تفيد مجموعة من المؤشرات الاقتصادية بأن أزمة العقار بالمغرب صارت حقيقة وليست فرضيات، خصوصا إذا نظرنا إلى وتيرة نمو أسهم الشركات العقارية المدرجة ببورصة الدارالبيضاء. وهي حقيقة لم تعد تخفيها التصريحات الرسمية، ولا التعتيم الذي يلجأ إليه بعض المنعشين، وخاصة الكبار منهم، بدعوى أن شيوعها، حسب أحد الموثقين، من شأنه أن يزيد من تقلص الطلب وتضييق الخناق عليهم من طرف البنوك. فقد كشف مدير مركزي بإحدى كبريات البنوك أن مؤسسته بدأت تحس بصعوبات الأداء لدى بعض المنعشين العقاريين، معبرا عن تخوفه من أن تعمم الحالة. ولم يخف هذا المدير، في تصريح ل«المساء»، أن الإدارة المركزية للبنك، وتحديدا مديرية القروض، أصبحت أكثر تشددا في التأشير على طلبات القروض وصارت تطالب بضمانات لم تكن تطلبها سابقا. ومن تجليات الأزمة العقارية أنه في أقل من شهر فقدت شركة الضحى حوالي30% من قيمتها التي لم يتجاوز تداولها في حصة 7 أكتوبر 141 درهما للسهم الواحد، وهو أدنى مستوى لسعر أسهم الضحى منذ ولوجها البورصة قبل أزيد من سنتين (حتى ولو ضاعفنا الرقم عشر مرات ليعادل القيمة الإسمية القديمة). ورطة شركة الضحى تتضح من خلال النتائج الصافية نصف السنوية المعلنة مؤخرا، والتي لم تتجاوز 350 مليون درهم، مقابل توقعات المجموعة التي أعلنت سابقا أنها ستحقق أرباحا تبلغ ملياري درهم. ويتضح من خلال الفرق بين الحصيلة والتوقعات أن هناك بوادر أزمة إن لم نكن قد دخلناها فعلا. وقد تلاقي مجموعة الصفريوي مشكلا حقيقيا في تسويق منتوجاتها الفاخرة التي استثمرت فيها بكثافة مؤخرا، وهذا ما يفسر نزول المجموعة بكل ثقلها في مجال الإعلانات لعدة مشاريع دفعة واحدة (رياض الأندلس الرباط، فال فلوري طنجة، إقامة الكولف القنيطرة، إقامة كاب سبارطيل طنجة، إقامة المنزه...الخ). ولم تسلم من موجة الهبوط الحاد الشركات العقارية الأخرى المدرجة بالبورصة، كالوافد الجديد «أليانس» الذي فقد هو الآخر في أقل من شهر %26 من رسملته السوقية، بينما كانت خسائر الشركة العامة العقارية أقل ولم تتجاوز عن الفترة نفسها11%. ويأتي على رأس المتضررين منعشو السكن الفاخر، وبدرجة أقل السكن المتوسط، فيما لا يزال السكن الاقتصادي بمنأى عن هذه الأزمة حتى الآن. فبالنسبة إلى السكن المتوسط، يجمع خبراء القطاع على أنه سكن عادي ولا يرقى في مواصفاته إلى السكن المتوسط، إذ إن ارتفاع الأسعار بشكل جنوني جعل فئة من السكن الاقتصادي تسوق بسعر السكن المتوسط، وهكذا فإن الشقة الاقتصادية التي كانت تباع بثلاثين مليون سنتيم قبل سنتين فقط صار سعرها الآن خمسين مليون سنتيم وأكثر! هذا المعطى جعل الطبقة المتوسطة تعزف عن شراء الشقق، والنتيجة هي أن المنعشين العقاريين الذين تعاطوا لهذه الشريحة من الشقق أصبحوا في مأزق، فلا هم يجدون زبناء يقتنون «بضاعتهم» ولا هم قادرون على خفض الأسعار، لأن التزاماتهم مع الأبناك مبنية على أسعار محددة مسبقا. بينما تعرض العقار الفاخر لأضرار جسيمة، يتوقع أن تزداد استفحالا في المستقبل القريب.. التتمة في الصفحة الاقتصادية.