتحديدا نسبة 77.2 في المائة منهم، يتمركزون في الوسط الحضري. وحتى عندما تتاح لهم فرص عمل، فإنهم يتعرضون لمخاطر قوية ويعانون من هشاشة كبرى، إذ غالبا ما تكون الأشغال التي يقومون بها ذات أجور متدنية، ونادرا ما تكون تعاقدية وقلما تتيح لهم إمكانية التمتع بنظام حماية اجتماعية.
وثمة ثلاثة مؤشرات تبين الوضعية غير المستقرة لسوق تشغيل الشباب في المغرب:
- أزيد من 40 في المائة من الشباب يشتغلون بدون مقابل، وتتخذ أنشطتهم شكل مساعدات أسرية؛
- أقل من 10 في المائة من الشباب المشغلين يستفيدون من التغطية الصحية؛
- أزيد من 8 أجراء شباب من أصل 10، وتقريبا واحد من اثنين من الشباب حاملي الشهادات العليا، يشتغلون بدون عقد عمل. كما أن الشباب يعانون من بطالة مقنعة بنسبة 17.3 في المائة مقابل 11.6 في المائة فقط بالنسبة إلى مجموع السكان الناشطين الذين تفوق أعمارهم 15 سنة. ولا تزال بطالة الشباب حملة الشهادات مرتفعة حتى إذا ما قورنت بوضعية سنة 1999، وإن تم تسجيل توجهها نحو الانخفاض؛ فقد تراجعت إلى حدود 18.1 في المائة في 2010 بعد أن كانت تصل إلى 27.6 في المائة سنة 1999. ويمكن تفسير بطالة الشباب حاملي الشهادات العليا بأسباب عديدة، من بينها العجز العام الحاصل في مناصب الشغل، وكذلك -وهذا هو الأهم- عدم ملاءة شعب التكوين للحاجيات الحقيقية للاقتصاد من اليد العاملة.
وعلى هذا الأساس، يجد الشباب، الذين تُركوا لمصيرهم، أنفسهم مجبرين على خوض نضال مستميت وغير ذي آفاق واضحة من أجل الحصول على منصب شغل، ولذلك تجدهم يؤثرون أن تلتهمهم النيران بسرعة على الموت حرقا على نار هادئة. وإلى حدود الساعة، يتبدى الشباب وكأنهم عاصفة كئيبة، وهذا أمر مؤسف بعد مرور أزيد من نصف قرن على حصول المغرب على الاستقلال، يكاد الذين بذلوا أرواحهم من أجل استقلال البلاد يتلوون بسببه داخل قبورهم من شدة الألم.
إن هذا الحادث يسائل جميع المغاربة الذين يؤمنون بمستقبل هذه البلاد ويرفضون أن يستشري اليأس في المجتمع. وقد أعطانا الشعب التونسي درسا رائعا في هذا الشأن، عندما أبان أنه لا يمكن لأي شعب أن يقبل وأْد الأمل لدى شبابه حد دفعهم إلى الانتحار. ولا شيء أخطر على المجتمع من انسداد الآفاق أمام شبابه، لأن انطفاء شعلة الأمل وفقدان الثقة في المستقبل يعتبر بداية النهاية بالنسبة إلى المجتمع.

إدريس بنعلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.