قرر الاتحاد الأوربي في الفترة الأخيرة أن يعمل على تغيير سياسة إسرائيل في المنطقة (ج) وتعميق مشاركته في مساعدة السكان الفلسطينيين والسلطة في هذه المنطقة. وقد تم اتخاذ القرار بناء على تقرير سُلم إلى الاتحاد من رؤساء المفوضيات الأوربية في القدس ورام الله. يقول التقرير الداخلي إن سياسة إسرائيل في المنطقة (ج) إذا لم تتوقف أو تتغير فسيختفي احتمال حل الدولتين في حدود 1967. «الشيء المميز في هذا التقرير أننا جميعا مشاركون فيه ونوافق على نصه»، قال يوم الخميس لصحيفة «هآرتس» دبلوماسي أوربي. وأضاف أن «للحكومات في أوربا مواقف شتى من الوضع، في حين تمثل هولندا جانبا مناصرا جدا لإسرائيل، وإيرلندا الجانب الثاني، لكن الجميع اتفقوا على هذه الوثيقة. تقول إسرائيل دائما إن لها في أوربا دولا عدوة، لكن لها دول صديقة أيضا. ونحن نقول إن الدول الصديقة تعتقد هذا الاعتقاد في ما يتعلق بالوضع في المنطقة (ج)». يذكر القسم الحقائقي من التقرير أن نتائج السياسة الإسرائيلية في المنطقة (ج) التي تشكل 62 في المائة من مساحة الضفة الغربية هي «ترحيل قسري للسكان أبناء البلاد». ويقول التقرير إن 5.8 في المائة فقط من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، وعددهم نحو من 150 ألف إنسان، يعيشون في المنطقة (ج) بسبب سياسة إسرائيل. وفي غور الأردن، التابع في 90 في المائة من مساحته للمنطقة (ج)، عدد السكان يصل إلى 56 ألفا، 70 في المائة منهم يعيشون في أريحا التي تُعرف بكونها من المنطقة (أ). وهذه المعطيات بارزة بصورة خاصة لأن التقرير يذكر أنه قد عاش في غور الأردن قبل 1967 بين 200 ألف و320 ألف فلسطيني. في 2011 استقر رأي رؤساء المفوضيات الأوربية على حصر العناية في المنطقة (ج) لا في الوضع في القدسالشرقية فقط كما فعلوا في السنين الأخيرة، وهذا أول تقرير مشترك بينهم في هذا الشأن. يقول الدبلوماسي: «نشأ التقرير عن شعور بالتعجل ويرمي إلى التعبير عنه». زيادة على الخطوات المطلوبة من الاتحاد الأوربي في الجانب السياسي، يقترح التقرير أيضا تعميق المشاركة في خطط مساعدة مختلفة تقوي قدرة السكان الفلسطينيين على الثبات في وجه السياسة الإسرائيلية. إن صورة وإيقاع تطبيق التوصيات التي تم تبنيها متعلقان الآن ببروكسل، لكن الحديث، حسب تقدير دبلوماسي أوربي آخر، ليس عن إعمال قوية حاسمة بل تدريجية وبطيئة. لا توجه الوثيقة، التي عنوانها «المنطقة ج وبناء الدولة الفلسطينية»، انتقادا إلى إسرائيل وحدها بل إلى السلطة الفلسطينية أيضا التي لم تصرف انتباها كافيا إلى المنطقة (ج) في خططها الوطنية. «إن خطة الإصلاح والتطوير الفلسطينية ل(2008-2010) لم تكد تأخذ المنطقة (ج) في حسابها، ولم تقدم توصيات بكيفية العناية بحاجات السكان. وبنفس القدر، لا تبين خطة التطوير الجديدة (2011-2013) كيف يهتم الفلسطينيون بعلاج المنطقة (ج) وخط التماس وشرق القدس». مع ذلك، تذكر الوثيقة أنه في الخطة لسنتين التي صاغها رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض لبناء مؤسسات الدولة، كانت هناك مشروعات لتطوير بُنى تحتية في المنطقة (ج)، لم يُستطع تحقيق كثير منها لأن إسرائيل منعت تنفيذها رغم جهود الرباعية والاتحاد الأوربي وغيرهما. تصف الوثيقة ذات ال16 صفحة، في الجزء الكبير منها، الوضع المادي والقانوني الذي يسود المنطقة (ج)، وسياسة تخطيط إسرائيلية تشجع بناء مستوطنات وتمنع بناء فلسطينيا، وهدم بيوت بُنيت بلا رخص لأنه لم يكن هناك مفر من ذلك، ومنع تطوير بنى تحتية، وقيود حركة، ومنع الوصول إلى الماء والموارد الطبيعية وغير ذلك. وتعتمد المعطيات المعروضة فيها على تقارير جارية مفصلة وواضحة كتبتها في السنتين الأخيرتين منظمات مختلفة للأمم المتحدة ومنظمات تطوير دولية والبنك الدولي، حذرت فيها من تدهور وضع السكان والتأثيرات السلبية في الاقتصاد الفلسطيني. إن استقرار رأي رؤساء المفوضيات الأوربية مثل جسم واحد، على حصر العناية في المنطقة (ج) هو استمرار مباشر لنشاط جماهيري حثيث من منظمات حقوق إنسان ومنظمات تطوير فلسطينية ودولية، فقد لاحظت هذه أنه بسبب الحظر والقيود الإسرائيلية على التطوير في المنطقة (ج)، أصبحت الدول المانحة أقل ميلا إلى أن تصرف أموالها على مشروعات في هذه المنطقة وحصرت عنايتها في المنطقتين (أ) و (ب)، واتهم ناشطون فلسطينيون بصراحة الدولَ المانحة بتعاون على علم مع السياسة الإسرائيلية لإحداث جيوب فلسطينية منفصلة.