تعتبر الحياة الخاصة للسفراء والدبلوماسيين، شأنها في ذلك شأن الحياة الخاصة لأغلب المسؤولين والسياسيين على اختلاف انتماءاتهم ورتبهم، من «الطابوهات». بل إن ما يخرج منها إلى العلن لا يعدو أن يكون نزرا قليلا من الأحداث والوقائع التي يحاول العاملون في السلك الدبلوماسي إحاطتها بجدار سميك من السرية، فيصبح «كتاب حياة» بعضهم مفتوحا على دفتيه أمام المراقبين، لتبرز من بين صفحاته طرائف وأسرار، بل وفضائح يختلط فيها استعمال النفوذ بالشذوذ الجنسي و«العمالة» والشطط في استعمال السلطة والخيانة الزوجية، وغيرها من المظاهر. «المساء» تغوص في الحياة الشخصية لسفراء ودبلوماسيين وتلتقي آخرين، يدخلون في «بوح» ليسردوا بتلقائية وقائع عاشوها أثناء تأديتهم عملهم، كما يبثون أحاسيسهم ويحاولون رسم صورة «السفير- الدبلوماسي» كما يرونها هم، وليس كما تلوكها الألسن. إذا كان بعض رجال الدبلوماسية يفتخرون ويعترفون بأن «المرأة تساهم بنسبة 50 في المائة في نجاح الدبلوماسي المغربي في مساره»، فإن البعض الآخر كانت النساء وراء إعفائهم من مهامهم. وأكد أحد الدبلوماسيين المغاربة، في لقاء خاص مع «المساء»، أن المرأة تلعب دورا كبيرا في نجاح السفير في حياته المهنية، وعزا ذلك إلى كون السفير يتنقل بين دولة وأخرى ويقضي حياته في المهام الخاصة خارج البيت، وبالتالي فهو في حاجة إلى زوجة تقتسم معه المعاناة، خاصة أنه يعيش حياة غير مستقرة. واعتبر الدبلوماسي أن الضحية الأولى في هذا الأمر هم الأبناء، حيث يعانون صعوبات كبيرة جراء تنقيلهم، ب استمرار، من بلد إلى آخر، وهو ما يؤثر في غالب الأحيان على مسارهم الدراسي، حيث إنهم ما إن يستأنفوا دراستهم في بلد حتى يضطروا إلى مغادرته نحو بلد آخر، حسب البلد الذي يشتغل فيه الأب. وصرح الدبلوماسي، الذي التمس عدم ذكر اسمه في هذا الباب، أن بعض الدبلوماسيين والمكلفين بمهام خاصة يسيئون إلى صورة المغرب في الخارج من خلال إقدامهم على مجموعة من السلوكات، حتى أضحت بعض الصفات السلبية لصيقة بكل ممثلي المغرب في الدول الأجنبية. ورغم الانتقادات اللاذعة التي تُوجَّه لرجال السلك الدبلوماسي داخل وخارج أرض الوطن، فإن بعض الباحثين والمتخصصين في مجال الشؤون الدبلوماسية أكدوا أن سفراء المغرب لم يلعبوا عبر التاريخ دور المعادين للدولة أو دور مخبرين لدى الدول الأخرى، رغم محاولات بعض رجالات الدبلوماسية الأجانب اللعب على هذا الوتر الحساس، إذ يتم أحيانا اعتماد سياسة واستقبال خاصين لشخصيات وازنة بحضور أجانب متخصصين وذوي خبرة في الشؤون الدبلوماسية، حتى يتسنى لهم الوصول إلى معطيات دقيقة. بالغوص في حياة رجال الدبلوماسية، وبناء على تجربتهم العملية في البلدان التي يمثلون فيها أوطانهم، فإن مسارهم لم يخْلُ من وقائع تارة سيئة وأخرى طريفة في حياة هؤلاء، الذين عادة ما يتكتمون على عدد من الأمور، نظرا إلى حساسية منصبهم. ورغم تكتم هؤلاء على الكثير من الجوانب، فإن العديد من الأحداث والوقائع تتسلل، بطرق أو بأخرى، إلى وسائل الإعلام، وأحيانا أخرى، يتم تداولها بين المقربين من دواليب السفارات وإقامات السفراء، الذين ينتمون، في غالبيتهم، إلى الفئات البسيطة في المجتمع، والعالمين بخبايا وأسرار هؤلاء عن كثب. وفي سياق متصل، فإن رجل السلك الدبلوماسي الناجح، كما قال رشيد لحلو، السفير المغربي السابق في عدد من الدول ورئيس النادي الدبلوماسي، هو الرجل الذي يملك القدرة على التقصي ويقوم بالدور الذي يقوم به الصحفي، وإن اقتضى الحال أضعاف ذلك من جهد. واعتبر لحلو أنه لا يُقبل من رجل السلك الدبلوماسي، الممثل عموما في شخص السفير، أي تبرير لجهله بما يجري حوله، أو عدم تمكنه من الاطّلاع على المستجدات التي تعرفها الدولة التي نُصِّب فيها سفيرا في جميع المجالات، بمعنى آخر، أن السفير لا يجب أن تُدرج كلمة «لا أعرف» أو «لم أكن أعلم» في قاموسه المعرفي واللغوي، فالسفير أشبه، إلى حد ما، بالصحافي المحقق. كما أن السفير يجب أن يكون شخصا يتمتع بدقة الملاحظة والذكاء في احتواء الوضع، مهما كانت الظروف، وألا يكون سريع الانفعال، خاصة إذا كان في مقابلة خاصة مع أحد رجال السلك الدبلوماسي أو مع ممثلي بعض الجهات العليا في البلاد، الذين يستغلون أحيانا هذه النقطة أو يلجؤون في بعض الأحيان، وعن قصد، إلى استفزاز الطرف الآخر، لذلك فعليه أن يتعلم كيفية إخفاء الغضب، دون إشعار الطرف الآخر بوقع الكلام على نفسيته، بل الأكثر من هذا أن يتمتع السفير بقوة الحس التحليلي للخطابات المرتبطة بالشؤون الدبلوماسية.