لم يتمالك زوج في الثلاثينات من عمره نفسه في لحظة شجار معتاد مع زوجته، التي دخلت في عقدها الثاني، حين تبع شقيقته إلى خارج المنزل وهو في حالة هيستريا، ليعمد إلى نزع ابنته الرضيعة، التي كانت قد أكملت سنتها الأولى، بقوة من بين يدي شقيقته التي كانت قد التحقت بغرفة الزوجين في محاولة منها لفض النزاع وتهدئة الأوضاع بين الطرفين، قبل أن يعمد إلى رميها أرضا، لتلفظ بذلك الصغيرة أنفاسها الأخيرة بعد أن أصيبت بجرح غائر في جبينها، حينها غادر الزوج المنزل في اتجاه دوار مجاور واختفى عن الأنظار دون أن يدري أن طفلته الوحيدة قد فارقت الحياة جراء رميها بقوة على الأرض، فيما أصيبت كل من الشقيقة والزوجة بالذهول والصدمة بعد أن تحول جسد الصغيرة إلى جثة هامدة، لتقرر بعدها الزوجة مغادرة منزل الزوجية في اتجاه بيت والديها بالدوار المجاور مستنجدة بأسرتها. توصل قائد مركز الدرك الترابي بإشعار من طرف السلطة المحلية بقيادة تفنكولت، يفيد بوفاة رضيعة في سنتها الأولى، بعد شجار بين والديها، وبعد إشعار ممثل النيابة العامة بتارودانت من طرف مركز الدرك، انتقلت دورية من عناصر الدرك لمباشرة البحث الأولي مع أطراف القضية وإعداد محضر معاينة مسرح الجريمة، كانت الساعة تشير إلى التاسعة ليلا حين وصلت عناصر الدرك، بعد عناء كبير ناجم عن صعوبة تضاريس المنطقة الجبلية المؤدية إلى الدوار بجماعة تيكوكا بالأطلس الكبير، باشر المحققون تحرياتهم في القضية، وأخذت صور من كافة الجوانب للرضيعة الضحية تبرز الجرح الغائر على مستوى الجبين، قبل أن يتم اقتياد الزوجين معا إلى مقر الدرك الترابي بأولاد برحيل ووضعهما رهن الحراسة النظرية إلى حين انتهاء البحث التمهيدي في القضية، في وقت نقلت فيه سيارة لنقل الأموات جثة الضحية إلى مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي المختار السوسي لمعرفة أسباب الوفاة. أثناء الاستماع إلى الزوج في محضر قانوني حاول الأخير إقناع عناصر الدرك بأن الرضيعة توفيت جراء سقوط لا إرادي من بين يدي زوجته بعد نشوب نزاع معتاد بينهما، مؤكدا أنه لم يعمل على رمي الرضيعة أرضا، هذا فيما أكدت مصادر مطلعة أن ضغوطا كبيرة مورست على الزوجة من أجل التصريح بنفس أقوال زوجها والإقرار بأن الطفلة ماتت جراء سقوط مفاجئ من بين يدييها .
أقوال متناقضة خلال جلسة الاستماع التفصيلي لدى قاضي التحقيق بابتدائية تارودانت، تمسك الزوج بأقواله الأولى المدونة في محاضر الدرك، مؤكدا أن وفاة الرضيعة جاءت بشكل مفاجئ، غير أنه وأثناء الاستماع إلى إفادة الزوجة، أفادت الأخيرة بتصريحات تناقض تصريحاتها السابقة لدى الدرك، إذ أكدت أن ابنتها توفيت بعد أن انتزعها زوجها من بين يدي شقيقته ورماها بقوة على الأرض بعد شجار معتاد بينهما، مما أدى إلى ارتطام رأس الرضيعة وإصابتها بجرح غائر تسبب لها في نزيف داخلي توفيت على إثره في الحال. بعد الاستماع إلى الطرفين وتعميق البحث معهما كل على حدة، تبين لقاضي التحقيق أن القضية تتعلق بجريمة قتل، وليس بحادث عرضي كما يدعي الزوج، ليقرر إحالة القضية مجددا على أنظار الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بأكادير .
إطلاق سراح الزوجين معا أعاد قاضي التحقيق باستئنافية أكادير البحث التفصيلي مجددا مع المتهمين، وتم وضعهما رهن السجن الاحتياطي بأيت ملول في انتظار انتهاء جلسات التحقيق، التي استمرت لأزيد من شهرين، حيث تمسكت الزوجة باتهامها للزوج بالضلوع في قتل الرضيعة، فيما أنكر الزوج اتهام زوجته له طيلة جلسة البحث، غير أنه وخلال الجلسة الأخيرة التي انتهت أطوارها قبل أسبوع، وبشكل مفاجئ اضطرت الزوجة تحت إكراهات عائلية كبيرة، تقول مصادرنا، إلى تغيير موقفها من القضية، لتقر أثناء جلسة الاستماع بأن الرضيعة توفيت جراء سقوط مفاجئ، وأن الزوج ليست له يد في قتل الطفلة الصغيرة، ليقرر بعدها قاضي التحقيق إطلاق سراح الزوجين معا ومتابعتهما في حالة سراح، في وقت أكدت المصادر ذاتها أنه لم يتم الاستماع إلى إفادات بعض الشهود الذين عاينوا النزاع الذي جرى بين الزوجين، من ضمنهم شقيقة الزوج التي تعتبر الشاهدة الرئيسية في القضية. هذا في وقت لم يصدق فيه كثير من المهتمين بالشأن المحلي بالمنطقة، خبر إطلاق سراح الزوج رغم وجود دلائل قاطعة تؤكد ارتكابه جريمة قتل طفلة رضيعة بدون أن تثنيه عن ذلك عاطفة الأبوة، وكذلك الشأن بالنسبة للأم التي تخلصت من عذاب الضمير من أجل إرضاء عائلة زوجها.