استمعت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمدينة الدارالبيضاء صباح يوم الجمعة الماضي إلى بعض الفاعلين الجمعويين بمنطقة أكيوض بمراكش، بخصوص شكايتين تقدمت بهما الهيئة الوطنية لحماية المال العام إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف تطالبه فيهما بالتحقيق حول ممتلكات محمد الحر، النائب الثالث لرئيسة المجلس الجماعي لمراكش، وصرفه 15 مليار سنتيم من ميزانية المجلس الجماعي لمدينة مراكش، في إطار التفويض الذي منح له من طرف رئيسة المجلس الجماعي، وهو المبلغ الذي ينفيه الحر، ويؤكد أن ما صرف خلال تلك الفترة لم يتجاوز 6 مليارات سنتيم. التحقيق، الذي استمر أزيد من ثلاث ساعات مع كل من محمد بنبلا، رئيس جمعية أمل الكدية للبيئة والتنمية، وعبد الإله ركمي، الفاعل الجمعوي بمنطقة أكيوض الكدية، انصب حول المعطيات التي وردت في رسالة هذه الجمعيات إلى الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب- فرع مراكش، حيث أكدت الرسالة، التي تتوفر «المساء» على نسخة منها، أن محمد الحر، نائب فاطمة الزهراء المنصوري عمدة المدينة الحمراء، كان «مجرد رصاص (بلومبيي) ولا يملك سوى منزل بحي أكيوض، ودراجة نارية من نوع «بوجو سيتي»، وصندوق به الأدوات اللازمة لمهنة رصاص»، إلى أن أصبح من بين «أثرياء مراكش». وأشارت الرسالة ذاتها إلى أن نائب عمدة مراكش، والعضو الحالي بحزب الاتحاد الدستوري، «راكم أموالا طائلة خلال مسيرته الانتخابية كمستشار جماعي، علما بأنه لم يرث شيئا عن والديه، ولم يكن يزاول أي عمل خلال فترة انتخابه بالمجلس الجماعي». وكشفت عن ممتلكات الحر، التي هي عبارة عما يزيد عن 20 عقارا بمنطقة أكيوض الكدية وخارجها، وسبعة منازل، وفران ومخدعان هاتفيان، وأربعة مستودعات (كراجات)... منها ما لازال في اسمه ومنها ما أضحى في اسم أشقائه وأبنائه. وأصر محمد بنبلا على ضرورة التحقيق مع محمد الحر حول مصدر ثروته، والطريقة التي راكم بها هذه الثروة، مؤكدا أن تقديم هذه الشكايات من الجمعية التي يرأسها ضد محمد الحر لا يعدو أن يكون «ممارسة لمواطنتنا وللحقوق التي كفلها لنا الدستور الجديد»، مشيرا إلى أن بعض مقتضيات الدستور الجديد تدعو إلى ربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة. كما استمعت الفرقة الوطنية بالدار البيضاء إلى عبد الإله ركمي، الفاعل الجمعوي بمنطقة أكيوض الكدية، الذي أكد، من جهته، وزكى كل ما جاء على لسان محمد بنبلا، رئيس جمعية أمل الكدية للبيئة والتنمية، وطالب هو كذلك بضرورة إجراء بحث معمق حول مصدر ثروة محمد الحر. ووقف المحققون على تأشير نائب رئيسة المجلس الجماعي لمراكش على مجموعة من الأداءات لصالح بعض المقاولات والشركات، التي لها مستحقات لدى المجلس الجماعي، حيث اتهم محمد بنبلا نائب العمدة ب «انتقاء هذه المقاولات وإعطائها الأولوية»، في حين «لم يتم دفع مستحقات العديد من الشركات الأخرى التي توجد ملفاتها بمكتب العمدة، ولمدة طويلة ولم تحسم فيها»، مؤكدا أن هذه العملية «شابتها الزبونية والمحسوبية من طرف النائب، ومن المحتمل أن يكون قد استفاد من امتيازات مادية مقابل التأشير على هذه الأداءات، وصرف هذه المستحقات لفائدة هذه المقاولات». وأكد المحقق معهم للمصالح الأمنية أن قيام محمد الحر بمراجعة الأثمنة مع شركة النظافة «بيزورنو»، المفوض لها تدبير قطاع النظافة بدائرة المدينة، أمر لا حق له فيه، على اعتبار أنه «ليس من اختصاصه، بل من اختصاص النائب الثاني لرئيسة المجلس الجماعي، عدنان بنعبد الله»، معتبرا أن قرار مراجعة الأثمنة مع شركة النظافة «قرار استراتيجي كان من الواجب على محمد الحر عرضه على أنظار مكتب المجلس الجماعي من أجل البت فيه». وفي تعليقه على ما ورد في الرسالة من معطيات خطيرة، قال محمد الحر، النائب الثالث لعمدة مراكش، إنه هو من طلب دخول الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش على الخط عندما طلب منه التحقيق في الموضوع وفي ممتلكاته الخاصة، مشيرا إلى أن «المحلات القليلة التي أمتلكها» هي نتيجة «عملي كمقاول منذ أزيد من 25 سنة». واتهم الحر في اتصال سابق مع «المساء» جمعيات ومنافسين انتخابيين بالوقوف وراء «محاربتي بطريقة ملتوية وغير شريفة»، مؤكدا استعداده للمحاسبة. ووجه نائب العمدة رسالة إلى «من يهمهم الأمر»، الذين قال إنهم اغتنوا بطريقة غير شرعية ويسبحون في الأمية، حيث أكد أن بعض المنتخبين يمتلكون عقارات وأموالا يجب الوقوف على مصدرها، خاتما حديثه بالقول: «أنا نائب لعمدة مراكش مرتين ومع ذلك لم أغتن مثل بعض المنتخبين».