قررت الإدارة العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) حظر التجول ومنع جميع الأنشطة التي كان يزاولها المدنيون بمحاذاة الجدار الأمني في الجهة الواقعة بجنوب المملكة قرب الحدود المغربية الموريتانية، بعدما أصبح ياسين المنصوري، المدير العام للادجيد، هو المسؤول المباشر عن ملف مراقبة الحدود مع جارتنا الجنوبية، بسبب تنامي التهديدات الأمنية التي تقف وراءها المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، والتي تسيطر على مساحات شاسعة بشمال موريتانيا. وتفيد آخر التقارير التي أنجزها ضباط «لادجيد» بالمنطقة بأن أتباع القاعدة تمكنوا في الفترة الأخيرة من استقطاب عدد كبير من المهاجرين الأفارقة الذين تم ترحيلهم من المغرب، بعد دخولهم إلى المملكة بشكل غير قانوني. «لقد شرعوا في تدريبهم على استخدام الأسلحة الخفيفة وتقنيات حرب شوارع المدن وفق خطة كانت القاعدة قد اعتمدتها في أفغانستان، ويطبقها أتباعها الآن بالعراق والصومال» يصرح مقرب من الملف. وحسب نفس المصدر فإن هؤلاء القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء لا يتحدثون اللغة العربية ولا ينطقون بها سوى أثناء تأديتهم لشعائرهم الدينية. وتخشى المخابرات العسكرية المغربية أن يتم تسريب هذه العناصر بعد تدريبها إلى داخل المغرب، من أجل استغلالها في أعمال إرهابية، خاصة وأن تجربة المخابرات المدنية مع شبكة تهريب السلاح بالمنطقة أثبتت خطورة عناصر هذه الأخيرة. «لقد سبق للأجهزة الأمنية أن اخترقت خلية لنشطاء سلفيين جهاديين، ومدتهم بالأموال الكافية من أجل اقتناء أسلحة من شبكات التهريب بشمال موريتانيا، بهدف تتبع مسالك السلاح بالمنطقة، لكن السلفيين الذين تمكنوا من جلب كمية منها اختفوا عن الأنظار بمجرد عبورهم للحدود المغربية الموريتانية، دون أن تجد لهم الجهات التي حاولت استخدامهم كطعم أي أثر» يضيف المصدر نفسه. ولتفادي أي مفاجآت غير سارة شرع رجال ياسين المنصوري، رجل ثقة الملك محمد السادس، منذ مدة في إعادة ترتيب البيت الداخلي للسهر على أمن حدود المملكة الجنوبية، الأمر الذي استدعى توقيف وتنقيل عدد من المسؤولين العسكريين، كان آخرهم الكولونيل ماجورالقادري، قائد الفيلق الثاني للمشاة بمنطقة أوسرد جنوب مدينة الداخلة، الذي تم إعفاؤه من منصبه الأسبوع الماضي في انتظار استكمال التحقيق معه، بعد أن حصلت «لادجيد» على شريط مصور يكشف تورطه في عمليات التهريب التي كانت تقع في منطقة نفوذه، وفق ما أكده مصدر مقرب من المشرفين على عملية التوقيف. وتم تعويض القادري بالكولونيل ماجور العلاوي الذي كان يشغل منصبا في المكتب الخامس بقاعدة أكادير. وكانت المنطقة الحدودية القريبة من أوسرد والمحاذية للقطعة السادسة من الجدار الأمني، الذي بناه الجيش المغربي ما بين 1980 و1987، قد عرفت عدة عمليات تهريب للكوكايين، كانت من أشهرها العملية التي تورط فيها نجل الرئيس الموريتاني السابق ولد هيدالة. ويعتبر الكولونيل القادري آخر الحلقات القوية التي تم الحسم في ملفها من طرف «لادجيد»، بعد إبعاد عدد من العسكريين العاملين في الفيلق المكلف بحراسة النقط القريبة من أوسرد.