قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بإلغاء أهلية المحكمة الإسبانية، التي حاكمت مراسل «الجزيرة» تيسير علوني وقضت بسجنه سبع سنوات بتهمة دعم منظمة إرهابية، حيث ألزم الحكم القضائي إسبانيا بدفع تعويض مالي للزميل علوني قدره 10 آلاف أورو. وكان دفاع تيسير علوني، الذي يتكون من عدة محامين إسبان، قد تقدم بشكاية إلى المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بستراسبورغ، تحدد تسعة انتهاكات لحقوقه الأساسية من طرف المحاكم الإسبانية، فيما لم تنظر المحكمة الأوروبية سوى في انتهاك واحد أسست عليه قرارها واعتبرته كافيا لإلغاء أهلية المحكمة الإسبانية. وجاء حكم المحكمة الأوربية تزامنا مع محاكمة إسبانيا للقاضي الذي كان قد تابع علوني في الملف، وهو قاضي التحقيق بالتثار غارثون، الذي مثل أول أمس أمام قضاة إسبان من المحكمة العليا بعدة تهم، من بينها استغلال منصبه . وكان قاضي التحقيق غارثون قد اعتمد قبل ثمان سنوات، في صك اتهامه لعلوني، على تسجيلات سرية أمنية لمكالمات تيسير علوني، إذ ثبت فيما بعد أن تلك التسجيلات ترجمت خطأ من الناحية اللغوية، وكذلك فسرت بعض سلوكيات علوني، المتزوج من سيدة تطوانية، تفسيرا مخالفا لما هو مقصود به في الأخلاق والعادات العربية. ولم يستبعد مراقبون إسبان أن تحاول الحكومة الإسبانية الطعن في قرار القضاء الأعلى الأوروبي، على اعتبار أن الحكومات الأوروبية عادة لا تخل بقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية. وكانت السلطات الإسبانية قد اعتقلت مراسل قناة «الجزيرة» تيسير علوني، منتصف نونبر 2004 من منزله بغرناطة، بأمر من قاضي الإرهاب الإسباني بالتثار غارثون، في ملف يرتبط بالمتابعين في أحداث 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدةالأمريكية. الاعتقال جاء مفاجئا بإجماع المراقبين حينها، ومتناقضا مع ما تقدمه معطيات التحقيق، استنادا من هذا الأخير إلى «احتمال» هرب تيسير علوني مع اقتراب موعد محاكمته، وبالنظر إلى خطورة التهم الموجهة إليه. وكان علوني قد اعتقل رفقة تسعة آخرين من المتابعين في أحداث عملية «التمر» خلال سنة 2003، التي ألقي فيها القبض على مغاربة. وكان الاعتقال الأول لتيسير علوني نفذ يوم 05 شتنبر 2003 بتهمة صلته بتنظيم القاعدة، وبقي رهن الاعتقال مدة شهر ونصف إلى أن صدر قرار بإطلاق سراحه يوم 23 أكتوبر 2003 بسبب وضعه الصحي. وأطلق سراحه حينها بكفالة قدرها 6000 أورو، وهي الكفالة التي أثارت بدورها الاستغراب، قياسا إلى حجم التهمة المتمثلة بصلة علوني بتنظيم القاعدة. وقد انضافت إليها في محضر الاعتقال الأخير تهمة الانتماء إلى «جماعة الإخوان المسلمين المتطرفة». هذه الأخيرة تعتبر في نظر المحكمة العليا بمدريد لها صلة بتنظيم القاعدة. وتابعت علوني بتهم الدعم والتنسيق. وتكوّن صك اتهام علوني من 692 صفحة، وضم تقرير قاضي الإرهاب الإسباني بالتثار غارثون كل المعطيات المستقاة من أجهزة المخابرات والسلطات، بما فيها المراقبة والتصنت على المكالمات الهاتفية. وهو التقرير الذي توبع فيها 41 معتقلا، بعضهم في حالة فرار، إذ كان ضمنهم أسامة بن لادن. ووجد من ضمن معتقلي لائحة 41 المغربي صلاح الدين بنيعيش، وسعيد الشدادي، بالإضافة إلى السوري عماد الدين بركات جركس الملقب ب«أبي الدحداح». كما اعتقل إلى جانب تيسير علوني كل من غسوب الأبرش ومحمد السقا وعبد الرحمان أرناؤوط وكمال حديد وجمال حسين حسين ووحيد كوشاجي كيلاني وأبو عبد الله وبسام الصلوتي...بعد ذلك أصدر القضاء الإسباني في شتنبر من سنة 2005 حكما يقضي بسجن علوني سبع سنوات.